اليوم يمر اربعون عاما علي ذكري انتصار العاشر من رمضان.. رمز الانتصار الخالد علي إسرائيل.. الذي أعاد لنا وللعرب الكرامة وأنهي أسطورة جيش اعتبر نفسه لا يقهر.. في نفس هذا اليوم كان جنودنا الابطال علي الجبهة صائمين ومع دقات الساعة الثانية ظهرا بدأت ملحمة العمل والكفاح التي طال انتظارها وتزداد ساعات الصيام للأبطال علي خط النار.. ذكريات لاتنسي في هذا الشهر الفضيل.. حاولنا ان نسترجع بعضها مع عدد من ابطال حرب الكرامة ومع اسر الشهداء الذين مازالوا يتذكرونها كأنها كانت بالامس القريب . بطل موقعة رأس العش: الله أرسل لنا »برگة سمك « لإفطار الگتيبة في البداية تقول تفيدة الايوبي - زوجة الشهيد أحمد حمدي أحد أبطال حرب أكتوبر العظام والذي استشهد يوم 18 رمضان: تلقيت نبأ استشهاد زوجي الشهيد في اول يوم العيد.. كنت واطفالي نرتدي ملابس العيد في انتظار وصوله.. لم نكن نعرف اي اخبار عنه.. اخفي زملاؤه عني خبر استشهاده 12 يوما اكاملة.. لم يقدر احد ان يخبرني.. نزل الخبر علي وعلي اطفالي كالصاعقة.. كانت صدمة العمر.. مازلت كل عيد فطر اتذكر مشهد اعلاني بشهادته... عزائي لنفسي ان جزاءه باذن الله الجنة... 40 عاما مرت علي.. اطفال البطل كبروا وتزوجوا واصبح لي احفاد.. رفضت ان اتزوج من بعده وقررت ان اكرس حياتي لذرية هذا الرجل العظيم.. بطولاته تملأ آلاف الصفحات من الكتب ويحمل اسمه عشرات من المشروعات والمدارس والشوارع في مصر .. كان دائما في مقدمة جنوده وتم دفنه في موقع استشهاده الذي اقيم فيه النفق الشهير الذي يحمل اسمه والذي قام هو بوضع تصميماته.. واختير يوم استشهاده للاحتفال بيوم المهندس وكرمه الرئيس الراحل انور السادات ومنحه نجمة سيناء من الطبقة الاولي وتضيف زوجة الشهيد احمد حمدي كل هذه السنوات لم اشعر بمرارة وحزن الا عندما بدات اسمع الكثير من التطاول علي الجيش المصري واهانات لم اكن يوما اتخيلها قد تاتي من مصريين قاموا بثورة 25 يناير والتي وقف بجوارها جيشه وحماها ... كل اسر شهداء الحروب التي خاضتها مصر شعروا بالالم مع كل كلمة اهانة.. اقول لهم ارجوكم توقفوا.. اري الان الموقف كأن ابنا يسب اباه.. والاب يقف مكتوف الايدي لايريد ان يقسوعلي فلذة كبده.. متأكدة ان اسرائيل تطرب الان فرحا كما لم تفرح من قبل وهي تري اهانات توجه من ابناء مصر الي جيش شعبنا الذي سحق غرورهم في يوم من الايام... رسالتي الي كل مصري في هذا اليوم الذي نحتفل فيه بذكري حرب العزة والكرامة في الشهر الكريم.. توحدوا ولا تهينوا جيشكم.. نحن اسر شهداء الحروب لم يذق مثلنا احد مرارة وعذاب فراق من احببنا ونتمني ان نستمر في الحفاظ علي السلام.. لا نريد اي دمار اوحروب بلا مبرر.. نريد ان نعيش لنعمر هذه الارض وننطلق بها لنحقق امال من ضحوا بحياتهم من اجلها معونة الله ويروي حسين السيد البربري، من أبطال موقعة رأس العش وكان وقتها جنديا في سلاح الصاعقة ، قصة كتيبته مع الصيام قائلا: تدريبات الصاعقة في رمضان لم تكن مميزة عن غيره من شهور السنة منها العملي ومنها النظري، فمنذ التحقت بالصاعقة عام 1969 وحتي انتهاء فترة تجنيدي عام 1974 ورمضان لم يختلف، فما زال شديد الحرارة ولصيامه مشقة محبوبة حتي في أحلك الظروف، أذكر أنه أيام حرب الاستنزاف وبعد معركة رأس العش التي أسقطنا فيها الطائرتين الإسرائيليتين بمدافع محمولة قام العدو بعمليات انتقامية ضرب فيها موقعنا وتسبب في نفاد الطعام لفترة طويلة.. وتم حصارنا ما يقارب من ثلاثة شهور انقطعت خلالها وسائل الاتصال مع القيادة وبالطبع مع عائلاتنا، وكان هناك من ترك زوجته وهي حامل ومن ترك أسرته بلا عائل، ويتابع: في تلك الفترة كلما حاولت القيادة توصيل مؤن لنا قام العدو بضربها بمدافع الهاون، وتشاء إرادة الله وقبل رفع آذان المغرب بقليل كنت جالسا علي ترعة الإسماعيلية وإذا بمنسوب الماء يرتفع حتي قام بعمل بركة، ما إن شاهدتها حتي طلبت من زملائي بسرعة إحضار "كوريك" و" صفيحة " وأغلقنا الطريق وخلعت ملابسي لتصفية مياه البركة وملأنا منها ونحن مذهولون جوالا كاملا من سمك البلطي كان إفطار كتيبة عددها 260 فردا لم تأكل لمدة ثلاثة أيام... ومعونة الله وحده هي التي ارسلت لنا هذا البلطي التي يندر ان تخرج من تللك المساحة الصغيرة التي كنت اقف فيها نسينا أننا صائمون اما احمد محجوب احد ضباط سلاح المشاه في حرب اكتوبر فيتذكر يوم العبور ليلة العاشر من رمضان ويقول حتي لحظة الانطلاق والعبور لم نكن نشعر بظمأ أوجوع رغم أن الحرارة وقتها كانت كفيلة بأن تسقط طيور السماء مشوية، لم نشعر سوي بكلمة لها زئير ارتجفت معها القلوب ورددها المشاة "الله أكبر "،"الله اكبر" وكأنها إشارة البدء التي لم ندر إن كانت انطلقت بالفعل أم أن الحماس قذف بنا إلي الضفة الأخري للقناة . وفي خلال 18 ساعة كنا قد اقتحمنا الأرض المحتلة إلي العمق، ولم نشاهد خلالها جنديا إسرائيليا يدافع عن نفسه وجها لوجه، بل كانوا يحاربون من داخل دبابة أومدرعة أوداخل خندق " منتهي الجبن"، وعندما هدأ الامر تذكرنا أننا صائمون ولم نفطر بعد فأخرجنا التعيين " العجوة والبسكوت" وكان أحلي من الديك الرومي. وعن فرحة العودة يقول محجوب كانت تلك من أكثر اللحظات المؤثرة في حياتي عودة الروح حيث فقد أهلي الأمل في عودتي واعتبروني من الشهداء أذكر وقتها عندما دخلت إلي شارعنا قابلت صديقا لي وطلب مني أن أمهد لهم أمر عودتي لأن الفرحة قد تقتل أحيانا، وبالفعل سبقني إلي المنزل وبعد السلام علي الأهل والتحية أخبرهم بأنه وصلت له أخبار عن كوني علي قيد الحياة ثم أعقب ذلك بخبر عودتي وناداني وكان الموقف صعبا علي جميع أفراد أسرتي.. فرحة ودموع وعناق جماعي لا يمكن أن تنقله عدسة سينما كما حدث في الواقع 39 قتال ويقول اللواء محسن طه احد ابطال المجموعة 39 قتال وهي مجموعة قوات خاصة من قوات الصاعقة والبحرية أنشئت عقب نكسة يونيو67 تحت قيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي ان في العاشر من رمضان كانت الاوامر قد صدرت لهم بتجهيز ثلاث طائرات هيلكوبتر استعدادا لضرب مستودعات البترول في منطقة ابورديس لتكون أول طلقة مصرية في عمق إسرائيل تنطلق من مدافعهم.. ويتذكر اللواء محسن طه ايام الصيام ويقول لم نكن نشعر بالصيام أبدا.. الفرحة والسعادة بالعبور وتحقيق الانتصار والحلم كان طعمه يملأ بطوننا ويشحذ هممنا لنبحث عن المهمة التالية والتي كانت في مساء السابع من أكتوبر لتدمير مطار اسرائيلي بشرم الشيخ ثم رأس محمد وشرم الشيخ نفسها طوال الثامن من أكتوبر. ثم شرم الشيخ ثالث مره في التاسع من أكتوبر ثم مطار الطور الإسرائيلي في العاشر من أكتوبر والذي ادي الي قتل كل الطيارين الإسرائيليين في المطار. ثم عدنا لندك مطار الطور في 14 أكتوبر ثم ابار بترول الطور في 15 و16 أكتوبر كانت للهجمات علي ابار البترول اثر قوي في تشتيت دقة تصوير طائرات التجسس والأقمار الصناعية الأمريكية وهو تكنيك اثبت فعالية. ويضيف اللواء محسن طه قائلا ظلت هذه المجموعة تقاتل علي أرض سيناء منذ لحظة اندلاع العمليات في العاشر من رمضان وحتي نوفمبر ضاربين في كل اتجاه وظاهرين في كل مكان. من رأس شيطاني حتي العريش ومن شرم الشيخ حتي رأس نصراني وفي سانت كاترين وممرات متلا بواقع ضربتين الي ثلاث في اليوم بايقاع أذهل مراقبي الاستخبارات الإسرائيلية لسرعته وعدم افتقادهم للقوة أو العزيمة رغم ضغوط العمليات والصيام وعدم توافر الطعام.. كان الله معنا في كل خطوة وبارك لنا في هذا الشهر الكريم لنصنع معجزة الانتصار اما العريف ايمن بيومي فكان يخدم بكتيبة الإسعاف التي تضم الكثيرين ممن لم يبخلوا بحياتهم لإنقاذ الجرحي وانتشال رفات الشهداء علي خط نقل العديد من جرحي المدنيين وعلي خط النار، وكان المسئول عن نقل رفات الشهداء إلي أهليهم في الصعيد. وعن يوم 6 أكتوبر 1973 يقول لم يتوقع ما حدث، كانت الفرحة تغمرنا ، وتملأ كل أرجاء المدينة . كنا نقبل الجرحي والشهداء الذين كنا ننقلهم للمستشفيات، لم نكن نصدق ما حدث . ويؤكد أنه شارك ضمن فريق الصليب الأحمر في عملية فصل القوات المصرية والإسرائيلية بعد أحداث الثغرة في مطار فايد. ، ويقول ذات يوم كنت أحمل مصابا في حالة خطرة، وكان همي أن أصل به إلي المستشفي لذلك لم أعبأ بالتحذيرات بوجود قنبلة أسفل السيارة، وانطلقت مسرعا بالمصاب، ويوم استشهاد الفريق عبد المنعم رياض كنت أنا الذي نقلته إلي مستشفي الجلاء . وأضاف: المصيبة كانت كبيرة ، والذهول أصابنا الدموع تملأ العيون . والصراخ تحجر في حلوقنا، وكنا نسرع بالسيارة والحذر يترقبنا خوفا من رصد طائرات العدو للسيارة . هؤلاء الرجال سطروا ملحمة في التفاني والتضحية تستحق أن تروي للأجيال الحالية والقادمة ليوقنوا أن الأمان الذي نحيا فيه الآن لم يكن وليد اللحظة، انما راح ضحيته العديد. الكل شارك بحماس وقوة من أجل تحرير الأرض المباركة في سيناء.