أسعار الذهب في بداية تعاملات السبت 4 مايو    أسعار اللحوم في أسواق الأقصر اليوم السبت 4 مايو 2024    8 مستندات لتحديد تاريخ مخالفة البناء.. اعرفها لتقديم طلب التصالح    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024.. عز 24155 جنيها للطن    توريد أكثر من 16 ألف طن قمح بالإسكندرية    أخبار مصر: خبر سار للاقتصاد المصري، فرمان بنهاية شيكابالا في الزمالك، شيرين تثير الجدل بالكويت، أمريكا تطالب قطر بطرد حماس    قبل اجتياح رفح .. الاحتلال الإسرائيلي يطلع أمريكا على خطة إجلاء المدنيين الفلسطينيين    حسين هريدي: أمريكا لا تؤيد فكرة وقف إطلاق نار دائم في غزة    دبلوماسي روسي ينتقد الاتهامات الأمريكية بتورط موسكو في الهجمات الإلكترونية على أوروبا    بلينكن يقول إن هجوما إسرائيليا على رفح سيتسبب بأضرار "تتجاوز ما هو مقبول    جيش الاحتلال يعتقل 5 فلسطينيين من بلدة سبسطية شمال غربي نابلس بالضفة الغربية    الزمالك يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة سموحة    موعد مباراة الأهلي والجونة والقنوات الناقلة في الدوري المصري    شكري: ندمت على قرار مغادرتي للأهلي.. ودياموند سيتواجد في الممتاز خلال موسمين    بداية من اليوم.. ممنوع دخول المقيمين إلى مكة المكرمة إلا في هذه الحالة    تصل ل600 جنيه.. سعر اللوحات المعدنية في قانون المرور الجديد (تفاصيل)    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 5 مايو 2024 | إنفوجراف    مونودراما فريدة يختتم لياليه على مسرح الطليعة في هذا الموعد    نشرة المرأة والصحة : نصائح لتلوين البيض في شم النسيم بأمان.. هدى الإتربي تثير الجدل بسعر إطلالتها في شوارع بيروت    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام وولفرهامبتون    اكتشاف جثة لطفل في مسكن مستأجر بشبرا الخيمة: تفاصيل القضية المروعة    إصابة 15 شخصًا في حادث سيارة ربع نقل بالمنيا    30 دقيقة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية» السبت 4 مايو 2024    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا قال عن مذگراته؟!
الاخبار تروي أسرار الضاحك الباكي نجيب الريحاني
نشر في الأخبار يوم 11 - 08 - 2010

»قبل أن أسمح لنفسي بنشر مذكراتي، فكرت في الامر كثيرا، لا لشيء الا لانني خلقت صريحا، لا اخشي اللوم في الحق، ولا أميل إلي المواربة والمداراة، فهل يا تري اظل فيما أكتب متحليا بهذه الخليقة؟، أم يدفعني ما درج عليه الناس من مجاملة إلي المواجهة والتهرب.. ذلك هو موضع التفكير الذي لازمني قبل أن أخط في مذكراتي حرفا واحدا، أما وقد ارتضيت، فقد آليت علي نفسي أن أملي الواقع مهما حاقت بي مرارته، واسجل الحقائق مهما كان فيها من الم ينالني قبل ان ينال غيري ممن جمعتني بهم أية جامعة،وربطتني بهم اقل رابطة، ومضيت في مذكراتي علي هذه الوتيرة، فاذا بي أشعر في دخيلة نفسي انني اؤدي واجبا مفروضا، هو في الحقيقة تسجيل صحيح لناحية من نواحي تاريخ الفن في بلادنا العزيزة، وأصارح القراء الافاضل بأنني كنت كلما سردت واقعة فيها ما يشعر بالاقلال من شأني، كنت أحس السعادة الحقة، سعادة الرجل الصادق المؤمن حين يقف أمام منصة القضاء فيدلي بشهادته الصحيحة، ويغادر المكان مستريح الضمير، ناعم البال، هاديء البال.. علي أنني في مذكراتي هذه تناولت الكثيرين بما قد لا يرضيهم، ولكن احدا لا يستطيع ان يناقضني في حرف واحد مما أثبت هنا، لأنه إن حاول ان يفعل، وقفت الحقائق حائلا بينه وبين ما يريد، فهناك الزميل القديم علي يوسف مثلا... لقد شرحت الكثير مما كان بيني وبينه من مواقع حربية في ميدان الغرام والهيام، وكذلك الحال مع السيدة (ص. ق ) -الريحاني يقصد الممثلة صالحة قاصين - التي بلغ تنازعنا عليها حد شك المقالب، وتدبير الفصول الساخنة.. كل ما ذكرته عنهما حقائق صادقة، ولعل بعض من تحدثت عنهن قد يسوؤهن ان اكشف عن حقيقة رابطتهن الاولي بالمسرح بعد أن أصبحن في سمائه كواكب لامعة، وقد سبق لهن ان تحدثن إلي الصحف كثيرا، وشرحن تاريخ حياتهن كثيرا، ودبجن المقالات كثيرا، فشرحت كل منهن كيف كانت تمثل امام المرآة، وكيف شغفت بالتمثيل منذ الصغر، وكيف عشقت الفن لذاته... وكيف، وكيف مما لست أذكره، ولكن هل ذكرت في أحاديثها ولو من باب تقرير الواقع (وبلاش المجاملة حتي ) شيئا عن كيف وقفت علي المسرح، ومن علمها نطق أبجديته؟، ابدا.. وكأنه من العار عليها اذا اعترفت بأنها كانت ممثلة في فرقة الريحاني.. وبلاش مبتدئات يا سيدي!!«
لماذا الريحاني؟
هل لأنه البسمة، والدمعة؟
هل لأنه اضحكنا وأبكانا في نفس الوقت فأطلقنا عليه لقب الضاحك الباكي؟
هل لأنه استخرج من الشقاء والتعاسة التي مر بهما في حياته البهجة والكلمة الساخرة الناقدة اللاذعة التي جعلتنا نضحك من أنفسنا ونغير من سلوكنا؟
لكل هذا وغيره من الاسباب التي يصعب حصرها تقدم " الاخبار " الكثير من اسرار الضاحك الباكي نجيب الريحاني لأنه الغائب الحاضر وقد شهدت السنوات الاخيرة الكثير من اللغط في جميع وسائل الاعلام ومواقع الانترنت حول نسبه وأصوله وجذوره، وتاريخ ومكان ميلاده، وتحصيله العلمي، فقد شككت بعض الروايات في مصريته.
علي جانب آخر مازال الصراع محتدما علي مواقع الانترنت بين من يقول انه عراقي ونحن أحق به، ومن يقول انه سوري ونحن ايضا أحق به، وبين من يقول إنه اردني ونحن احق به، الكل يريد ان يسلبه لنفسه وينتزع منه مصريته!
التدقيق والتصفيق
لهذا تقدم »الأخبار« تلك الحلقات التي تعتمد علي التدقيق والتحقيق والتحليل والتفسير استكمالا لما خطه بيده في مذكراته التي أعيد نشرها أكثر من مرة، وفي كل مرة تعرضت المذكرات للاضافة والحذف، وهناك طبعات مشوهة وغير مدققة وناقصة ومن أبرزها -للأسف - الطبعة التي صدرت عن المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية، كما ان مذكرات الريحاني التي خطها بيده لا تحتوي علي كامل مشوار حياته، فهو قد اختار ما يريد ذكره، أو ما رأي انه يلخص مسيرته الانسانية والفنية، فرأينا أن من واجبنا ان ندقق ونحقق ونفسر ونحلل ونضيف ما جمعناه من معلومات تستكمل الصورة وتوضح الاطار الاجتماعي والسياسي والثقافي لبعض الاحداث التي رواها ولم يتطرق لتفصيلاتها.
تضارب المعلومات
عموما فنجيب الريحاني قد بدأ مذكراته بأنه ليس في حاجة للعودة بالذاكرة إلي التاريخ الذي تلقفته فيه كف الدنيا، فلم يذكر اليوم او الشهر او السنة التي ولد فيها، ولم يذكر المكان الذي ولد به، ولم يتطرق إلي اصوله ونسبه وجذوره، بل لم يأت في المذكرات بأي ذكر لوالده، وان كان قد تحدث عن والدته بين طياتها في مواقف محددة تكشف عن مدي حبه لها وتعلقه بها، الريحاني قفز في بداية مذكراته إلي سن السادسة عشرة من عمره، حين غادر مدرسة الفرير بالخرنفش التي تزود منها بالمئونة الكافية من تعليم وخبرة علي حسب وصفه!
تضاربت الاقاويل في تحديد تاريخ ميلاده، فهناك من يقول انه ولد عام 1891 وهناك من يقول انه ولد بعد هذا التاريخ بعام، وهناك من يقول بل بعامين، وهناك من يقول انه ولد عام 1890 وكلها تواريخ تقديرية افتراضية غير صحيحة، ولا تستند لاوراق رسمية.
الريحاني العراقي
فها هو علي سبيل المثال لا الحصر يشير الاديب خالص عزمي في جريدة »المدي« الاليكترونية العراقية الي ان نجيب الريحاني ولد في مدينة الموصل العراقية عام 1890 ويقول انه استنتج هذا التاريخ من مذكرات الريحاني وزعم ان ابواه قد هاجرا به وبأخيه الاكبر الي مصر وهما صغيران، وزعم ايضا ان اسرته لها فروع في العراق، وابناؤها معروفون يعيشون في بغداد والبصرة وكركوك والموصل، ولهم فروع أخري في الاردن.
الريحاني السوري
لقد ظل لدي جميع الناس اعتقاد راسخ في كل ما كتب عن سيرة حياة الريحاني بأنه من جذور عراقية، وان والده جاء من العراق لمصر وتزوج بسيدة قبطية من صعيد مصر، لكن شهادة ميلاد بديع الريحاني »ابن توفيق الريحاني وهو الشقيق الاكبر لنجيب الريحاني« تكشف عن مفاجأة اخري تنسف مسألة عراقية والد الريحاني، فبديع الريحاني هو من ورث نجيب الريحاني واسمه بالكامل طبقا لشهادة الميلاد »بديع توفيق إلياس الريحاني« من مواليد قسم الزيتون بتاريخ 15 اغسطس 1919 وتشير شهادة الميلاد إلي ان ديانته وديانة الاب المسيحية وجنسية والده »سوري«، كذلك تشير شهادة الميلاد إلي ان والدته »ماري فلاقتا« سورية مسيحية، فإذا كان شقيق نجيب الريحاني الاكبر سوري الجنسية فمن الطبيعي والمنطقي ان يكون والد الريحاني من اصول سورية، أو انه انتقل من العراق إلي سوريا التي انجب بها ابنه الاكبر توفيق الذي جاء به للقاهرة صغيرا، وهذا ينفي ان يكون والد نجيب الريحاني قد تزوج في القاهرة من سيدة مصرية قبطية كما اشيع، إلا اذا كانت زوجته الشامية قد توفيت قبل حضوره للقاهرة لعدم اباحة تعدد الزوجات عند المسيحيين، أو انها لم تتوف وجاءت معه للقاهرة بابنها الاكبر توفيق وقد انجبت الريحاني بعد حضورها لمصر، لأن الثابت من شهادة تعميد نجيب الريحاني بالكنيسة عام 1890 انه ولد بالقاهرة قبل التعميد بسنة وثلاثة شهور اي انه ولد في يناير 1889 وقد أكد لي المؤرخ الراحل عبد الله احمد عبد الله الشهير ب»ميكي ماوس« ان نجيب الريحاني قد اطلعه علي اوراق ثبوتية تؤكد انه ولد في هذا العام في حارة درويش مصطفي بحي باب الشعرية، واكد لي نفس المعلومة المؤرخ الفني الراحل حسن امام عمر، وخلاصة القول انه ولد في القاهرة وحمل الجنسية المصرية، وإلا ما كان قد تم استدعاؤه لادارة التجنيد عندما اشتكاه صاحب البيت للجهادية لكي يتخلص منه كما يروي الريحاني في مذكراته، فيا تري كيف كانت القاهرة التي استقبلت صرخات نجيب الريحاني الاولي عندما قفزت به بطن امه إلي كف الدنيا في تلك الحارة الشعبية البسيطة؟
وياتري كيف كانت الاحوال في مصر والعالم وقتها؟ ومن هم الذين جاءوا إلي الدنيا في عام 1889؟
الريحاني المصري
لكي نصل إلي حارة درويش مصطفي بحي باب الشعرية قبل 121 سنة لنري الطفل الذي جاء إلي الدنيا في هذا التاريخ ? في تلك الحارة الشعبية، كان علينا أن نركب حنطورا يجره حصان او حصانان اذا كنا من كبار الموظفين أو كبار التجار، اما البكاوات والباشوات فلهم حناطير مختلفة في الشكل والصنعة والمقام اغلبها مطهم بالصدف والنحاس، وبعضها اشبه بالعربات المغلقة المسدلة الستائر علي نوافذها من الداخل،ولأننا لسنا من هؤلاء او هؤلاء فعلينا ان نذهب لموقف الحمير لكي نؤجر مكاريا بحمار، او نركب عربة كارو تكون في طريقها للمكان، أو نستأجر سوارس تجرها البغال، السيارات لم تكن قد اتت لمصر في هذا التاريخ ، ولم يكن الترام قد شق لنفسه طريقا داخل شوارع القاهرة وضواحيها، ارخص وسيلة مواصلات وأفيدها في هذا الوقت هي اقدام الناس الغلابة الذين لا يقدرون علي اجرة الانتقال بالحمار الذي كان يحمل رخصة رسمية تعلق في رقبته من السلطات المختصة، وله مواقف محددة ومعروفة، وكانت الجمال مخصصة للنقل الثقيل وليس للبشر، اما نهر النيل فكانت تجري فيه المراكب والفلوكة التي تنقل البضائع والناس من مكان إلي مكان، ونهر النيل لن يصل بنا لحي باب الشعرية الذي ولد به نجيب الريحاني.
الخديو توفيق
عندما ولد الريحاني كان قد مضي سبع سنوات علي احتلال مصر من قبل القوات البريطانية، الجالس علي عرش مصر وقت ميلاد الريحاني هو الخديو توفيق، اكبر انجال الخديو اسماعيل الذي انجبه من شفق نور هانم احدي " محاظي " القصر، عندما بلغ توفيق التاسعة من عمره ادخله والده مدرسة المنيل، ثم المدرسة التجهيزية، ولم يدرس خارج مصر علي خلاف اغلب اعضاء الاسرة المالكة، وقد بيع في عهده حصة مصر في ارباح قناة السويس بنسبة 15 ٪ وكانت مرهونة لبعض الماليين الفرنسيين منذ عهد والده الخديو اسماعيل وبذلك فقدت مصر ما تبقي لها من الفائدة المادية للقناة.
وزارة مصطفي رياض
ولد نجيب الريحاني في عهد الوزارة الثانية لمصطفي باشا رياض المولود بالقاهرة عام 1834 وقد اختلف المؤرخون في اصوله فمنهم من قال انه كان يهوديا من سميرنا وينتمي لاسرة من المرابين ووازني الذهب تعرف باسم »الوزان«، وقيل ان اسمه الحقيقي هو يعقوب، ومنهم من قال انه تركي مسلم وانه نجل ناظر الضربخانة »سك العملة« وانه تخرج من مدرسة المفروزة العسكرية، ومن اهم اعماله وقف 1806 أفدنة بالوجه البحري مساهمة في انشاء دار الكتب، وفي عهده اصبحت صحيفة الوقائع المصرية يومية بدلا من اصدارها مرتين في الاسبوع، وصدرت في عهده لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والغاء السخرة، ووضع خطة مع دوربك خبير التعليم السويسري للنهوض بالتعليم الشعبي ونشر التعليم في انحاء القطر عن طريق اصلاح الكتاتيب، وقد عين رئيسا لمجلس النظارة عام 1888 للمرة الثانية وتصدي خلال هذه النظارة لمحاولات اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر بتنازل مصر عن السودان، وعندما تولي النظارة للمرة الثالثة عين فيها ناظرا للمعارف، وقد ضمت الوزارة وقت ميلاد نجيب الريحاني في عضويتها كلا من حسين باشا فخري لنظارة الحقانية »العدل«، وذو الفقار باشا لنظارة الخارجية، وعلي باشا مبارك لنظارة المعارف العمومية »التربية والتعليم«، ومحمد باشا زكي لنظارة الاشغال العمومية، ومصطفي باشا رياض لنظارة الداخلية ونظارة المالية، ومصطفي باشا فهمي لنظارة الحربية والبحرية.
ابن باب الشعرية
جاء نجيب الريحاني إلي الدنيا في منزل بسيط بحارة بسيطة في حي بسيط تغلب عليه السمة الشعبية، ولد الريحاني بين البسطاء والغلابة الذين عانوا من الفقر وسوء الخدمات، وان كانت بعض الكتابات قد اشارت إلي ان والده كان يعمل بالتجارة، فالبعض قال انه كان يملك مصنعا لتجهيز الجبس في باب البحر، والبعض الاخر قال انه كان يملك اسطبلا للخيول التي يؤجرها ويتاجر فيها، بالتالي فوالد الريحاني لم يكن فقيرا معدما، بل من الممكن ان نقول انه كان من الطبقة المتوسطة التي تضم طبقة التجار. لم يشر الريحاني مطلقا لوالده في مذكراته ولم يتحدث عنه لا من قريب ولا من بعيد، وتفسر بعض الروايات سر هذا التجاهل من الريحاني لوالده في مقابل ارتباطه الشديد وحبه لوالدته بأن والده في أخريات أيامه تنازل عما كان يملكه لابنة شقيقته، وحرم زوجته واولاده الذكور الثلاث من كل ما يملك علي اساس انهم ذكور يتحملون مسئوليتهم أما ابنة شقيقته فليس لها احد، ولهذا حمل الريحاني تجاه والده بعض المرارة، ولهذا ايضا لم يستكمل تعليمه بعد خروجه من مدرسة الفرير بالخرنفش لكي يلتحق بوظيفة ينفق منها علي الاسرة عندما تبين ان شقيقه الاكبر توفيق غير متحمل لتلك المسئولية، وهناك روايات تشير إلي ان هناك بعض المبالغات في تصوير هذا الامر لأن الاب في اخريات ايامه كانت تجارته قد تدهور بها الحال قبل وفاته.
عباقرة عام الريحاني
في نفس العام الذي ولد به نجيب الريحاني وهو عام 1889 جاء إلي الدنيا في مصر والعالم مجموعة من العباقرة الافذاذ الذين حفروا لأنفسهم فيما بعد مكانة كبيرة في التاريخ، فقد ولد في نفس العام عباس محمود العقاد، والفنان التشكيلي المعروف أحمد صبري، ومكرم عبيد باشا صاحب المقولة الشهيرة »نحن مسلمون وطناً ونصاري ديناً، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن انصارا.. اللهم اجعلنا نحن نصاري لك، وللوطن مسلمين« وولد في نفس العام أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي في عهد »فاروق الأول« الملك فاروق، وشارك الريحاني في عام الميلاد الكاتب والروائي والشاعر ابراهيم عبد القادر المازني وابراهيم دسوقي باشا أباظة الوزير الأديب مؤسس جماعة أدباء العروبة في مصر، وفي الرابع عشر من شهر نوفمبر من نفس العام جاء عميد الادب العربي د. طه حسين إلي الدنيا، اي ان الريحاني يكبر د. طه حسين باحد عشر شهرا، وشاركهما الميلاد بهي الدين بركات باشا الذي تولي »وزارة التربية والتعليم المصرية« وزارة المعارف مرتين وبعد شهر من ميلاد الريحاني جاء إلي الدنيا المؤرخ عبد الرحمن الرافعي.
عباقرة العالم
في نفس العام الذي ولد به الريحاني الذي وهبه الله للأمة المتحدثة بالعربية لكي يضحكها ويبكيها، وهب الله اوروبا وامريكا فنانا آخر هو شارلي شابلن الذي جاء للدنيا بعد ميلاد الريحاني بثلاثة اشهر، وولد معه في نفس الشهر الزعيم النازي أدولف هتلر، بينما ولدت الشاعرة الروسية آنا أخماتوف 32 يونيو في الثالث والعشرين من شهر يونيو لكي تصبح من أشهر شعراء الروس في القرن العشرين، وبعد ثلاثة شهور ايضا من ميلاد الريحاني ولد أنطونيو دو أوليفيرا سالازار الذي شغل منصب »رئيس الوزراء« رئيس الوزراء »البرتغال« ومنصب رئيس الجمهورية المؤقت في عام 1591 والمفكر والشاعر والقاص اللبناني ميخائيل نعيمة، ويكبر الريحاني الزعيم الهندي جواهر لال نهرو بخمسة شهور فقط.
أحداث وأحداث
لكي يكتمل إطار الصورة التي ترسم ملامح واوجه الحياة في مصر خلال عام 1889 الذي ولد في بدايته نجيب الريحاني فسوف تطالعنا قصاصات الصحف بعودة الشيخ محمد عبده إلي مصر بعفو من الخديو توفيق، وبوساطة تلميذه سعد زغلول وإلحاح نازلي فاضل علي اللورد كرومر لكي يأمر الخديو أن يصدر العفو وقد كان بعد ان اشترط عليه كرومر ألا يعمل بالسياسة، وفي عام ميلاد الريحاني اصدر فارس باشا نمر العدد الاول من صحيفة »المقطم« وقد اتهمها البعض بأنها الصحيفة التي تتحدث بلسان اللورد كرومر وتروج لقبول الاحتلال والخنوع للاستعمار، ومن الاحداث الهامة في عام ميلاد الريحاني البدء في تشييد دار جديدة للكتب والوثائق في ميدان احمد ماهر بباب الخلق، وعلي المستوي الفني والترفيهي فقد جاء الريحاني إلي الدنيا مع تأسيس سيرك " الحلو " لكي يصبح اول سيرك وطني في مصر، وعلي المستوي الرياضي كتب في عام ميلاد الريحاني شهادة ميلاد نادي سبورتينج علي يد الأمير عمر طوسون وكوليز باشا ميد لمانزك أحد أبرز الشخصيات في الجالية البريطانية صاحبة النفوذ، وعلي المستوي العالمي طيرت وكالات الانباء خبر افتتاح 1889 برج ايفل بالعاصمة الفرنسية باريس بمناسبة مرور مائة عام علي الثورة الفرنسية، وفي نفس العام طلبت سلطات الإحتلال من الخديو توفيق إعادة تعيين ماسبيرو مديرا لمصلحة الآثار التاريخية والأنتيكخانة المصرية، وفي الثالث من اغسطس من عام ميلاد الريحاني نشبت معركة توشكي قرب اسوان بين القوات المصرية بقيادة انجليزية وبين جيش الثورة المهدية السودانية بقيادة عبد الله النجومي باشا ومصرعه وهزيمة المهديين، وقد عثرت عالمة اثار بريطانية علي مومياء »نفرتيتي« زوجه اخناتون واشهر ملكات مصر القديمة التي يعود تاريخها الي الاسرة 18 وفي عام ميلاد الريحاني انشئت كلية الزراعة بجامعة القاهرة، واعلن سماسرة القطن عن تأسيس نقابتهم التي اطلقوا عليها نقابة سماسرة البضائع، وقدانشأت في نفس العام أعرق مدرسة للبنات في مصر حملت اسم »المدرسة السنية«، وبعد ستة اشهر من ميلاد الريحاني عرض المخترع الأمريكي جورج إيستمان آلة التصوير التي ابتكرها وأطلق عليها اسم كوداك للبيع في الأسواق لأول مرة، وظهرت ايضا اول صناعة عطور عرفت في اوروبا في مصنع جيكي جيرلان الذي انتج عطر الورد ثم ظهر عطر النرجس الاسود، وقد نشرت الصحف اسماء النوابغ الذين تخرجوا من كلية الحقوق في عام ميلاد الريحاني وكان في مقدمتهم رائد الاقتصاد الوطني طلعت باشا حرب.
ووقت ميلاد الريحاني كانت الصحف الصادرة في القاهرة تتحدث عن العلاج الذي يحتاجه كل انسان ويحمل اسم »الزمبوك« الذي يمتصه الجسم فيقتل الجراثيم وينقي كل الغازات وينمي الجلد بشكل مدهش ويشفي ويخفف الالام وامراض الجلد، العلبة بقرش واحد، كذلك نقرأ عن منشط الجسم الذي يحمل اسم »كويكر واكس« المفيد للصغار والكبار والمرضي والاصحاء علي السواء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.