عندما وقفنا دقيقة فوق خط الاستواء..! الاثنين15 ديسمبر: مازلنا في المحيط الباسفيكي، وقد مضي علينا أسبوع منذ غادرنا لوس انجلوس توقفنا خلاله في ميناء كابو دي لوكاس بالمكسيك ثم ميناء كالديرا في كوستاريكا والميناء القادمة في اكوادور. وقد بدأت منذ ومنذ الصباح الباكر حركة غير عادية بين الركاب الذين اتجهوا توافد, كاب الباخرة إلي سطحها في الطابق الثاني عشر بعد ان أبلغنا الربان في نشرة الأخبار الصباحية التي يقدم لنا فيها يوميا معلومات عن الجو وخط سير الرحلة وأهم الأنباء والأحداثK أننا سنجتاز هذا الصباح خط الاستواء. تذكرت دروس الجغرافيا في المدرسة التي عرفت فيها لأول مرة عن هذا الخط وغيره من خطوط الطول والعرض إلا أنني لم أفهم في وقتها أهمية هذه الخطوط لأي ملاح مسافر جوا أو بحرا. وبالنسبة لخط الاستواء فإنه وان كان خطا وهميا مثل كل الخطوط الأخري سواء طولية أو عرضية إلا أنه يلف الكرة الأرضية في منتصفها تماما لمسافة40076 كيلو مترا, ويقسم الكرة الأرضية إلي نصفين متساويين النصف الشمالي وقمته سقف العالم في القطب الشمالي, والنصف الجنوبي وينتهي بقاع العالم في القطب الجنوبي. هنا علي خط الاستواء تكون الشمس الأقرب إلي الأرض من أي نقطة أخري وتتلقي الأرض أشعة الشمس بزاوية مستقيمة من الكوكب الكبير المشع الذي يبعد نحو150 مليون كيلو متر, بينما تصل أشعة الشمس إلي باقي مناطق الأرض بزوايا مختلفة حسب قربها أو بعدها عن خط الاستواء. هذا الخط كيف سنراه؟ صعدنا إلي سطح الباخرة نتطلع بحثا عنه.. ربما كانت هناك علامات أو أضواء تضيء وتنطفأ أو نقاط بيضاء مثل التي نراها مرسومة علي الشوارع. ربما كانت هناك خطوط فوسفورية أو مرسومة بطريقة ما تحدد مسار الخط.. وجاء صوت قائد الباخرة يعلن أنه حسب الأجهزة الدقيقة للباخرة فإننا نمر الآن فوق منتصف الكرة الأرضية.. فوق خط الاستواء. وقال مضيفا إنه لأهمية ذلك فسوف تتوقف الباخرة علي هذا الخط مدة دقيقة واحدة. ونظرت حولي فلم أجد غير الماء والفراغ الكبير علي امتداد البصر, وتطلعت عيون الركاب يسأل كل واحد الآخر هل تري شيئا؟ ولم يكن هناك أي شيء غير عادي فهل يخدعوننا؟ ان الباخرة متوقفة تماما والركاب جميعهم فوق سطحها وبعضهم بملابس البحر لمواجهة الحر ولكن أين خط الاستواء؟ وكانت الاجابة أنه خط وهمي مثل كل خطوط الطول والعرض.. خطوط تخيلها الملاحون وراسمو الخرائط لتسهيل تحديد مكان أي جسم فوق هذه الكرة الأرضية التي تمتد مساحتها لأكثر من500 مليون كيلو متر مربع.71% منهت منها. ولا أعرف لماذا تذكرت مصيف رأس البر بعششه القديمة التي يسهل فيها معرفة عنوان أي عشة لأن شوارعها مخططة بطريقة طولية وعرضية تحمل أرقاما متتالية بحيث عند الاشارة إلي أي عنوان يذكر أولا الرقم الطولي ثم العرضي فتصل بسهولة إلي العنوان المطلوب.. مثل هذا في الكرة الأرضية ففي مقابل خطوط العرض التي يتوسطها خط الاستواء وتبلغ90 خطا شماله ومثلها جنوبه( هناك خطوط الطول وهي أيضا خطوط وهمية علي شكل أنصاف دوائر غير متوازية تبدأ من القطب الشمالي للكرة الأرضية وتنتهي عند القطب الجنوبي.. ويبلغ عددها360 خطا. وقد كان سهلا علي العلماء تحديد خط الاستواء الذي يحمل درجة صفر, أما خطوط الطول فقد أخذت وقتا حتي تم الاتفاق عام1884 في مؤتمر دولي عقد بواشنطن علي أن يكون أساسها) الخط رقم صفر( هو الذي يمر بقرية جرينتش في المملكة المتحدة علي أن يكون هناك180 خطا شرقي جرينتش ومثلها في الغرب. وإذا كانت خطوط العرض تتصل بالمنتخ ويبعد كل خط منها عن خط عن الآخر نحو111 كيلو مترا, فإن خطوط الطول زمنية تقاس بالزمن حيث تبلغ المسافة بين كل خط وآخر أربع دقائق وهذا هو سبب تعدد مواعيد الصلاة حتي في داخل الدولة الواحدة مما يجعل نداء الله أكير للصلاة يتردد طوال ال24 ساعة يوميا في أنحاء العالم. وقد جاءت الحاجة الي خطوط الطول بعد أن بدز تشغيل قطارات السكة الحديد ومرورها بين زكثرمن مدينة ودولة وضاحية تشغيل هذه القطارات الي جدول يجدد المواعيد فكان الاتفاق علي خطوط الطول لانشاء بقياس محدد للزمن وعندما نظرت إلي الخريطة الكبيرة المعلقة في أحد جدران الباخرة كان سهلا تبين أن خط الاستواء إذا افترضنا تتبعه شرقا من دولة اكوادور التي نمر في مياهها فإن هذا الخط يجتاز قارة أمريكا الجنوبية مارا بكولومبيا والبرازيل ثم يعبر المحيط الأطلنطي ليصل إلي القاهرة الأفريقية مارا بالجابون والكونجو وزائير وأوغندا وكينيا والصومال, ومن إفريقيا يجتاز خط الاستواء المحيط الهندي ليمر بجزر المالديف وسومطرة والملايو وأندونيسيا. ويمتد خط الاستواء بعد ذلك عبر المحيط الهادي مارا بجزر تسمي مولوكاس Moluccas ثم جزر جلبرت GilertIslands فجزر جالاباجوس Galapagos التابعة لاكوادور وهذه لها شهرة خاصة سيأتي الحديث عنها, ليصل الخط مرة ثانية إلي اكوادور. وهذه ال15 دولة التي تقع علي خط الاستواء تجمعها سمتان: الحر, وتساوي النهار والليل طوال أيام السنة. وفي هذا اليوم في اكوادور كان موعد شروق الشمس حسب النشرة اليومية التي تصدرها الباخرة السادسة و42 دقيقة وموعد الغروب السادسة و24 دقيقة وهكذا تقريبا طوال السنة! * نقلا عن جريدة الاهرام المصرية