الكلاب.. من الانواع الراقية.. المدللة.. التي تحمل اسماء الدلع.. وتتناول الاطعمة المستوردة.. وتستحم بالشامبو. لا تعمل بالسياسة.. ومع ذلك فهي في مقدمة ضحا الثورات الشعبية التي تطيح بأصحاب الحل والربط.. عندما تتغير الاحوال وتتبدل الازمات وتزول النعم وتتوالي ضربات القدر. فعندما تسقط النظم الشمولية التي تمددت علي سرير السلطة لسنوات طويلة.. تسقط معها الطبقة السياسية من سكان القصور بخدمهم وحشمهم وسلطانهم.. وهذا طبيعي ومعقول.. ولكن المثير في الموضوع ان تسقط معهم مجموعة كبيرة من حيوانتهم الاليفة.. كالقطط والكلاب.. وحيواناتهم المفترسة كالاسود والنمور والتماسيح.. التي لا ذنب لها فيما جري.. ولا ندري سر هذا الشقاء المباغت وليس امامها سوي التطلع لما حولها في دهشة.. لتعرضها لعقوبة بلا ذنب.. في الوقت الذي تقضي فيه النواميس بأنه لا عقوبة بلا ذنب. جيش جرار من الكلاب والقطط يفقد سلطانه القديم.. وخلو البطن.. وانشغال اصحابها عنها بما هو أهم وأجدي.. وتصبح العناية القديمة بها نسيا منسيا.. ناهيكم عن البهاء والعز والابهة. والكلاب لا تشكو.. ولكنها تتألم.. بعد ان انتزعت عنها السلطة وهي تعبر عن حزنها بالصمت. انظر علي سبيل المثال إلي الحيوانات في قصر احدهم وهو صبري نخنوخ.. لقدعثروا في قصر نخنوخ وحده علي 5 اسود كبيرة داخل اقفاص حديدية منها 3 اناث و 2 ذكور وعدد 2 اسد رضيع عمرهما خمسة أيام و 3 كلاب من نوع ردفلر و 4 كلاب من نوع وولف وكلبين من نوع سيمتار وكلب بوكسر كبير ومجموعة من الحيوانات الاليفة.. ينفرد بها نخنوخ ولا يشاركه فيها أحد. ويبدو وفقا لما نشرته الصحف ان السلطات الحكومية لم تكن تعلم بوجود هذه الحديقة من الحيوانات وأن الصدفة وحدها هي التي قادت لاكتشاف كل هذا العدد من الحيوانات وأن القبض علي نخنوخ جاء ايضا بمحض الصدفة.. في اشارة الي أن الإجرامي البائد لم يكن يعلم بوجود كل هذه الحيوانات المفترسة لدي المواطن نخنوخ.. في الوقت الذي دخلت فيه الراقصة هياتم السجن.. لانها زورت في تاريخ ميلادها.. وذكرت علي غير الحقيقة.. أنه لم يسبق لها الزواج!!. القوانين عندنا.. انتقائية.. والمستويات لا تعرف سوي حياتهم. لا أحد يعرف كيف دخلت الاسود البلاد.. كما لا نعرف من الذي سرق لوحة زهرة الخشخاش.. والمهم الآن ان حيوانات نخنوخ تتحرك في دائرة البؤس والأحزان.. بعد أن زال عنها العز القديم ودخلت ذكر القضايا والتحقيقات وهي التي كانت علي رأس كل منها ريشة! وإذا تأملنا قضية الكلاب والقطط.. التي افقدتها الظروف السياسية مكانتها القديمة.. نجد أن اللألاف من هذه الحيوانات الاليفة تستحق اهتمام جمعيات الرفق بالحيوان.. لانها تعيش بلا صاحب يدللها ويداعبها وتعاني ما يمكن ان نطلق عليه ذل الكلاب وما ادراك ماذل الكلاب. رأيت ذل الكلاب لأول مرة في شوارع برلينالشرقية في قصة تستحق الرواية. بعد أيام قليلة من انسحاب قوات حلف وارسو في المانياالشرقية.. بعد اتفاقية الوحدة بين الالمانيتين وعودة جميع قوات الحلف الي الاتحاد السوفيتي.. كنت اتجول في شوارع شرق برلين.. عندما لاحظت وجود أعداد كبيرة من الكلاب الضالة ترتع في الشوارع.. وتنتقل من رصيف لرصيف.. ومن صندوق قمامة لآخر وهي ظاهرة عجيبة لا تعرفها الدول الراقية في شرق العالم أو غربه علي اساس أن الكلاب حيوانات خلقها الله سبحانه وتعالي.. وهي لا تصيب الانسان بالضرر.. بل هي تألفه وهو يألفها.. وبالتالي فهي صورة لما يتعين أن يكون عليه السلام بين مخلوقات الله علي الارض بصرف النظر عن جنسها أو لونها.. أو النمط الذي خلقها الله عليه.. الكلاب في المانيا تعيش في احضان البشر.. لدرجة ان زميلاً لي في باكستان قال في انه عندما زار المانيا لأول مرة تصوران النساء في المانيا يلدن كلاباً.. عندما لاحظ ان كل سيدة تحمل أو تجر خلفها كلبا المهم.. ان الكلاب التي كانت تواجه التشرد في برلين.. كانت من الأنواع الغالية الثمينة التي تبدو عليها علامات العز الزائل.. الامرالذي لفت نظريه. للسؤال عن مصدر هذه الكلاب الضالة التي تهيم في الشوارع بلا رفيق ولا صاحب.. فعلمت الآتي: قالوا لي: لقد انسحب جنود وضباط حلف وارسو من برلين وانصرفوا لحال سبيهلم عائدين الي الاتحاد السوفيتي دون ان يصحب اي منهم قطته المدللة.. أو كلبه المفضل الذي كان يلقي من كل الوان الاهتمام والتدليل.. تركوا القطط.. والكلاب.. واستقلوا الطائرات وعادوا الي الاتحاد السوفيتي. تركوا الكلاب تبحث عنهم.. لدرجة ان الغالبية العظمي من هذه الكلاب توجهت إلي المعسكرات السابقة.. سيرا علي الاقدام. (طبعاً) ووقفت علي الابواب في رحلة البحث عن اصحابها من الانذال.. بلا جدوي. لاحظت في تلك الايام المئات من الكلاب المدللة.. ومن الانواع الغالبية.. تبحث عن طعامها في صناديق القمامة.. وهي في حالة يرثي لها في القذارة والعفونة.. وكأنها لم تستحم يوما.. بالشامبو.. ايام العز القديم المتمثل في تقسيم المانيا علي الدول التي انتصرت علي هتلر في الحرب العالمية الثانية. جميع الشوارع المحيط بالمنطقة الراقية التي كانت تقيم بها عائلات ضباط وجنود حلف وارسو امتلأت بالكلاب التي تبدو عليها أثار العز القديم الزائل في مشهد يدعو للتأمل.. ويؤكد ان العز لا يدوم وأن الزمان لا يجمح بالانسان فحسب.. وانما بالكلاب ايضاً.