يحتل العراق الموقع الرابع في العالم من ناحية عدد أحكام الإعدام التي ينفذها. هذا ما جاء في تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية 'امنستي' قالت فيه ان اعادة العمل بعقوبة الإعدام في العراق يمثل تراجعا عن مبادئ الحفاظ على حقوق الإنسان ودعت المنظمة الحكومة العراقية إلى إعلان وقف تنفيذ أحكام الإعدام فورا تمهيدا لإلغاء عقوبة الإعدام إلغاء تاما. ويشير تقرير المنظمة إلى ان العديد من أحكام الإعدام الصادرة في العراق بعد العام 2004 لم تف بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وقدر التقرير عدد من أعدموا خلال عام 2006 بخمسة وستين شخصا على الأقل وهو ما يضع العراق في المرتبة الرابعة على قائمة أكثر الدول تنفيذا لعقوبة الإعدام مسبوقا بالصين وإيران وباكستان على التوالي. وأشار التقرير إلى ان عدد من حكم عليهم بالإعدام منذ منتصف 2004 بلغ 270 شخصا بعد إعادة العمل بهذه العقوبة التي كانت قد جمدت لفترة في أعقاب الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وتقول الحكومة العراقية إن عقوبة الإعدام ضرورية لكبح أعمال العنف المتصاعدة التي يشهدها العراق ولكن منظمة العفو الدولية ردت على ذلك بأن الوضع الأمني ما زال يتدهور رغم تنفيذ العقوبة. وكان الجيش الأميركي قد ألغى العمل بعقوبة الإعدام في العراق لدى احتلاله البلاد في عام 2003، ولكن أول حكومة عراقية مؤقتة أعادت العمل بالعقوبة، الأمر الذي تصفه 'امنستي' بأنه كان مخالفا للتوجه العام في المجتمع الدولي، حيث تقوم ثلاث دول في المتوسط بإلغاء العمل بعقوبة الإعدام سنويا. وتشير المنظمة إلى ان اعادة العمل بالعقوبة لم ينجح في كبح جماح العنف، بل ازداد حدة. وتضيف العفو الدولية في تقريرها ان تطبيق عقوبة الإعدام ربما أسهم في 'تعنيف' المجتمع العراقي ككل. ودعت المنظمة في تقريرها الحكومة العراقية إلى العزوف عن تنفيذ أحكام الإعدام فورا، كما طالبت الجيشين الأميركي والبريطاني عدم تسليم أي سجناء عراقيين محكومين بالإعدام في حوزتهما إلى السلطات العراقية. ويسرد التقرير نماذج لمحاكمات لم تدم لأكثر من ساعة أو ساعتين حكم على المتهمين فيها بالإعدام اعتمادا على اعترافات نفوها لاحقا قائلين إنهم اجبروا على الإدلاء بها تحت وطأة التعذيب. وكان كثير من المعدومين قد ظهروا على شاشات التلفزيون الرسمي العراقي من خلال برنامج 'الإرهاب في قبضة العدالة' الذي الغي في العام الماضي بعد ان قررت الحكومة ان بث الاعترافات على الهواء يعتبر أمرا مخلا بالقانون. وقد بدت على الكثيرين ممن ظهروا في ذلك البرنامج علامات التعرض للتعذيب، ويقول تقرير العفو الدولية إن بعض المتهمين ادعوا تعرضهم للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف. ويخلص التقرير إلى القول إنه كان متوقعا ان تؤدي اعادة العمل بعقوبة الإعدام إلى استمرار انتهاك حقوق الإنسان الذي كان سمة مميزة لنظام الحكم العراقي السابق - بل وزيادة هذه الانتهاكات سوءا. وينتقد تقرير منظمة العفو الدولية أيضا الأسس القانونية التي تعتمدها السلطات العراقية في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها، حيث تستثني القوانين العراقية المرعية المحكومين بالإعدام من التمتع بالعفو، كما تحكم على العديد من مرتكبي الجرائم التي لا تؤدي إلى الوفاة بالإعدام - وهو أمر يخالف القانون الدولي.