هذه الكلمات أهديها لمن أحب، وفي حضرة من اصطفي قلبي هواها ولم يزل يهواها!! قليلة هي لحظات السعادة المسروقة من عمر الزمن صعبة ونادرة الحدوث في وقت يبحث فيه الإنسان عن لحظة مضيئة بالحب.. عشت هذه اللحظات بصدور كتاب جديد لي.. وهو أحب كتبي إلي قلبي وعقلي »إلي مجهولة العنوان« هذه الفقرة التي كانت علامة مميزة في يومياتي.. يعرفني بها قرائي ومحبي.. ولم يحدث أن تلقيت كمية رسائل من كل حدب وصوب مثلما تلقيت رسائل تسألني عن ماهية مجهولة العنوان ولمن أهديها وكانت اجابتي: هذه الكلمات أهديها إلي من أحب، وقد قلتها في حضرة من أهوي، وفي حضرة من اصطفي قلبي هواها ولم يزل يهواها، وقد كنت قبلها منفيا في مدائن العشق وما كانت بلاد الهوي تهواني!! هذه الكلمات أهديها إلي من رفرف لها الفؤاد وغني طروبا بأجمل كلام الغرام، عندما صنع الهوي من هوانا مخدعا من أوراق الورد ووسائد من غمام.. هذه الكلمات أهديها إلي من منحتني ثغرها، عندما منحتها كلامي المعطر بالأشواق وغازلت رياحي أنوثتها واشتعلت جوارحي عند شاطئ الجمال واللهيب، كانت قبلتها لها طعم الخبز والحليب! هذه الكلمات أهديها أنا ذلك الغريب المسافر في كل المواسم والفصول والراحل دائما في عيون من أحببت، وهي التي جعلت من غربتي وطنا وجعلني حبها مواطنا من الدرجة الأولي، وملكني هواها وأصبحت مع الأيام مليكا علي مدينة العشق!! هذه الكلمات أهديها إلي من تركت حبها من قلبي محفورا علي الجدران، ولم يشغلني عن هواها شواغل الزمان، ولم يبعدني عن حبها مكان، وأصبح الزمان والمكان وقلبي عنوانا لمجهولة العنوان!! ويكفيها أن عنوانها قلبي.. تلك المعروفة لي.. والمجهولة للناس.. وهبتني عذابها وجمالها وحبها وكلامها الحميم.. وعلمتني القراءة في العيون في لحظات الصمت.. وكانت كلماتها مبينة وحبها فصيحا.. وكانت دنيا بأكملها عرفت منها وفيها معني العطاء الضنين.. ومعني أن تمنح بلا حدود ومعني الغموض، ومعني المفاجأة ومعني السعادة والألم! تحية لكل من منحني هذه اللحظات السعيدة.. صديقي الحبيب عهدي فضلي رئيس مجلس الادارة، وبلدياتي الجميل الشكل والمضمون المهندس محمود سليم، ورئيس قطاع الثقافة المتألق سعيد عبده.. وكل من يهتم بقراءة كلماتي وتكون سببا بسيطا في إدخال السعادة علي قلبي وقلبه!! أهلا.. بالخريف الأحد: دعوني أشكر الله علي لحظة سعادة أعيشها في هذا الجو البديع، ولمسة البرد الخفيف تزورني فأشعر معها بفرحة غامضة استشعر بها جمال الطبيعة في كل شئ، وأحس أن الحياة قد تخلت عن قسوتها في هذا الموسم من كل عام، وأن الحياة لم تترك بعد حلاوتها وطراوتها وأن الجمال شئ أصيل فيها خصوصا بعد يأس منها عاش معي طوال موسم الصيف الذي أهلكتني فيه الحرارة والرطوبة.. أضف إلي ذلك عذاب الناموس والذباب والمجاري والتراب وانقطاع الماء والكهرباء، لحظة الحب الصوفية التي أغني فيها الآن للحياة وتجعلني أقبل عليها تجعلني ايضا اسأل أدباءنا الكرام الذين استوردوا لنا وصفا أوروبيا للخريف بحيث أنهم جعلوا منه موسما للكآبة وهذا يدل علي أن الشعور الصادق والرؤية الإبداعية غائبة عن وجدانهم في الخريف مع العلم أن هذا الموسم في مصر هو ربيع الحياة فيها.. موسم الخضرة الدائمة والناعمة أيضا.. وأوراق الشجر في مصر لا تسقط إلا في شهر أمشير وهو يوافق أواخر فبراير وأوائل مارس. وإذا كان أدباء أوروبا قد صوروا بصدق فصل الخريف علي أنه رمز للشحوب فهو في مصر موسم النضرة.. وأريد أن يدلني أديب واحد علي شجرة اسقطت أوراقها في موسم الخريف في بلادنا؟ إن فصل الخريف هو أكثر المواسم خصوبة للفكر والأدب والشعر، وكان الخريف ملهما لكتابنا وعنوانا للكثير من الأعمال الأدبية لكبار الأدباء والشعراء مثل »شمس الخريف« لمحمد عبدالحليم عبدالله، والسمان والخريف لنجيب محفوظ و»عاد الخريف« لصلاح ذهني، وأوراق الخريف لعزيز أباظة ولا تلوموا الخريف ليوسف عز الدين.. وكان الخريف ولايزال أيضا عنوانا لكثير من الأعمال الأدبية العالمية ولكن خريف أوروبا خريف حقيقي، وإذا جاء رمزا في الأعمال الأدبية العالمية فهو رمز لحقيقة موجودة أما إذا جاء رمزا في أعمال أدبائنا.. فهو رمز مستورد ويدل علي شئ غير موجود في حياتنا، مما يجعل كل متذوق للأدب لايستشعر عطر الصدق وأصالة الوجدان. أهلا بالخريف موسما ربيعيا للحب، وأهلا بزمن الشجن المقدس عند الأديب، وأهلا بصفاء النفس والإلهام والفرح الغامض.. أهلا بالخريف!! لمن أحكي كآبتي!! الاثنين: اعتذر للراحل الفرنسي العظيم »موباسان« ولكل من قرأوا قصته الشهيرة »لمن أحكي كآبتي«!! والتي يتحدث فيها لحصانه عن مأساة فقدانه لابنه بعد ان انصرف عنه الجميع ولم يستمعوا لأحزانه وأشجانه!! واسمحوا لي أن اشرككم معي أحزاني وإن كانت بسيطة بالقياس لأحزان الوطن.. منذ عدة شهور قامت محافظة الجيزة وحي الهرم الذي انتمي إليه باصلاح ميدان الرماية وما يحيط به من شوارع ومنها الشارع الذي اسكن فيه وهو شارع حدائق الأهرام.. ولأن الطريق الوحيد للذهاب إلي شارعي هو فتحة جانبية أمام المتحف المصري الكبير فيمتنع علي عربات الميكروباص والنقل الدخول إليها لأن الشارع للسكن ولا يوجد به مشروعات أو شركات أو حتي محلات للبقالة فقد »كان« وآه.. من كان منطقة هادئة للباحثين عن الراحة من أمثالي في هذا العمر وفي مثل هذه الظروف الصحية وبناء عليه فقد كانت هناك بوابة حديدية موضوعة تسمح بمرور السيارات الملاكي فقط ولا تسمح بمرور عربات النقل والميكروباصات وغيرها ولكن رفعت عند عمليات إصلاح ورصف الطريق ولم تعد إلي مكانها مرة أخري، وبالرغم من أن السائقين يعلمون جيدا انهم يجب ألا يمروا من هذا الشارع ولكنهم وبحكم انهم لا يحترمون القانون ولا يوجد عسكري مرور يعاقبهم.. فقد تحول الشارع كما سوق الخضار والسمك ليس بسبب الضوضاء فقط ولكن بسبب السباب والشتائم وقلة الأدب التي يتعرض لها السكان خاصة أن هناك عددا من الأجانب يسكن هذا الشارع. لقد تعرضت سيارة ابنتي الصغيرة لحادثة علي ناصية هذا الشارع في نفس المكان مرتين ونجت والحمد لله بأعجوبة من سيارتين للنقل.. في عام واحد.. وتحدثنا مع المسئولين في المرور وأرسلنا فاكسا لمحافظ الجيزة نشكو فيه مما يحدث ولا مجيب.. اعذروني إن كنت اتحدث إليكم عن »هم خاص« فالخاص هو جزء من العام وما يحدث لا يرضي أحدا.. فقط نريد ان يرد علينا احد ويقول ماذا نفعل.. هل نحضر عسكري مرور خاصا يقف في هذا المكان.. أم نغلق الشارع ولا نذهب لمنازلنا أم نبحث عن سكن آخر نجد فيه الهدوء وراحة البال التي افتقدناها! من وحي قارئة!! الثلاثاء: أرسلت لي قارئة تقول: سأقول لك ما قالته الشاعرة العربية فدوي طوقان لحبيبها: يا حبيبي/ نادني من آخر الدنيا ألبي/ كل درب لك يفضي هو دربي/ يا حبيبي أنت تحيا لتنادي/ يا حبيبي أنا أحيا لألبي/ صوت حبي/ أنت حبي/ أنت دنيا ملء قلبي/ كلما ناديتني جئت إليك/ بكنوزي كلها ملك يديك/ بينابيعي، بأثماري، بخصبي.. يا حبيبي. قلت لها: لا.. لن أعود.. أكتب إليك.. فوجداني مرهق.. وأوراقي ممزقة، وأحلي كلامي أطعمته للماء، ولم أعد استطيع جمع أوراقي من جديد بعد أن تركتها للبحر، وتركتني وحيدا للحر اللافح، وموج البحر يوم افترقنا!! وأنا يا من كنت حبيبتي لست صيادا للجواهر في أعماق البحار وأعلم أن بحورك عميقة وغريقة بالهموم ولقد سئمت السباحة في المياه الخطرة، فابحثي بعيدا عن صياد آخر.. أو انزلي البحر.. لعله يكون رحيما بك.. وقد تجدين في قاع البحر هناك الحب أو الموت!!