في الأول من شهر توت »الموافق 11 سبتمبر في السنوات البسيطة، 21 سبتمبر في السنة الكبيسة« يحتفل المصريون عامة والاقباط خاصة بعيد النيروز. وكلمة »نيروز« معناها اليوم الجديد وهو نفسه عيد رأس السنة المصرية القديمة التي سبقت التقويم الغربي بأكثر من 004 سنة، وكان في أول شهر توت يبلغ فيضان النيل اقصاه، فكان هذا اليوم هو نفسه عيد »وفاء النيل«. اعتاد المصريون القدماء في صبيحة يوم النيروز الاستحمام بماء النيل تبركا بفيضانه وتيمنا بالعام الجديد، كما كانوا يقيمون الصلوات في المعابد، كذلك كانوا يتبادلون الهدايا والصور والزيارات ابتهاجا وفرحا بهذا العام. استمر الاحتفال بهذا العيد حتي أواخر أيام الفاطميين حينما نسي المصريون في ذلك الوقت الغرض الأساسي للعيد وأخذوا يسرفون في الخلاعة وتعاطي المخدرات فاختل النظام في ذلك اليوم واضطرب الناس حتي اضطرت الحكومة إلي إبطال الاحتفال به رسميا، واستعاضت عنه بعيد »جبر الخليج« الذي سمي بعيد »وفاء النيل«. وفي شهر مسري سنة 1061 للشهداء »أو القبطية« الموافق سبتمبر سنة 4881م كما يذكر عميد الصحفيين الراحل الاستاذ نجيب كيرلس المنقبادي - تكونت في اسيوط لجنة لاحياء التاريخ القبطي من عدة شخصيات وهم: تادرس شنودة المنقبادي، يوسف اسرائيل »يعقوب«، سرجيوس قلته، ابادير سمعان مشرقي حنا، أبادير نخيله، صليب ميخائيل، وساويرس حنا. وبعد عدة اجتماعات قررت اللجنة الترتيب للاحتفال بعيد النيروز لاول مرة في العصر الحديث. وفعلا تم الاحتفال في اول توت سنة 2061 للشهداء، الموافق 11 سبتمبر سنة 5881م، وحضر الحفل اسقف اسيوط وقناصل الدول المختلفة وكبار اعيان وموظفو اسيوط. بدأ الحفل بالصلاة والشكر لله، وتقديم التحية لخديوي مصر وسائر رجال الحكومة، ثم القيت كلمات عن تاريخ الاقباط علي مر العصور وتاريخ المدرسة القبطية بأسيوط كما تم توزيع اللحوم والدقيق والاغذية المختلفة علي فقراء مصر من مسلمين واقباط. ومن المعروف ان النظام المتبع في دواوين الحكومة بمصر كان من خلال التاريخ القبطي »أو المصري« لانه كان التاريخ الطبيعي المنطبق علي شئون مصر الزراعية، وهو الذي طالب باستخدامه رسميا البابا كيرلس الرابع »6181 - 1681م« المعروف بأبي الاصلاح القبطي. استمر هذا التاريخ معمولا به في دوائر الحكومة حتي أواخر عهد الخديو اسماعيل حيث استبدله بالتقويم الميلادي ابتداء من اول سنة 2951 للشهداء الموافق 11 سبتمبر سنة 5781م وذلك تقربا منه للاجانب الذين كثر عددهم بمصر وحصولهم علي امتيازات اجنبية. لكن استجابة للجنة احياء التاريخ القبطي عاد علي رأس الصحف والمجلات تاريخ التقويم القبطي - وحتي الآن - والذي يعتمد عليه المزارعون ورجال الري وغيرهم. من اشهر الاحتفالات التي اقيمت بمناسبة عيد النيروز تلك التي نظمتها جمعية التوفيق القبطية المركزية بالقاهرة »تأسست سنة 1981م« ففي الاحتفال الذي اقامته عام 0291 كان خطيب الحفل زعيم الامة سعد باشا زغلول وتلاه في القاء الكلمات الشيخ مصطفي القاياتي، والدكتور محجوب ثابت، والاستاذ رياض الجمل. وفي نيروز عام 3291م تحدث سعد باشا زغلول - بعد عودته من المنفي - عن دور الاقباط في الثورة وكفاحهم ضد المستعمر وعن اهمية الترابط بين كل ابناء مصر مسلمين واقباط. وهكذا يأتي عيد النيروز كل عام ليؤكد الهوية المصرية الاصيلة بدءا من العصر المصري القديم حتي يومنا هذا مرورا بالعصور اليونانية والرومانية فلتهنأ مصر في وحدة وسلام وطمأنينة.