د. على السمان أولاً: حماية دور القضاء تابعت خلال الأيام القليلة الماضية الأعداد الهائلة التي تجمعت أمام مبني محكمة القضاء الإداري وداخل المبني وداخل قاعات القضاء، والهتافات العدائية لمؤسسات الدولة كلها، والصراخ واللافتات المقصود بها خلق عنصر ضاغط ومهدد لهيئة القضاء وحكمها. ورغم ثقتي في صلابة رجال القضاء إلا أن المناخ الهستيري والغوغائي الذي يخلقه الخارجون علي القانون يقلقني لما يسببه من وضع نفسي قاس لقضاتنا الأجلاء الأقوياء. وأسمح لنفسي بأن أقول بصراحة إن القضاة لم يدربوا وليس مطلوبا منهم أن يكونوا فرقة كوماندوز للتصدي للخارجين علي القانون والذين لا يحترمون منصة القضاء المهيبة. أقول بصوت لا يرتعش: أسمح لنفسي بعتاب لمن أحترمهم: المجلس العسكري، ووزير الداخلية، لماذا لم تصدروا أوامركم من اللحظة الأولي لقوات الأمن المركزي -وربما الشرطة العسكرية إذا لزم الأمر- لتحموا محاكمنا وقضاتنا الأجلاء قبل وأثناء وبعد صدور الأحكام؟ وأن تجبروا المتظاهرين أن يظلوا علي الأرصفة في الجانب المقابل لمباني مؤسسات الدولة كما تفعل الدول الديمقراطية الكبري مثل فرنسا؟ وأنا أفهم جيداً حينما طالبت منذ أسبوعين وزير الداخلية بأن يحرر ميدان التحرير من الخارجين علي القانون وفاجأني أن يأتي رده صباح الخميس رد وزير الداخلية الذي أعرف قدراته كأحسن خبير في الأمن الجنائي فيقول إنه علي استعداد أن يخلي ميدان التحرير في ساعتين بشرط أن تتفق التجمعات السياسية حول هذا المطلب. أنا أفهم جيداً ما يعنيه وزير الداخلية، فهو يريد أن يقول أنه لا يريد بعد أن يقوم بواجبه أن تأتي الأحزاب والتجمعات السياسية لتتهمه بالعنف في تأدية واجبه، وهذا هو "مربط الفرس". فعلاً المزايدون من السياسيين يريدون إشعال النار بالاتهامات الغوغائية لرجال الداخلية والشرطة بالعنف وحتي ولو كان ذلك لحماية الشارع والاستقرار واقتصاد مصر..!! ومع ذلك أقول للأخ العزيز وزير الداخلية لا تتردد في تأدية الواجب.. فحماية الشعب أهم من الاستجابة لمطالب المزايدين. وأقول للمشتغلين بالسياسة إن الرأي العام المصري قد فاض به الكيل وأصبحت أولوية الأولويات بالنسبة له ليست أهدافاً سياسية بل هي الأمن والأمان والاستقرار ولقمة العيش التي لن تأتي بدون دفع عجلة الإنتاج وعودة السياح وحماية غطاء البنك المركزي، وأن الأمن المركزي والشرطة العسكرية إذا نزلت إلي الشارع لتحقق هذه الأهداف ستحول شعب مصر بأكمله ليكون الذراع القوية التي ستحمي هيبة ودور الدولة اللذين بدونهما لن نستطيع الخروج من مربع الخطر القاتل والمهين لنا جميعاً. ثانياً: شكراً للواء حمدي بدين الذي يؤمن اللجنة العليا للانتخابات ولكن العتاب للمجلس العسكري ووزارة الداخلية لما حدث أمام مجلس الدولة لن يمنعنا من أن نوجه تحية تقدير وإعجاب للواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية لقيامه مع رجاله يوم السبت بحماية مقر اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة المكونة من أقدم قضاة مصر مما أدي إلي انسحاب أنصار أبو إسماعيل من أمام مقر اللجنة وذلك بالتعاون مع قوات الأمن المركزي. أريد وأتمني أن يعمم "نموذج اللواء بدين" لنحمي جميع محاكم مصر الموكل لها قضايا من هذا النوع. ثالثاً: أكاديمي الفكر ومنهجي التطبيق علي رأس محافظة الجيزة من يتابع أداء محافظ الجيزة د. علي عبد الرحمن سيجد في شخصيته نقطة تفرد فكونه رئيساً سابقاً لجامعة القاهرة كان من الممكن أن يقال إنه سيكون أكاديميا ونظريا في معالجته لمشاكل المحافظة، ولكن شاء حسن الحظ أن يكون تخصصه العلمي أنه مهندس إنشائي متميز، فجمع في أسلوبه في معالجة مشاكل المحافظة بين العلم والتطبيق. كما لا حظت في جلستين معه أن لديه أيضاً فكرا عصريا في التعامل مع فريق العمل فكانوا دائماً حوله في كل لقاء ويعطيهم الحق في الكلمة والمشاركة في القرار، كما لاحظت أيضاً أنه لم يغير الجهاز التنفيذي الذي حوله لمجرد الرغبة في التغيير بعد تعيين محافظ جديد مما يعني بالنسبة لي أن لديه فكرا استمراريا، ولن أنسي أيضاً اهتمامه بنشاط المجتمع المدني الذي تميزت به محافظة الجيزة وبالذات بعد مولد المبادرة الاجتماعية لنظافة وتجميل المحافظة بجهد خاص من المهندس محمد لاشين والسيدة هند عبدالمجيد والمدير المسئول للمشروع بداية من منطقة كوبري الجامعة وحتي منطقة كوبري الجلاء التي أصبح مظهرها نموذجياً وسيكون ذلك موضوع الأسبوع القادم.