قراءة صفحة الحوادث هذه الايام اصبحت تثير الفزع والخوف من المستقبل.. لم تعد الصحف تخلو يوما من جريمة جديدة علي مجتمعنا.. الاب يقتل زوجته وابناءه.. والابن يقتل اباه وامه.. والزوج يقتل زوجته.. والزوجة تقتل زوجها.. والاخوة يقتتلون.. واحدثها بالامس عندما ألقي شاب بأمه من البلكونة والمريض النفسي الذي قتل شقيقه.. ومهما كانت الاسباب فإن غالبيتها تدور حول الميراث والصراع علي المال والبحث عن ثمن الكيف، والخيانة الزوجية.. ورغم هذا فإن علماء المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية يؤكدون ان ما يتم نشره لا يتجاوز 01٪ مما يقع من حوادث. وتبدلت الاحوال.. الاسرة المصرية التي كانت حتي وقت قريب نموذجا للتماسك والحب والمودة والتراحم، ولكبيرها دائما الكلمة التي معيارها الحق والدعوة الي الفضيلة.. اليوم غابت هذه الصفات الجميلة. وقد اختلف الخبراء حول تشخيص اسباب العنف في الاسرة المصرية، البعض يراه طبيعيا في ظل الزيادة الكبيرة للسكان، والعولمة والطمع في جمع المال، وهناك ايضا العشوائيات، بينما يراه البعض سلوكا غريزيا وبسبب الضغوط الاجتماعية الشديدة.. والفوضي احيانا. ان من يتابع تطور المجتمع المصري اليوم يرصد التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة، والطموح الزائد، واصبحت القيم المادية هي الاعلي وفي الوقت نفسه تجنيب القيم والاخلاقيات، وساعد علي ذلك طول مدة التقاضي الذي يؤدي الي تراجع الاحساس العام باحترام القانون لدرجة اصبحنا نجد العنف يمتد الي داخل المحاكم اخذا بالثأر من الخصوم.. ومن المؤسف ان هذا المشهد لم يعد مقصورا علي الاميين والجهلة، لكنه امتد الي فئة المثقفين والحاصلين علي شهادات عليا، ومن اناس كان المجتمع ينظر اليهم علي انهم قدوة وقادة رأي!. ان ظاهرة العنف الاسري التي تدور احداثها غالبا خلف الابواب ونادرا في الطريق العام. ليست مقصورة علي مصر.. وهو ما دفع الدكاترة احمد المجدوب، وفادية ابوشهبة وماجدة عبدالغني الخبراء بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية لاجراء دراسة داخل السجون وسؤال الجناة حول اسباب العنف والاسلحة المستخدمة.. قالوا ان معظم الجرائم ارتكبوها ليلا.. والجانب الاكبر وقع خلال شهور الصيف »مايو يونيو اغسطس« ثم تتناقص في الخريف وتقل كثيرا في الشتاء وجاءت الخيانة الزوجية رقم واحد، ومرتكب هذه الحوادث رجل او امرأة لايشعر بالندم.. ثم يأتي الدفاع عن الشرف والقسوة في المعاملة والخلافات المالية العائلية.. وفي المرحلة الثالثة الامراض النفسية.. اما عن الوسائل المستخدمة فهي الاسلحة النارية ثم الضرب والحرق والخنق واقلها استخداما السم. وفي تحليل لشخصية مرتكبي هذا النوع من الجرائم وجد الخبراء ان الغالبية نشأت في اسر متصدعة او غاب عائلها لسفره في الخارج او الطلاق، او هجر رب الاسرة والزواج اكثر من مرة، وتعاطي الحشيش ثم الهيروين والحبوب المخدرة والخمور. ان مثل هذه الجرائم يجب علي الاعلام ان يتناولها بحذر شديد والتعامل مع الجاني علي انه متهم، وسيظل متهما الي حكم النقض، بعد اثبت التعامل مع هذه القضايا علي أنه قد يحصل علي البراءة.