هي تجربة نمر بها عادة وربما دائما.. مع نماذج غريبة في زمن أكثر »غرابة«.. زمن الهرم المقلوب مثلما يحدث في كل المباني الحديثة، حيث تقوم الشركة أو المقاول ببيع الوحدات والانتقال إلي موقع آخر من أجل المزيد من ربح فوري ومبالغ فيه، دونما اهتمام فعلي بالصرف الصحي ضمن مرافق المبني، مثلما يحدث دوما. انفجرت ماسورة مياه في أحد مناور العمارة التي نعيش بها بعد سنوات قليلة من استلام الشقق، ومن ثم ظهر التأثير سريعا علي الجدران والأسقف.. وكان لابد من المرور بتجربة مريرة عبر التعامل القسري مع السيد الأستاذ الدكتور المستشار السباك بكل الأسف. في المنطقة حوالي عشرة خبراء سباكين يشتركون جميعا وبكل فخر في صفات عديدة منها ما يتضح من خلال التجربة المذكورة، وشر البلية ما يضحك حقا. الأقرب كان صاحب فرش علي الرصيف في خلفية فيللا مهجورة، شرحت لعنايته الموقف رد وهو جالس، واضعا ساقا فوق ساق: أنا مش فاضي دلوقتي، قلت: ممكن أتشرف بالحضور لحضرتك بعد ساعتين مثلا؟ قال: »أنا مش فاضي خالص، أصلي باخد مقاولات كبيرة بس«. ومثل حسن الهلالي بتاع أمير الانتقام قلت لنفسي: »الأول«، وانتقلت إلي سباك ثان.. كان يتعاطي الشيشة علي قهوة بلدي وينم مظهره علي اصابة بأنيميا مزمنة وحادة، كررت الشرح.. نظر تجاهي مليا وقال: تعالي بكره لأن ماليش مزاج للشغل النهاردة، وقلت في سري: »الثاني«!! وصلت لسباك آخر.. سألني: العمارة فيها أسانسير قلت له: اثنين، قال: معاك عربية.. قلت: دول 51 متر وبالكتير عشرين، قال: »روح دلوقتي وأنا حاجيلك بعد الماتش«. وبعد انتهاء المباراة وإعادة الأهداف والتعليق وخلافه لم يحضر سيادته، نزلت له راجيا.. نظر في الأفق البعيد قائلا: أنا بعد كده حا أشجع مانشستر بس معلهش فيه زبون حجز الشغل مش حاأقدر آجي معاك.. »الثالث« وأكملت المشوار إلي سباك آخر ودار الحوار السيريالي التالي: البيه السباك: »وايه اللي كسر الماسورة«؟ العبد الفقير: »يافندم قضاء وقدر«، الأستاذ: »الحكاية دي حصلت امتي؟« المواطن المطحون: »امبارح الساعة 21 و32 دقيقة مساء«، الخبير: »وايه اللي سكتك لحد دلوقتي؟«. كاتب السطور: »عنايتك.. غلطة غير مقصودة لأن مكاتب خبرة السباكة بتكون قافلة!!« المرجع: »طيب المشوار (يقصد الحجز) عشرين جنيه، والمعاينة حاتحدد الأتعاب«، الساكن المحطم: »تحت أمر سيادتك، يكون لنا الشرف لو تيجي معايا«، فكر سيادته مليا وقال: »قلت لي العمارة نمرة 6، مش حاأقدر آجي. أصل فيها ساكن طالع فيها.. أستاذ جامعة ومش بيقدر الشغل«، العبدلله: »يا أفندم اللي انكسر يتصلح، قصدي السلوك والمعاملة، وليس الماسورة، وتحت أمرك«، السباك: شوف حد غيري (الرابع). وقد كان يا حضرات وذهبت مع العرق والأسي وشحنات الغضب والعجب، ذهبت إلي حد غيره كان السباك يرتدي قميصا أمريكانيا مفتوحا، القميص مفتوح يظهر سلسلة ذهبية، صرخ بحزم: »يالا ياد«.. اندفع صبي خلفنا حاملا شنطة البيه وبها العدة. وصلنا الموقع وبدأت معاينة مسرح السباكة تخيلت انه سوف يقول: »ماحدش يلمس أي حاجة عشان أخد البصمات«.. لكن ذلك لم يحدث. نظر الأستاذ مليا للماسورة المشروخة والماء يندفع منها مثل الدش هز رأسه وقال: عايز سلم حبل تأجير، ومساعد، وأنا اللي أجيب الخامات، و051ج (مائة وخمسون جنيها)، حمدت الله انه لم يقل بعد هز الرأس: »أنت جيت متأخر.. الطب مش حايعمل معجزة« أو »الحالة فاضل لها عشر ساعات« أو: »كل اللي نفسك فيه«. وافقت علي شروط البنك قصدي السباك الدولي، ونزل سيادته لشراء الخامات وتأجير السلم والمساعد، ولم يعد حتي تاريخه. (الخامس) . بدأت أكلم نفسي. كل هؤلاء الكبار قاعدين ع القهوة بدون عمل.. باعتبار ان الواحد منهم منتظر خبطة أو فريسة يعيش عليها أسبوع ويمكن شهر. ما الداعي للتعب اذن؟ لكن لم البجاحة والتناحة والكلاحة خاصة وكلنا يعرف أن السباك من دول يصلح حاجة اذا عرف يدمر معاها حاجتين!!!! ثم انه لا يتعامل مع الضرائب ولا علاقة له بما يسمي: كار العلام (التعليم سابقا).. وقلت بصوت عال: يعني الواحد يقبض في مشوار ما يحصل عليه أمثالي في عشرين »مشوار«.. ومع ذلك يحتقر الشغل والزبون هذا ولاتزال الماسورة مشروخة.