الخميس 18 ديسمبر 2008 في الثامنة صباحا بعد يومين من مغادرة اكوادور توقفت الباخرة امام رصيف كالاو callao الذي يعد ميناء مدينة ليما Lima عاصمة بيرو التي تعد ثالث اكبر دولة في امريكا الجنوبية بعد البرازيل والارجنتين اذا تبلغ مساحتها 1.3 مليون كم2 مرة وثلث مساحة مصر وسكانها نحو 29 مليونا. اختلف الترتيب في زيارة بيرو عن الترتيبات السابقة التي كنا نجهز فيها اتوبيسا نستأجره مقدما عن طريق الباخرة. هذا المرة كان الترتيب معدا في ليما عن طريق زميلنا في الرحلة رجل الاعمال منير غبور الذي يملك اكثر من فندق وباخرة عائمة في النيل تتولي ادارتها شركة سونستا. ولانها تدير احد فنادق العاصمة ليما فما ان ابلغها منير بوصولنا حتي وجدناها جهزت لنا الاستعدادات اللازمة لزيارة المدينة ومتاحفها, بالاضافة الي غداء فاخر في غرفة خاصة بسطح الفندق جري فيه استعراض الطريقة المميزة التي تشتهر بها بيرو ليس في الطعم الخاص وانما في طريقة بيرو في تعدد الاطباق المقدمة عشرة اطباق مختلفة ولكن في كل طبق كمية قليلة اهم مافيها عملية الزينة التي في الطبق بما يحوله الي لوحة فنية جذابة من الالوان والتنسيق.. ومع الاطباق الصغيرة التي كانت تتوالي كانت هناك صورة اخري لحياة شعب بيرو الذي يعشق الموسيقي.. فالطعام والموسيقي هما اساس متعة شعب بيرو الذي يحب اللمة وينتهز اي فرصة سواء عيد ميلاد او زواج او مولد طفل للاجتماع واللمة والضحك.. فهو شعب مرح يميل الي الضحك ويرتدي معظم افراده الملابس البسيطة التي تمكنهم من القيام بعملهم بسهولة وقوة.. والطعم الشعبي في بيرو هو البطاطس الذي يعد اشهر المحاصيل ويوجد منه في بيرو اكثر من 200 نوع مختلفة في ألوان قشرتها من البني الي الاصفر ومن الارجواني والاحمر الي الازرق كما تختلف في الاحجام من صغر كرة البنج بنج الي ضخامة كرة اليد, ولهذا فإن البطاطس هو الطبق الدائم في بيرو في الوجبات الثلاث مع الذرة التي يوجد منها24 نوعا والفلفل الحار الي جانب الاسماك المصدر الرئيسي للبروتين وتنتج بيرو منه 15% من انتاج العالم ولهذا يعد طبق السي فيش الاكلة الشعبية في بيرو وهو عبارة عن السمك الني في الليمون وصوص الفلفل.. وقد كانت بيرو مثل الاكوادور جزءا من امبراطورية الانكا التي تعرضت للاوبئة التي قضت علي معظم افراد الشعب بصورة جماعية مما سهل للاسبان احتلال البلاد. وارض بيرو مثل كثير من الدول المجاورة اراض بركانية تحوي عددا غير قليل من الثروات المعدنية علي رأسها الفضة التي تعد بيرو رابع دول العالم في انتاجها وتحقق دخلا كبيرا منها بعد الارتفاع الجنوني في اسعار الفضة للترابط بين الفضة والذهب, وغير الفضة تنتج بيرو النحاس والزنك, والرصاص, والذهب. ولكن الاخطر في بيرو زراعة نبات الكوكا الذي يستخرج منه مخدر الكوكايين وكانت بيرو اكبر منتج له ثم تراجعت الي المركز الثاني بعد بوليفيا التي تحتل قائمة دول هذا المخدر اعتبارا منذ عام 1996 وتقدر مساحات زراعة الكوكا ب37 ألف فدان.. وهذه الزراعة لنبات الكوكا ليست جريمة بحسب القانون فهي متوارثة من مئات السنوات منذ زمن امبراطورية الانكا قبل ان يكتشفوا في نهاية القرن التاسع عشر إمكان تحويل أوراق النبات الي مسحوق ابيض مركز عرف بالكوكايين بلغ حجم انتاجه في العامين الاخيرين اكثر من 245 طنا. والمشكلة ان هذا الانتاج يعتمد في تجارته علي عمليات التهريب التي تتولاها شبكات ضخمة تدير عمليات عبورها من دول كثيرة حتي تصل الي امريكا واسواق اوروبا وافريقيا, ولهذا يتفنن المهربون دوما في وسائل مبتكرة كان من بينها استخدام الاسماك المجمدة في حشوها بطبقات من الكوكايين المعبأ في اكياس من البلاستيك وتغليف العبوات في مادة غارقة في الفلفل الحار لتضليل كلاب شم المخدرات ولكنهم اكتشفوا وراحوا يبحثون عن وسائل اخري مبتكرة لم تكتشف! * نقلا عن جريدة الاهرام المصرية