د. على السمان حينما تأتي الكلمات علي لسان شخصية عامة تصبح بعد ذلك ملكاً للرأي العام ويصبح من حقه أن يستخدمها وتنتهي عندئذ ملكية قائلها، وفي المراحل الساخنة من الحياة السياسية هناك كلمات ينتصر بها أحد الأطراف وتنهزم بها أطراف أخري. أولاً: نقد موضوعي للمرشد العام والدكتور مرسي.. في اختيار "الكلمات".. أدهشتني تلك التعبيرات التي أتت علي لسان المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع والتي قال فيها حرفياً عن رجال الإعلام أنهم "سحرة فرعون" الذين أوعز الشيطان إليهم بالهجوم علي الجماعة، وأنا أقول بلغة عقل هادئة إلي إنسان أحترمه وأختلف معه أن الإعلام الذي انتميت إليه منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً في الداخل والخارج كان دائماً "شماعة" يلقي علي كاهلها كثير من السياسيين كلمات وأفكار نطقوا بها بالفعل وحينما تقوم العواصف ضد تلك التصريحات يلقي السياسيون بالمسئولية علي الإعلام تماماً كما فعل المرشد العام. وهنا أسمح لنفسي بنقد متعقل لبعض كلمات المرشد في هجومه علي الإعلام وأتساءل أمام وقائع محددة: هل الإعلام هو المسئول عن الخطيئة الكبري للبرلمان وحزب العدالة من ورائه عن الإصرار في بداية إنشاء الجمعية التأسيسة للدستور علي أن هذا شأن البرلمان وحده والإصرار علي اختيار أغلبية أعضاء اللجنة من أعضاء البرلمان ونقل الإعلام بطبيعة الحال الموقف كما هو والتصريحات كما قيلت والإجراءات كما اتخذت وانفجر غضب شرائح كثيرة من الرأي العام تؤمن أن عمل الدستور هو شأن شرائح المجتمع بأكملها وليس شرائح بعينها. فهل كان الإعلام هو المذنب حين قام بدوره في أن يعلم الناس؟ هل الإعلام هو المذنب في الهجوم الشرس من البرلمان علي حكومة د. الجنزوري والإصرار علي تحد لقواعد الإعلان الدستوري والتي تجعل اختصاص تعيين وإقالة رئيس الوزراء من اختصاص رئيس المجلس العسكري الذي مارس سلطات رئيس الجمهورية أثناء المرحلة الانتقالية، ثم جاءت ردود فعل حاسمة علي مستوي رئاسة الدولة تذكر الرأي العام والبرلمان بأنهم يخطئون في العنوان وفي جهة الاختصاص المنوط بها إقالة الحكومة، ومرة أخري أقول: هل كان سحرة فرعون هم أصحاب الموقف والكلمة والقرار الذي اتخذتموه؟ حين شن البرلمان حملة شرسة علي وزير الداخلية مصرين علي إقالته وهو من كبار المختصين في الأمن الجنائي الذي أدخل عددا كبيرا من البلطجية في بداية توليه إلي جحورهم قبل أن تأتي حملة البرلمان لتحد من دوره، ولا ننسي أن الحملة استمرت ضد وزارة الداخلية بوضع تشريع يسمي إعادة هيكلة وزارة الداخلية الذي أتحمل مسئولية الإقرار بأنه إذا طبق فسيكسر شوكة رجال البوليس والشرطة ولن نجدهم حين نحتاجهم كمواطنين لحمايتنا من الخارجين عن القانون ومرة أخري خرجت كثير من الأوساط تتهم البرلمان بالرغبة في السيطرة علي الاختصاصات والخطأ في اختيار الأهداف. هل الإعلام أيضاً هو المذنب حينما سجل تصريحات رسمية لقيادات الإخوان بأنهم لن يترشحوا لانتخابات الرئاسة وكتب كل ذلك وأعلن، وتأتي المفاجأة بعكس ما أعلن وتقدم المهندس خيرت الشاطر بالترشح وأصبح الرأي العام يؤمن أنكم تغيرون وبصفة دائمة المواقف حسب ما تحتاجه مصالح الجماعة. ومرة أخري أين كانت مسئولية الإعلام لتفجير ردود أفعال الرأي العام التي أصبحت متشككة في مصداقية مواقفكم وكلماتكم. ثانياً: اختيار موفق لكلمات الفريق شفيق.. "إعلامياً" وعلي مستوي آخر كان التوفيق بجانب الفريق شفيق حينما اختار نقاطاً محددة وكلمات توقف أمامها الرأي العام ومنها: أطالب المصريين أن يتفرغوا للبناء لا الانتقام. اختيار شفيق أن يعتبر المنافسين "شركاء لا خصوماً" كان تعبيراً عالياً جداً في التعريف والانتماء للديموقراطية وقام بتوجيه الشكر إلي كل المنافسين له في سباق الرئاسة. كان أيضاً حاسماً في الرد علي الاتهامات الظالمة بأنه رجل النظام السابق وأوضح أنه كان في خدمة الدولة وليس النظام، وذكرني ذلك أنه كان من أبطال أكتوبر الذي خطط ونفذ لتحرير الأرض، وأنه أيضاً جعل من منظومة الطيران المدني نموذجاً أمام العالم، فشهد له الخبراء بأنه أفضل من مطار شارل ديجول. أما حين يقول أنه لم يكن جزءاً من النظام السابق فكلنا يعلم أنه لم يكن عضو في الحزب الوطني ولا في لجنة السياسات ولا في المناورات التي هدفت إلي تحقيق مشروع التوريث، وهذا هو اختيار "رجال الدولة". تأكيد شفيق علي إعادة حق شباب الثورة إليهم بعد أن سرقت منهم بأن يكونوا في فهمي شركاء في بناء مصر الغد.