شدني ما كتبه المفكر، والأستاذ الكبير:»د.أحمد كمال أبوالمجد« منبهاً إلي وجود »مفارقة كبيرة« بين تعاليم الأديان السماوية، وبين سلوك أتباعها.. إذ لم يخل التاريخ من صراعات وحروب رُفعت فيها شعارات دينية. وأضاف الدكتور »أحمد كمال أبوالمجد« الأستاذ الجامعي، ووزير الإعلام الأسبق، والنائب الأول السابق لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان محذراً من وقوع »كارثة وطنية وقومية ودينية« في مصر التي عاشت قروناً في ظل الوحدة الوطنية بين مسلميها ومسيحييها، لكنها تشهد حالياً كما يقول مفكرنا الكبير:كمال أبوالمجد توتراً لا يمكن إنكاره، خاصة أن »الأفعال المستفزة من فريق تستدعي ردود أفعال أكثر حدة من الفريق الآخر«. لفتت نظري هذه الكلمات التي اختارتها، وبثتها، وكالة الأنباء العالمية »رويترز« من المقدمة المهمة التي كتبها الأستاذ أحمد كمال أبوالمجد للكتاب الجديد للأستاذة الدكتورة »ليلي تكلا« ، وأصدرته »دار الشروق« منذ أيام تحت عنوان: »التراث المسيحي الإسلامي«. العرض المختصر، الذكي، للكتاب بهرني حقيقة. وقبل أن أنتهي من قراءة هذا العرض المُبّث علي موقع »رويترز« الإلكتروني كنت قد طلبت نسخة من الكتاب تشوّقاً لقراءة ما كتبته » د. ليلي تكلا« في صميم قضية بالغة الأهمية، ولا أغالي إذا قلت إننا نظلم بلدنا وأنفسنا كثيراً لو ظللنا نتعامل مع هذه القضية كما تعودنا منذ وقت طويل: تبسيطاً، و تهويناً، و تسويفاً! التوتر الحالي بين مصريين مسلمين، وبين مصريين مسيحيين، لا يمكن إنكاره، أو تجاهله.. خاصة في زمن أصبح من المستحيل حجب معلومة، أو تجاهل جريمة.. وأمامنا أجهزة الإعلام التي تتابع تطورات حالة التوتر، وتنشر أنباءه، وتعرض صوره .. بصفة مستمرة، إن لم تكن يومية! جميل بالفعل أن تؤكد مؤلفة الكتاب د. ليلي تكلا [أن الإسلام والمسيحية يشتركان في أمور كثيرة تقرّب بينهما، لكن أتباع كل دين أهملوا ذلك وانشغلوا باختلافات كان يجب أن تكون مصدراً للإثراء الإنساني لا للشقاق]. ومن الآراء التي تتطلب الوقوف أمامها لأهميتها في كتاب الدكتورة ليلي تكلا، الرأي القائل ب»إن ما بين المسيحية والإسلام من اختلافات لا يبرر الكراهية أو الصدام. المسيحيون أسهموا في النهضة العربية قبل الإسلام وبعده. وعندما يبشرنا البعض في أيامنا هذه إلي مادة الدستور »الجديدة« التي تنص علي »حقوق المواطنة وواجباتها«، يذكرنا كتاب د. ليلي تكلا بأن: [تعاليم رائد النهضة التعليمية:»رفاعة الطهطاوي« (1801 1873) تعني بأمة مصرية لا تتأسس علي دين أو لغة، وإنما تعتمد علي مبدأ المواطنة بين المصريين مهما يكن اختلاف عقائدهم ودياناتهم]. حق المواطنة أخذنا به منذ عقود ماضية، ورغم هذا فمازال بيننا من يقحم عقيدته في تعاملات وعلاقات دنياه، ويصمم علي فرضها علي دنيا الآخر! وتهتم الأستاذة الدكتورة »ليلي تكلا« في كتابها »التراث المسيحي الإسلامي« بالتأكيد علي أن »نظرة الغرب إلي الإسلام غير صحيحة، وغير منصفة«. وتضيف المؤلفة قائلة: [إننا في حاجة إلي تصحيح نظرة الغرب المسيحي إلي الإسلام، وتصحيح صورته، تماما كما أننا في حاجة أيضاً إلي تصحيح نظرة العالم الإسلامي إلي المسيحية.. في ذلك ما يشيع روح التعايش وقبول الاختلاف]. وتتوالي عناوين القضايا بالغة الأهمية علي صفحات الكتاب. عنوان يشير إلي أن »قضية المعتقدات« يجب أن تكون خارج محاولات الشرح والفهم والتقريب والمصالحة، لأن العقيدة قضية تخص علاقة الإنسان وخالقه، فلا يجوز أن تكون محل جدل أو حوار بل محل احترام متبادل. وعنوان يعيدنا إلي هجمات 11سبتمبر علي الولاياتالمتحدة التي أعطت مبرراً لترسيخ فكرة صراع الأديان عندما نسبتها إلي إسلاميين أقاموا في أفغانستان. وتسجل »د. ليلي تكلا« أن تلك الهجمات تسببت في عداء داخل الولاياتالمتحدة شمل العرب: مسلمين أو مسيحيين. كانت هذه إشارات، وعناوين، وفلاشات.. لكتاب: »التراث المسيحي الإسلامي«، وهو الكتاب الذي أرشحه للمصريين الملتزمين بحقوق المواطنة حتي يزداد إلتزامهم، وللمصريين الذين يسمعون عن المواطنة لكنهم لا يلحون عليها.. لعل وعسي تفيدهم قراءة الكتاب في تعديل وتصحيح موقفهم. إبراهيم سعده [email protected]