استعرضت في المقالات الثلاثة السابقة مشروع إنشاء »المجلس القومي للمتاحف« وعلاقة المتاحف بأجهزة الإعلام والدور المفقود الذي يصل الي حد التجاهل، وفندت الهيكل العام للمجلس والقطاعات التي يصفها في حالة التنفيذ مضافاً إلي عدة مراكز في غاية الاهمية لتغطي كافة الاحتياجات الفنية والعلمية والأمنية والثقافية لمنظومة المتاحف بشتي أنواعها.. وأتمني أن يكون لهذا الإقتراح صدي عند الحكومة لأنه يحتاج إلي قرار سيادي، وهذا المجلس سيقضي علي ما يحدث من إرتباك وتوتر وتبادل إتهامات وأيضاً سيمنع أي تدخلات من مؤسسات أخري في طبيعة عمل المجلس بإستثناء الاجهزة الأمنية والرقابية، وإذا كانت الدولة تولي إهتمامها بالتنمية البشرية في المجتمع.. وتعميق دور البحث العلمي في هذا المجال وتدريسه بالجامعات، الامر الذي يحفزنا للتساؤل لماذا لم تطبق معايير الجودة والأسس العلمية المحددة للإرتقاء بالمواطن كما تنص القواعد والمناهج العلمية في مجال »التنمية البشرية« فالمواطن هو المرجعية الأساسية التي ترتكز عليها قياسات التقدم أو من عدمه.. فكلما زاد علما وثقافة ووعيا وإنتماء كلما زاد الانتاج وتفوق المواطن علي نفسه بمصداقية وإيمان قوي، والعكس يؤدي إلي الانهيار، فقائد الطائرة المقاتلة أو القاذفة يكلف الدولة ملايين الجنيهات لإعداده الذي يليق ويتوافق مع هذه الطائرة نفسياً وعصبياً وجسمانياً وفنياً »قتاليا« حتي يرتفع بقدراته مع طبيعة المهام القتالية والوطنية من الدرجة الأولي، وعدد الإعداد الجيد سينتج عنه ضياع مواطن خسارة مالية عشرات الملايين ثمن الطائرة وفوق ذلك كله الهزيمة أمام العدو، هذا مثال فقط يكشف عن أهمية العنصر البشري والأساسي في الحياة مهما بلغ العلم وتكنولوجيا التقدم وصولاً إلي المراكب الفضائية والهبوط علي سطح القمر بدون الإنسان العبقري والمبدع علمياً والمتقن تكنولوجيا لا تتحرك هذه المنظومة العلمية الرائعة، فالدولة تدرك الاسس والمرجعيات التي تطبق وفق معايير الجودة في مواقع قليلة بالمجتمع كمكتبة الاسكندرية مثلاً تحظي بنظام خاص ولوائح خاصة بها وميزانيات عالية جداً ومتوفرة وحقيقة تعد واجهة حضارية.. ومكان منضبط وجاذب ومؤثر، وهذا ناتج عن إدارة حاسمة وواجبات محددة وحقوق محددة وأجور مناسبة ومرتفعة علي مستوي العاملين وعشرات الاستشاريين بتخصصاتهم المختلفة، فإذا كان العامل بالمكتبة من عامل النظافة للأمن لجميع الموظفين ورؤسائهم.. لهم زي خاص.. ومدربين.. ويعملون بكفاءة.. ويحصلون علي مرتبات عالية، ومتابعة ورقابة دقيقة بشكل مستمر، صيانة مستمرة لجميع الأجهزة الأمنية وغيرها.. بالاضافة إلي النظافة المستمرة.. وحركة الالاف من الزوار والمتعاملين يومياً.. هذا نموذج يجب أن يطبق في المجتمع بالكامل.. يمكن أن يكون حُلماً لأنه سيتطلب أموالاً طائلة نتمني أن يتحقق آجلاً بالتدرج.. ولكن هناك بعض المجالات كالمتاحف والمستشفيات.. وغيرها لا يمكن نضعها في المنظومة الإدارية التقليدية وتطبق عليها اللوائح الإدارية والمالية التي تطبق في أي إدارة عادية، فيجب علي الدولة النظر إلي المستقبل لأن عدد المتاحف سيزداد بطبيعته لامتلاك مصر الثروة التي تحتاج إلي إنشاء مئات المتاحف، وبناء علي ذلك يستوجب إعداد هيكلة خاصة إدارية مالية فنية متحفية تحت مسمي »المجلس القومي للمتاحف« الذي سيصبح خزائن ثروة مصر.. والذي سيجلس رواده من مصر والعالم العربي والعالم وفق خطة تسويق علمية.. ليحقق عائداً اقتصادياً.