مازال الصراع المحموم المتعلق بالملف النووي الايراني الذي يستهدف منع ايران من امتلاك سلاح نووي تتصاعد وتيرته الي درجة التهديد بحرب جديدة في الشرق الأوسط طرفاها اسرائيل ومعها الولاياتالمتحدة ضد الطموحات الايرانية. الشيء الغريب والذي يؤكد ازدواجية المعايير في تعاملات الولاياتالمتحدة من ورائها الدول الغربية هو فتور الحماس الموجه ضد النشاط النووي الايراني علي ضوء امتلاك اسرائيل الدولة العدوانية التوسعية لهذا السلاح دون ان يحاسبها أحد . اننا كعرب نمثل غالبية ابناء منطقة الشرق الأوسط وبالتالي يهمنا أمنها واستقرارها نرفض سياسة »الخيار والفقوس« مطالبين بأن يشمل خطر امتلاك السلاح النووي كلا من ايران واسرائيل علي السواء لما يعنيه من خطر داهم علي كل دول المنطقة بلا استثناء في حالة تصاعد نزعة التهور التي يمكن ان تقود الي استخدامه. هذا الخطر سوف يشمل الجميع بما في ذلك تلك الدولة التي تغامر وتخاطر بالاقدام علي مثل هذه الخطوة وفقا لتحذيرات الخبراء والمتخصصين. المهم ان الولاياتالمتحدة التي تتبني حملة التصدي لامتلاك السلاح النووي هي صاحبة اكبر ترسانة من كل نوعيات هذه الاسلحة المدمرة كما انها صاحبة المبادرة الاولي في استخدامها نهاية الحرب العالمية الثانية. لقد القت القاذفات الامريكية أولي هذه القنابل الذرية التي كان انتاجها في مراحلة الأولي عام 5491 علي مدينتي هيروشيما ونجازاكي باليابان وهو ما أدي الي وضع نهاية لهذه الحرب واستسلام اليابان والمانيا. ان السقطة الامريكية الاخلاقية والانسانية التي تجسدت في سقوط مئات الالاف من الضحايا بين قتيل وجريح ومشوه كان يجب ان تكون دافعا لحظر هذا السلاح ووقف انتاجه في كل الدول بما فيها القوي الكبري التي تريد الانفراد بامتلاكه كعامل ابتزاز وتهديد وهيمنة علي مقدرات العالم. وبمناسبة الاحتفال الذي اقيم في مدينة نجازاكي في ذكري مرور 56 عاما علي تعريضها لكارثة قصفها بالقنبلة الذرية الامريكية بحضور الناجين من هذه المحرقة وممثلين ل23 دولة كان علي العالم وبخاصة الدول النووية والساعيه لامتلاك السلاح النووي ان تعي وتتذكر ما أحاط بهذه المأساة والتي لم تشهد الانسانية مثيلا لها. ولقد اتيحت لي فرصة القيام بزيارة صحفية عام 3691 لمدينتي هيروشيما ونجازاكي يرافقني المصور الصحفي الزميل محمد بدر حيث شاهدت عن قرب حجم المصيبة التي ألمت بهما كما سمعت من بعض من تبقي من ضحاياها والذين كانوا مازالوا يعانون من اصاباتهم داخل المستشفيات والمصحات جانبا من الجحيم الذي عاشته مدينتيهما بعد قصفهما نوويا. ان حالات التشوه الذي شاهدتها جعلتني في حالة نفسية يرثي لها حيث لم اتحمل الحالة التي كان عليها هؤلاء الضحايا بعد اكثر من 81 عاما مضت علي الجريمة في ذلك الوقت. كم أرجو ان يتم تنظيم زيارات لقيادات الدول المالكة والساعين لامتلاك السلاح النووي الي هاتين المدينتين ليشاهدوا ويسمعوا ما يمكن ان تفعله العقول والسياسات الاجرامية في الحياة البشرية. ان كل شرفاء هذا العالم مع الاعلان الذي ناشد فيه عمدة نجازاكي الدول المالكة للسلاح النووي بعدم عرقلة جهود التخلص منه داعيا الي قيام عالم خال تماما من الاسلحة النووية.