لواء أركان حرب عبدالمنعم سعيد ساعدني الحظ أن دعيت لحضورندوة علمية اجتماعية عن أطفال الشوارع يقيمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تحدث فيها نخبة وكوكبة من العلماء ذوو الفكر المستنير ومن تخصصات متعددة. وعلي مدار يومين كاملين دارت جلسات الندوة بعد أن افتتحها فضيلة الاستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الذي تحدث عن أهمية الرحمة وأن المشكلة تجاوزت حد الازمة ودخلت حد الكارثة. كما أشار إلي ضرورة الاستفادة من بعض مناهج مشابهة الحالة إستفادت منها بعض الدول، كما طالب بسد المسارب بتطوير العشوائيات ومساهمة الجميع في حل المشكلة. كما تحدثت الاستاذة الدكتورة نجوي خليل وزيرة الشئون الاجتماعية وأوضحت ان اطفال الشوارع كارثة فعلية وأن المشكلة ليست في العدد فقط ولكن في أبعادها وتحتاج إلي عمل فعلي وتطبيق للدراسات والنتائج التي تصدرها الندوة وهي مسئولية الجميع. الحكومة والمنشآت الاجتماعية والمؤسسات الاهلية.. وبدأت الندوة فعالياتها فتناولت المحاورالمختلفة، موضوعات هامة تحدد طبيعة المشكلة وتعريف علمي لاطفال الشوارع والمخاطر التي تواجه المجتمع وأنسب الاساليب للمواجهة وقد برزت العديد من الموضوعات أثناء تناول المشكلة ومن أهمها أنها تعتبر من أكثر الأزمات خطورة في المجتمع المصري حيث ان المشكلة الاساسية تكمن في عاملين اساسيين هما الفقر والأمية نتج عنهما ما يعرف بثقافة المنحرفين.. وبالرغم من أن الإحصائيات التي ذكرت بالندوة غير دقيقة وتذبذبت الارقام بين عدة ملايين وعدة آلاف إلا أنه علي كل حال لابد من تدقيق التعداد الحقيقي الواقعي للظاهرة في الفترة القادمة - كما أثير ارتباط الموضوع بالأمن العام والأمن الوطني وضرورة مواجهة المشكلة بإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال اجتماعياً وتربويا واستثمار طاقاتهم ومواجهة الاثار الناتجة عن المشكلة ولا يجب ان تقتصر علي المواجهة الأمنية فقط. وتبين من خلال الاحصائيات التي وردت بالدراسة أن هناك عدة مئات الأطفال ليس لهم هوية ويحتاجون الي استخراج شهادات ميلاد وبطاقة رقم قومي عندما يصلون الي عمر 61 عاماً - كذلك ظهر ان البعض منهم متسربون من التعليم ويحتاجون إلي نظام خاص لاستكمال تعليمهم ومنهم أطفال ذوو احتياجات خاصة ويتطلب الامر انشاء قري خاصة بهؤلاء الأطفال كما برز ان قانون الطفل يحظر العمل لمن سنهم اقل من41 سنة ويحرم استخدام الاطفال في أعمال غير اخلاقية ويحتاج الامر الي اعادة نظر في تلك القوانين. كما اشارت بعض الدراسات الي العديد من المقترحات الهامة مثل ضرورة تجفيف المنابع لحل المشكلة والاستفادة من أموال الزكاة والوقف الخيري وإنشاء مؤسسات إيوائية مع بث الأمان والحنان للأطفال بما يمكننا من إخراج مجتمع آمن. ووصلت المقترحات الي توصيات بإقامة مشروع قومي استراتيجي تموله الحكومة ورجال الاعمال لإقامة منشآت ومعسكرات متعددة لهؤلاء الأطفال تحقق لهم الأمان والتعليم والعلاج وفرض ضرائب علي كبار الممولين لانشاء مشروعات تعالج هذه المشكلة علي أن تكون المواجهة ذات شقين شق وقائي بتجفيف المنابع وشق إيجابي بعلاج الموجودين بالشارع - كما طالب البعض بضرورة التدخل بتعديل تشريعي لزيادة العقوبات المقررة في القانون وتطوير مؤسسات الرعاية الحالية - كما اشار البعض إلي أن دور الاعلام هام جداً في هذا الموضوع ويجب ان يكون إيجابياً في سبيل حل المشكلة.. وانتهت الندوة بالتوصيات.. الا أنه لفت نظري عدم حضور التنفيذيين للندوة سواء من الوزارات الفنية أو المحافظات أو المدن التي تعاني من المشكلة وحتي لا ينعزل البحث العلمي عن التنفيذيين أطالب بلقاء يجمع بين المؤسسة البحثية مع اعضاء من الاجهزة التنفيذية لبحث تفعيل المقترحات الواردة بالابحاث المختلفة ووضع الخطط اللازمة لذلك لتكتمل العملية بحثياً وتنفيذيا وتطبيقياً وحتي لا ينعزل البحث العلمي عن التطبيق العملي.