عندما اجتزت امتحان الصف الرابع الابتدائي وكنت والحمد لله من المتفوقين قررت ادارة المدرسه الحكومية التي كنت أدرس بها ان تنقلني الي الصف السادس مباشرة، دون ان التحق بالصف الخامس، وشمل القرار تلميذة أخري بالمدرسة كان ترتيبها الثاني، واخطرت المدرسة اولياء أمورنا بأن جميع نفقات الدراسة ستتكفل بها الادارة ولقي القرار استحسانا من والدي- رحمه الله- ومني طبعا لانه سيعجل بحصولي علي الدراجة التي وعدني بها أبي بعد نجاحي في الابتدائية في حين رفضت امي- أطال الله في عمرها، ومتعها بالصحة خوفا من الحسد.. واجتزت الامتحان بتفوق أنا وزميلتي، وحصلنا علي مجاميع تجاوزت أقراننا في المدارس الاخري. وكانت قوانين التعليم في هذا الوقت تسمح بنظام »النط« من الصف الرابع للسادس لمن يستطيع - علميا- واستفاد مئات التلاميذ من هذا النظام ووفروا عاما دراسيا من عمرهم.. ودخلنا الجامعة ولم نكمل ال21 سنة دراسية في التعليم قبل الجامعي. اكثر من ثلاثين عاما مرت والتعليم يسير من سييء الي اسوأ، ولم يتطور.. ولا احد يهتم بالطلاب المتفوقين، ولا يرعاهم ويشجعهم كما كان يحدث معنا زمان بل علي العكس هناك حرب ضد المتفوقين، وللنظر الي القرار »القراقوشي« الذي منع طلاب ال»I G« من الالتحاق بالجامعات الحكومية لانهم لم يمضوا 21 سنة في التعليم قبل الجامعي طبعا قرار عقيم ومحبط لكل مجتهد، فالطلاب الذين انتحروا في المذاكرة وسهروا الليالي وحرموا انفسهم من الفسح والاجازات ليحصلوا علي الثانوية العامة في عامين بدلا من ثلاثة، واجتازوا الامتحانات في كل مواد الاعوام الثلاثة تكافئهم الحكومة بحرمانهم من الالتحاق بكلياتها. لا أعرف من العبقري الذي أصدر هذا القرار ووضع هذه المادة في القانون ليحارب بها المتفوقين، وأهاليهم. واذا كان اولياء أمور هؤلاء الطلاب قد اثروا ان يستثمروا اموالهم في اولادهم بدلا من انفاقها علي شراء شاليهات او وضعها في مشروع استثماري او ادخارها في بنك، أو أي شيء آخر، فهل تعاقبهم الحكومة؟. كنت اتصور ان تشجع الحكومة اولياء الامور علي الاستثمار في تعليم ابنائهم كما تشجع الاستثمار في المشروعات الاخري، ولكن يبدو ان هناك من لا يستطيعون استيعاب أهمية التعليم، والتفوق، والنبوغ، والابداع. وظننت- وليس كل الظن اثم- ان الحكومة ستفتح المجال في المدارس الحكومية وتطبق نظام ال»IG« للطلاب المتفوقين مجانا لمن يستطيع ان يختذل سنوات تعليميه فالباب يجب ان يكون مفتوحا أمامه فليس هناك طابور للتفوق ولا اقدمية في الابداع والتميز. ابحثوا في المدارس عن المتفوقين، شجعوهم، تبنوا الموهوبين منهم، وفروا لهم كافة الامكانات.. اعطوهم ما يحتاجونه.. ضعوهم في المقدمه. فهؤلاء صانعوا المستقبل، ان اردتم ان يكون هناك ثمة مستقبل. ابدأوا بالسماح لطلبة ال»I G« المتفوقين بالالتحاق بالجامعات الحكومية. طبقوا الانظمة التي افرزت زويل ومجدي يعقوب، وفاروق الباز.، ولا تتناسوا ان كل هؤلاء تخرجوا في مدارس وكليات حكومية!.