في ختام اجتماعات المنظمة الدولية لشئون اللاجئين بجنيف يوم الخميس الماضي أعلن انطونيو جيتريس مفوض الأممالمتحدة انتخاب مصر لأول مرة رئيسا للجنة التنفيذية للمفوضية لمدة عام يبدأ من أكتوبر الحالي، وسيقوم بهذه المهمة السفير هشام بدر الذي سيتولي رئاسة اللجنة. ويأتي اختيار مصر تقديرا لمكانتها وقدراتها علي القيام بهذه المهام في المنظمات الدولية في ظل ظروف غاية في الحساسية والمعاناة للاجئين الذين أُجبروا علي العيش كمشردين وضحايا للعنف بمختلف أشكاله وتطبيق شريعة الغاب التي تسود زمن الحروب، وحرمانهم من أقل حقوقهم في التعليم والخدمات ولو حصولهم علي كوب ماء نظيف، لانهم يعيشون كمنبوذين في الدول التي يلجأون اليها وأحدث هذه النماذج ما شهدته فرنسا مؤخرا بسبب المخاوف الامنية. وكم هو صعب علي الإنسان أن تُجبره الظروف علي الفرار من وطنه ويترك سكنه تاركا خلفه كل ما يملك من ارتباط بالمكان والأهل والاحباب والذكريات بسبب الحروب والصراعات العرقية والعنف والاضطهاد.. وقد يذهب اللاجئ إلي دول تُحسن وفادته وتحتضنه وتقدم له المساعدات الإنسانية تقديرا لظروفه التي لا دخل له بها.. ودول اخري تعتبره شخصا غير مرغوب فيه كمسئول عن تهديد الأمن والصحة والسلام الاجتماعي.. وتبلغ المأساة قمتها عندما لا يجد »الوليد« دفترا لتسجيله منسوبا إلي وطنه بينما الأم والابنة يتعرضان داخل المخيمات للاغتصاب، والرجال يواجهون القتل من العصابات. وتشير مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين إلي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي تخرج منها اعداد كبيرة بسبب الموقف المعقد، ووضع الفلسطينيين والعراقيين.. وتري المفوضية ان علي رأس التحديات التي تواجهها التوفيق بين حماية اللاجئين ومصالح الأمن الوطني للدول المضيفة. وإذا استعرضنا خريطة اللاجئين نجد ان مصر تستضيف طالبي اللجوء من العراق واريتريا والصومال والسودان ودول اخري في افريقيا وهم يحاولون الاخذ من مصر معبرا إلي إسرائيل، ودائما تفشل ويتم القبض عليهم.. ومن هنا يأتي علي قمة الأولويات للمفوضية في ظل رئاسة مصر السعي لتسجيل وتحديد أوضاع اللاجئين وبناء نظام لجوء وطني ثابت بمعايير دولية، ودعم الدول النامية التي تستضيف اللاجئين وامتداد المساعدات لمنكوبي الكوارث الانسانية. ان المنظمة الدولية تضع العالم المتقدم والدول المضيفة امام مسئولياتها بعد ان رصدت وجود 03 دولة تُصّدر اللاجئين، من بينها 62 سكانها يعيشون تحت خط الفقر بسبب الظروف القهرية التي أدت إلي تشريد 52 مليونا تركوا أوطانهم وتسبب ذلك في حرمانها منهم كطاقة انتاجية، في الوقت الذي تتعامل معهم الدول المضيفة كهجرة غير شرعية وتسيء معاملتهم. ان القضية تتطلب تعاونا دوليا لعلاج الظروف غير الانسانية للاجئين والتدخل لإنهاء الصراعات والانقسامات والحروب ليتحقق الاستقرار الآمن في هذه البؤر. وهنا يقول الفنان عادل إمام سفير النوايا الحسنة لشئون اللاجئين »ان الله لم يخلق الإنسان وحيدا بل خلق معه الآخر داعيا للتبرع ومساعدة اللاجئين«.