واشنطن - النساء العاملات بوول ستريت، على غرار روث بورات، قادرات على المساهمة في تضييق الفجوة بين الجنسين بوادي السيليكون الذي أصبح شبيها بوول ستريت قبل الانهيار، فهو يسيطر على تكنولوجيا لا أحد تقريبا خارج عالمهم يفهمها لكن يعتمد عليها الجميع. الأسبوع الماضي، أعلنت روث بورات، وهي امرأة غير عادية في وول ستريت، أنها في سبيلها إلى التخلي عن دورها ككبيرة الإداريين الماليين لدى بنك مورغان ستانلي، ليس من أجل الالتحاق بإدارة الرئيس باراك أوباما (رغم أن وزارة الخزانة تحدثت معها بشأن وظيفة) ولا من أجل صندوق تحوط (القطاع الذي كان يطلبها أيضا). بدلا من ذلك، غادرت للتوجه إلى وادي السيليكون، حيث ستصبح كبيرة الإداريين الماليين لشركة غوغل العظمى. هذه الخطوة تكتسي رمزية على مستويات عدة. وادي السيليكون يقلّص الفجوة شركات التكنولوجيا، التي يهيمن عليها الذكور (من حيث عدد الموظفين والمديرين)، بدأت باستقطاب عدد متزايد من المديرات التنفيذيات من وول ستريت بهدف المساهمة في إدارة هذه الشركات. السيدة بورات، المديرة المالية الجديدة لغوغل ليست الأولى من جنسها في هذا المجال. فعندما استحوذت شركة غوغل على الشركة المخضرمة مورغان ستانلي، ذات ال28 سنة، أصبحت روث بورات ليست فقط أحدث تجنيد نسوي من وول ستريت ينتقل إلى عالم صناعة التكنولوجيا، ولكن أيضا أرفع منصب نسوي في العالم في كنف أكبر محرك للبحث على الويب. تحتاج شركات التكنولوجيا الأخرى إلى الخبرة المالية، وستستفيد من المواهب النسوية الشابة، لا سيما في ظلّ ما تواجهه من انتقادات بشأن عدم التنوع بين الجنسين في صفوف مدرائها. يقول بات كوك، رئيس شركة كوك، وهي شركة بحث تنفيذية تقع في بونكسفيل بنيويورك "لا خيار أمامهم سوى إدراج نساء موهوبات أثبتن بالفعل جدارتهن"، لأن هناك عددا قليلا جدا من الترقية إلى الوظائف الرئيسية. وفي حين تشمل وول ستريت كمّا هاما من قضايا التنوع بين الجنسين، فإن "النساء اللاتي بدأن مهنتهن بوول ستريت قبل عقود، وواصلن التقدم نحو آفاق أوسع ليصبحن أسماء معترفا بها، صرن اليوم أسماء تطمح شركات التكنولوجيا إلى استقطابها". تميل شركات التكنولوجيا إلى هيمنة ذكورية واضحة، وليس فقط في جناح الإدارة التنفيذية. وتكشف بيانات كشوف الرواتب التي صدرت العام الماضي من شركات غوغل، أبل، فيسبوك وغيرها، أن الرجال الآسياويين والبيض يواصلون الاستحواذ على الغالبية العظمى من المواقع التقنية المصحوبة برواتب عالية. معظم الشركات تكون مرؤوسة من الرجال، معظم المديرين من الرجال، والشركات التجارية الجديدة والمجال الاستثماري ككل يميل طبيعيا لصالح الرجال. أما بالنسبة إلى الصناعات الأخرى، فإنها لا تبدو مختلفة كثيرا، على الأقل على مستوى الهرم الإداري. تحدثت روث بورات، البالغة من العمر 57 سنة، بهذا الشأن العام الماضي، ووصفت الأمر ب"المحرج" أن تجد عددا قليلا من النساء على رأس إدارات الشركات الأميركية. إذ تشغل المرأة 24 بالمئة من مناصب كبار المسؤولين التنفيذيين، حسب البيانات التي يوفرها مؤشّر ستاندارد آند بور، و58 بالمئة من مناصب المسؤولين الماليين، حسب قاعدة بيانات إس آن دبي كابيتول. تعمل بعض النساء من الموظفين الماليين في شركات التكنولوجيا الفائقة، بما فيها شركة مايكروسوفت (آمي هود)، سيسكو سيستمز إنك (كيلي كرامر)، أوراكل (سافرا كاتز وهي كذلك المديرة التّنفيذيّة للشركة). مواهب استثنائية ركزت شركات سيليكون فالي مؤخرا اهتمامها على وول ستريت. وقد منحت شركة سنابشات منصب المدير الاستراتيجي لعمران خان الذي كان يعمل في مجموعة شركات كريدي سويس إيه جي، كما وظفت شركة تويتر أنتوني نوتو، الذي عمل سابقا مع غولدمان زاكس جروب، كمديرها المالي. ولكن ليست روث بورات أول مديرة مالية تنظم إلى شركة تكنولوجية وفي تاريخها المهني خبرة في مجال التمويل والمالية، فقد عملت سارة فراير، المديرة المالية لسكوير، سابقا في شركة غولدمان. تتميز النساء اللاتي يتم منحهن مثل هذه المناصب بمواهب استثنائية، وبقدرة مدهشة على تكريس أنفسهن في سبيل المساهمة في رفع هذه النسب المئوية في كنف صناعة تتميز بعدم التوازن بين الجنسين. ورفعت إلين باو، وهي شريكة سابقة بشركة "كلاينر بركينز كوفيلد آند بايرز"، دعوى قضائية ضد شركة رأس المال الاستثماري، بدعوى أنها قد حرمت، عن ظلم، من ترقية وواجهت عقابا عقب الشكوى بشأن التحيز القائم على نوع الجنس. وهي تسعى إلى الحصول على تعويض بمبلغ 16 مليون دولار عن الأجور الضائعة والأرباح، وهيئة المحلفين على وشك بدء المداولات في هذه القضية. روث بورات حائزة على درجة جامعية من جامعة ستانفورد، بالإضافة إلى درجات عليا تحصلت عليها من كلية لندن للاقتصاد وكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا. وقد انضمت إلى شركة مورغان ستانلي في 1987. وقالت بوارت "إنني واثقة أن صبري ووقتي قد سمحا لي بالمواصلة في هذه الشركة لمدة تفوق تلك التي قضاها فيها الرجل الذي شكّك في طاقاتي". وتصرّح كذلك بأن المرأة تميل إلى بدء مشوارها المهني برواتب أقل من تلك التي يقبضها الرجال، في الشركات الأميركية، ونادرا ما تصل إلى المناصب العليا التي تكون مصحوبة بأعلى الرواتب، مشيرة إلى أن المشرعين يدرسون التغييرات الهيكلية، مثل إجبار الشركات على تقديم الإجازة العائلية، حتى لا تضطر النساء إلى الاختيار بين مسيرتهن المهنية وأبنائهن. وتقول بورات "لم تصل المرأة بعد إلى المستويات العليا من الشركات. ليس هذا تقصيرا من النساء". وتقول مارثا جالو، نائبة الرئيس التنفيذي السابقة في جيه بي مورغان تشيس اند كو "وول ستريت، مثل سيليكون فالي، هو مكان حيث يمكنك كسب المال". وتضيف "إذا كنت ستعمل بجد وتواجه مختلف التحديات، فإنك سترغب طبيعيا في الحصول على راتب يرضيك". التكنولوجيا والوقار المالي وأظهر توظيف بورات كيفية تدافع شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل غوغل، من أجل زيادة فطنتها ووقارها المالي في وقت تنمو فيه ميزانياتها حجما وتزداد تعقيدا. ويظهر أيضا الوجهة التي تتحرك صوبها السلطة الاقتصادية الأميركية، فالباب الدوار للبيروقراطية المالية في العاصمة لا يزال يتحرك ببطء أكثر، وأصبحت وول ستريت في السنوات الأخيرة متشائمة حول ما إذا كانت واشنطن قادرة على إنجاز أي شيء أصلا. وادي السيليكون، على النقيض من ذلك، يبدو كالذي أخذ حماما في شمس مشرقة بكل معنى الكلمة. ليس فقط أن هناك سيولة متدفقة، وليس فقط أن شركات التكنولوجيا تقفز لأعمال تجارية جديدة، بل هناك أيضا تفاؤل مرح بشأن المستقبل. على الأقل ستة من كبار شخصيات وول ستريت وواشنطن كانت لهم تحركات مماثلة في العام الماضي، بمن فيهم أنتوني نوتو، الذي ترك شركة جولدمان ساكس ليصبح كبير الإداريين الماليين في تويتر، إضافة إلى آخرين من شركة جولدمان وبنك كريدي سويس توجهوا إلى فيسبوك ومجموعات التكنولوجيا المشابهة. وقال غلين هوبارد، عميد كلية كولومبيا للأعمال "أخيرا، لم تعد الوجهة المفضلة لطلاب الماجستير في إدارة الأعمال الأذكى، فقط شركة جولدمان ساكس والمصارف الأخرى. إنهم الآن يفضلون بشكل متزايد العمل لدى شركات تكنولوجيا، مثل غوغل". هل يعد هذا أمرا جيدا؟ كثير من غير المصرفيين سيصرخون ب"نعم". لقد أصبحت الصناعة المالية كبيرة بشكل مفرط في العقود الأخيرة، وذات أجر جيد. لكن هناك بوادر بأن هذا النمط يتحول، وبعض من إعادة التوازن قد يخلق اقتصادا أكثر إنتاجية، أو هذا ما تقوله الحجة. لكن هناك مخاطر أيضا. ففي الوقت الذي تتضخم فيه جاذبيته وثقته بالنفس، ربما يكرر وادي السيليكون بعض الأخطاء السياسية والاجتماعية التي أوجدت ازدهار وول ستريت وكسادها. قبل انهيار عام 2008، ما كان ملحوظا حول مصرفيي وول ستريت المرموقين لم يكن فقط أنهم نخبة تتقاضى أجرا مرتفعا، بل كانوا أيضا يسيطرون على التكنولوجيا (الأدوات المالية المعقدة) التي لم يكن تقريبا أي أحد خارج عالمهم يفهمها، لكنها أثرت في المجتمع بأسره. لقد كان هذا نمطا معرضا للانحراف، خاصة لأن ثقة الجمهور بالتمويل كانت مرتفعة إلى حد ما. لكن المصرفيين عاشوا في جيوب اجتماعية وفكرية جعلت من السهل عليهم تصديق خطاباتهم المندفعة عن الابتكار المالي. ولم يكن بإمكانهم رؤية مخاطر رد الفعل السياسي التي كانت تلوح في الأفق. اليوم، يستبعد مشاهير وادي السيليكون فكرة أن شركات التكنولوجيا يمكن أن تقع فريسة الأخطار نفسها. إيريك شميدت، رئيس غوغل التنفيذي، قال في مؤتمر فاينانشيال تايمز في نيويورك قبل بضعة أشهر "إن من السخرية وجود أي أوجه تشابه بين المصرفيين وأهل التكنولوجيا المرموقين، الفرق هو أن الأخير ينتج الابتكارات التي تنفع وتفيد المجتمع ككل". لكن في حين أن الأجور، والثقة بالنفس، إن لم يكن الغرور، في عالم التكنولوجيا في ارتفاع، فإن أولئك المرموقين يتعرضون لخطر التحول إلى جيب فكري يصبحون فيه ذاتيي الاستيعاب، تماما مثل المصرفيين الذين سبقوهم، ويصبحون غافلين عن خطر أي رد فعل عنيف.