لا تشتر من متجول ولا تعط متسولا.. هذا هو الشعار الذي رفعته مباحث السكة الحديد ومترو الانفاق، داعين المواطنين إلي مقاطعة الباعة الجائلين و المتسولين، لانهم يشوهون المظهر الحضاري لمحطات السكة الحديد والمترو، ويضايقون الركاب، كما انهم اعداء النظافة، يتركون المخلفات و المهملات في كل مكان، إلي جانب انهم يحتلون الارصفة ويتسببون في الزحام الشديد وتعطيل حركة السير وإعاقة المارة، وهذا الشعار جميل في حد ذاته، ولكن هل من السهل تنفيذه؟ فالبائع المتجول لا يترك الزبون في حاله، ويظل يلاحقه، ويلح عليه حتي يجبره علي الشراء، فيضطر إلي الاذعان ليس لحاجته إلي السلعة ولكن لكي يتخلص منه وبالنسبة للباعة الذين يفرشون بضاعتهم علي الرصيف، فهم لا يكفون عن الصياح عليها ودعوة المواطنين إلي الشراء منهم مما يملأ المحطات بالضجيج والصخب، أما المتسولون الذين يجلسون بملابسهم الممزقة والرثة، واطفالهم الصغار من حولهم يأكلون ويقضون حاجتهم علي الرصيف، أو يطاردون الركاب، فان هذه المناظر المؤذية يحرص الزائرون الاجانب والسائحون علي تسجيلها بالتقاط الصور الفوتوغرافية لها، خاصة انهم لا يشاهدون مثلها في بلادهم، فالشحاذ هناك تجده لا يمد يده للاستجداء لمجرد الاستجداء، ولكنه غالبا ما يقدم لك شيئا في مقابل الصدقة التي يأخذها منك، فتراه يعزف لك علي الجيتار أو العود أو يرسم لك صورة، أو يغني إحدي الاغاني الشهيرة.، و الشحاذ في جميع الحالات يكون مظهره حسنا فهو يرتدي ملابس رخيصة ولكنها نظيفة! ونحن لم نصل في مصر إلي هذا التقدم الحضاري في عالم الشحاذة والتسول، ومازال الشحاذ عندنا يظهر في الشوارع والأماكن العامة بملابسه الرثة ورائحته الكريهة وشعره الاشعث، ويطاردك ويلح عليك في السؤال حتي لا تجد مفرا من الاستجابة له. وعلاج هذه المشكلة، هو بالدرجة الأولي مسئولية الحكومة، فإما ان تنشئ للباعة أكشاكا حضارية داخل محطات المترو والسكة الحديد وتؤجرها لهم بإيجارات رمزية وإما أن تحكم الرقابة علي منافذ المحطات بحيث لا يسمح بدخول هؤلاء الباعة والمتسولين، وهذا الأمر ليس سهلا سيحتاج إلي جهود مضنية ومثابرة حتي يمكن السيطرة عليهم، ومن واجب الحكومة أيضا ان تلتفت بشئ من الاهتمام إلي هؤلاء المتسولين وتحاول أن تساعدهم، فهي مسئولة عن توفير الطعام والكساء والحياة الكريمة لهم.