في الماضي كانت مكانا للاستشفاء والوقاية من الأمراض.. يأتي إليها المواطنون ليس فقط من داخل مصر ولكن من خارجها أيضا.. اشتهرت بمياهها النقية الطبيعية التي تندفع من جوف الأرض.. لتنزل علي أجساد المرضي بردا وسلاما وتشفيهم من كل داء.. انها بحيرة »عين الصيرة« التي تقع علي مساحة 03 فدانا بمصر القديمة.. تلك البحيرة طالتها حاليا الفوضي واللامبالاة.. واندفعت إليها مياه الصرف »غير الصحي« ومخلفات »الردم« والهدم.. ليكون الناتج غضب البحيرة لتبدأ مياهها في الارتفاع عن منسوبها الطبيعي وتذهب إلي الشوارع وتغرق المقابر بحي الخليفة.. »الأخبار« ترصد أضرار ارتفاع منسوب مياه البحيرة وتطرح الأمر علي محافظ القاهرة لمعرفة سبل حماية البحيرة. الصورة حاليا في بحيرة عين الصيرة تقدم دلائل وبراهين قوية علي وصول العشوائية بكل خطورتها داخل مياه البحيرة.. فحدودها وضفافها لم تعد قادرة علي استيعاب مخزونها من المياه.. الأمر الذي أدي إلي فيضان المياه علي المناطق المجاورة ووصولها إلي الطريق الموازي للبحيرة وهو »شارع الخيالة«، وفي الوقت ذاته طالت المياه المدافن المطلة علي الشارع لتقتحم المقابر نفسها وتبدأ المياه في مهاجمة الموتي.. ويظهر في المشهد الكثير من التعديات التي نتج عنها ارتفاع منسوب المياه داخل البحيرة أكثر من 52 سنتيمترا، كما يوجد الكثير من مخلفات البناء والردم علي ضفاف البحيرة مما يعكس قيام بعض شركات المقاولات بإلقاء نواتج أنشطتها داخل مياه البحيرة بما أدي إلي تضييق مساحتها وعدم قدرتها علي استيعاب المياه، كما يضاف أيضا أن أيادي العبث والاهمال تواجه مساكن عزبة خيرالله بالقرب من بحيرة عين الصيرة، وهذه المساكن لا توجد بها شبكات للصرف الصحي، الأمر الذي يجبر الأهالي علي إلقاء الصرف الصحي في مياه البحيرة مما يعمل أيضا علي زيادة منسوب المياه وفيضانها خارج حدود البحيرة. تطهير البحيرة هذا التطهير أكده محمد خميس سكرتير حي الخليفة، موضحا ان احدي شركات المقاولات التي تقوم بأعمال البناء في حي مصر القديمة قامت بإلقاء مخلفات الهدم داخل البحيرة مما نتج عنه ضيق مساحة البحيرة وطفحها بالمياه خارج ضفافها لتتسرب المياه إلي شارع الخيالة والمقابر المواجهة له. ويضيف سكرتير الحي انه يتم حاليا شفط المياه من شارع الخيالة حتي تعود حركة المرور إلي طبيعتها بعد ان تأثرت خلال الأيام الماضية بمياه البحيرة، وسيتم أيضا شفط المياه من داخل المقابر بعد الانتهاء تماما من شفطها بالشارع. ومن جانبه أكد د. عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة انه تم تكليف مركز الاستشارات الهندسية بكلية الهندسة جامعة عين شمس لدراسة أسباب ارتفاع منسوب المياه ببحيرة عين الصيرة، وجاءت نتائج المركز لتوضح ان زيادة منسوب المياه في البحيرة بمقدار 52سم عن الحجم الطبيعي ترجع إلي إلقاء نواتج ومخلفات الردم ومياه الصرف الصحي الخاصة بأهالي عزبة خيرالله في مياه بحيرة عين الصيرة. وأضاف المحافظ أنه تقرر طرح مشروع تطهير كامل للبحيرة من الحواف والعمق لعودة الحجم الطبيعي للبحيرة، كما سيتم إعداد دراسة مشروع لإنشاء ستار معدني لا يقل عن 7 أمتار علي طول البحيرة المواجهة لشارع شرطة الخيالة لمنع تسرب المياه إلي الطريق والمقابر. المقابر تغرق وفي زيارة لبعض المدافن من الداخل بصحبة محمد ثابت حارس احدي المقابر اكتشفنا ان منسوب المياه داخل المقبرة بلغ أكثر من 05 سنتيمترا، كما ان الطرق الداخلية المؤدية إلي المدافن أصبحت عبارة عن طين ووحل بعد ان تشبعت بالمياه، وبنبرة حزن وأسي أكد محمد أن ارتفاع منسوب مياه بحيرة عين الصيرة هو السبب الأساسي وراء غزو المياه لمقابر الموتي، مشيرا ان قيام أهالي حي مصر القديمة وحي الخليفة بإلقاء مياه الصرف الصحي في البحيرة مع إلقائهم أيضا لمخلفات هدم أكثر من 02 عمارة مخالفة بحي الخليفة تسبب في زيادة منسوب مياه بحيرة عين الصيرة لتقتحم مياهها شارع شرطة الخيالة وتعطل الطريق وتصل إلي المدافن، ويتساءل محمد بتعجب شديد »كيف يمكن دفن أحد الموتي داخل مقبرته في ظل تواجد هذه المياه؟!!«. وفي مفاجأة كانت بطلتها الحاجة »السيدة محمد«، أوضحت انها تسكن مع أسرتها داخل منزل مكون من غرفتين ودورة مياه، ويقع هذا المنزل ملاصقا لأحد المدافن لتبدأ في الحديث معنا معبرة عن شكواها المريرة من غزو مياه البحيرة للمقابر ومنزلها في آن واحد، كما ان أرضية منزلها أصبحت »رخوة« وتخشي الحاجة سيدة من انهيار منزلها فوقها وفوق رؤوس أولادها كما انهارت من قبل بعض المقابر علي أجساد الموتي وقام أقارب هؤلاء الأموات بجمع أشلاء الجثامين ووضعها في مقابر أخري بعيدة عن المياه.