بقلم: المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي بمناسبة أعمال العنف والترويع بالأسلحة البيضاء والتحيز للجمهور الجزائري قبل وبعد مباراة مصر والجزائر, يثور التساؤل عن مدي مسئولية الاتحاد الدولي لكرة القدم( الفيفا) تجاه كل أفعال العنف في الملاعب وبين جماهير المشجعين وتأثيرها علي نتائج المباريات والجزاءات الواجب اتخاذها للحفاظ علي اللعب كي تتحقق الأغراض التي من أجلها أنشيء ذلك الاتحاد علي مستوي العالم. باديء ذي بدء نود أن نشير إلي أن الاتحاد الدولي لكرة القدم أو مايسمي ب الفيفا أنشيء أساسا من أجل عدة أهداف أهمها توطيد علاقات الصداقة بين الشعوب خاصة أعضاء الاتحادات الوطنية والقارية والأندية والمسئولين واللاعبين وكل شخص ومنظمة تهتم بكرة القدم في إطار من الإنسانية والكرامة داخل المجتمعات, وأيضا العمل علي الحيلولة دون إحداث أي تمييز من أي نوع ضد بلد أو شخص أو جماعة أو شعب بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو السياسة أو لأي سبب آخر, فضلا عن تحسين لعبة كرة القدم باستمرار وتقدمها عالميا وتوحيد تعاليمها وثقافتها وقيمتها الإنسانية من خلال النشء والشباب( المواد4,3,2 من لوائح الفيفا) مستهدفا مباديء اللعب النظيف, ولاشك أن مهمة الفيفا أضحت تتمثل في توطيد العلاقات الإنسانية وتنمية أواصر الصداقة بين الشعوب وتقريب المجتمعات الإنسانية نحو غايات سامية تنبذ التفرقة العنصرية أو العرقية أو الدينية, والاتحاد الدولي بهذه المثابة هو الرقيب علي المحافظة علي تلك الأهداف باعتباره الشخص الدولي المسئول الذي عهد إليه القانون الدولي المحافظة علي هذه الغايات ووضع الأسس والاستراتيجيات والتعليمات التي تصون هذه الغايات وتلك الأهداف. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي لكرة القدم( الفيفا) كي يستطيع أن يحقق تلك الأغراض أصدر العديد من اللوائح والأنظمة التي تحكم تطبيقات اللعبة وتعد بمثابة الدستور الأسمي والقوانين الأساسية التي تحكم عالم كرة القدم بحسب تعبير الفيفا نفسها في لوائحها وهي كثيرة التطور والتعديل بما يتناسب مع الفكر السائد وقت إصدارها, وقد ضمنها العديد من العقوبات والجزاءات وهي التي تكفل لقواعد اللعبة الاحترام الواجب من الجميع وهي تتدرج في حديها الأدني والأعلي بحسب جسامة المخالفة من بينها العقوبات التالية: الإنذار وتوجيه اللوم والغرامة وحظر دخول استاد أو العديد من الاستادات ولعب مباراة بدون جمهور ولعب مباراة علي أرض محايدة وحظر اللعب في استاد معين وخصم نقاط وإلغاء نتيجة المباراة وغيرها من العقوبات الرادعة لفرض النظام الأخلاقي ومباديء اللعب النظيف. ومن الجدير بالذكر كذلك أنه لم يغب عن ذهن واضعي التشريعات واللوائح الصادرة من الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا أن يتناول الأفعال المؤثمة وفقا لنموذج التجريم بتلك النصوص للخارجين والمارقين عن تلك الأحكام, ومنها علي سبيل المثال والتبيين لا الحصر والتعيين الجرائم والأفعال المؤثمة الاتية: الجريمة الأولي: قيام أي شخص بانتهاك كرامة شخص أو مجموعة من الأشخاص عن طريق أفعال أو عبارات احتقار أو تشويه السمعة أو التمييز العنصري من أي نوع ضد شخص أو جماعة أو بلد أو شعب بسب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو السياسة أو لأي سبب آخر( مادة5 من لائحة الفيفا). الجريمة الثانية: قيام أي شخص يستخدم العنف أو التهديد للضغط علي مباراة رسمية( مادة5 من لائحة الفيفا). الجريمة الثالثة: قيام أي شخص بالترويع في مباراة رسمية أو بالتهديدات الخطيرة( مادة59 من لائحة الفيفا). الجريمة الرابعة: التأكد من حفظ القانون والنظام في الاستاد والأماكن المجاورة للاستاد, وعدم المساس بهما( المادة65/ ج من لائحة الفيفا). الجريمة الخامسة: السلوك العدواني وغير المنضبط بين المشجعين بغض النظر عن السلوك الإجرامي أو الرقابة عليه( المادة67 من لائحة الفيفا). الجريمة السادسة: السلوك غير المنضبط المتضمن العنف تجاه الأشخاص أو الأشياء أو إشعال الحرائق ورمي القذائف وإبداء الإهانات أو الشعارات السياسية بأي شكل أو النطق بكلمات أو أصوات مهينة أو غزو الملعب, أوما يخالف مباديء اللعب العادل أو السلوك غير الرياضي بأي طريقة( المادة67 من لائحة الفيفا). الجريمة السابعة: الأفعال العمدية في ارتكاب المخالفات أو عن طريق التحريض أو التواطؤ( مادة9 من لائحة الفيفا). الجريمة الثامنة: أفعال الشروع( مادة8 من لائحة الفيفا). الجريمة التاسعة: السلوك العدواني بصفة عامة مما يؤثر علي سير المباريات( مادة57 من لائحة الفيفا) وكان خاتمها إنشاء لجان قضائية خص من بينها لجنة الأخلاق. أخذا في الاعتبار أن نطاق تطبيق الكود التأديبي للفيفاFDC يسري علي الأشخاص الطبيعية والمعنوية علي حد سواء وهم الاتحادات وأعضاء الاتحادات واللاعبون والمسئولون عن المباريات والمشاهدون المشجعون بل أي شخص مفوض من الفيفا فيما يتعلق بالمباريات أو البطولات والأندية, فلا أحد من الاتحادات في مأمن من المسئولية أو العقاب إذا مال وجنح إلي غير الحق( المادة3 من لائحة الفيفا). ومن حيث أنه إعمالا لما تقدم فإن ثمة منظومة متكاملة وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم وأضحت من مسئولياته الكبري فإن سمح لأحد بخرقها فقد ميزان السيطرة علي القيم الإنسانية التي من أجلها أنشيء ذلك الاتحاد وإذا كان الأمر كذلك وكان الثابت يقينا علي أرض الملعب وخارجه وبات العالم بأسره يشاهدها وشهدها علي الهواء عبر الفضائيات أن المشجعين الجزائريين قد ارتكبوا كل صنوف أعمال التهديد والترويع والعنف واستخدام الأسلحة البيضاء وإظهارها في المدرجات, وهو ماكان له تأثير سلبي علي تركيز اللاعبين المصرين ويكفي أن يحدث ذلك التأثير قدرا ذا بال علي تركيز لاعب أو يزيد, ولولا يقظة الشعب السوداني الشقيق لحدث مالا تحمد عقباه وهو سلوك مؤثم وبموجب تشريعات ولوائح الفيفا ذاتها. وبهذه المثابة يجب علي الاتحاد الدولي لكرة القدم ان شاء ان يفرض النظام ويحافظ علي اصول الاخلاق الا يجعل مباريات كرة القدم وسيلة لتأجيج الشقاق والفرقة والبغضاء بين الشعوب ذلك ان قعود الاتحاد الدولي( الفيفا) عن مباشرة هذا النشاط انما هو اثم كبير وخطأ تاريخي شديد ما كان يجب ان يفوت عليه وهو شاهد عيان والحكم الفصل, خاصة ان مظاهر تلك الانعكاسات التي ارتكبها الجمهور الجزائري كانت واضحة جلية لاتدعو الي دقة التركيز في الرؤية بعد ان حدثت علي مرأي ومسمع من العالم, وكان يجب علي الفيفا ان يتخذ من الاجراءات والقرارات المنصوص عليها في لوائحه وانظمته بما يحقق تلك الغاية ويمنع هذه الجرائم التي حلت علي الشعب المصري من جراء ما ارتكبه الجمهور الجزائري. ومن هنا.. ومن ارض مصر الطيبة.. نقول لرجال الاتحاد الدولي لكرة القدم( الفيفا) باعتباره شخصا من الاشخاص الدولية ان لمصر حقوقا يجب الحصول عليها.. وعليك ايها الاتحاد ان تحمي قواعد اللعبة من العنف والتهديد والترويع وذلك عن طريق انزال حكم القانون في لوائحك وتفعيل العقوبات لحماية القانون الاخلاقي ورأب الصدع بما يجعل الشعوب تتقارب ولا تتباعد وتدعو للسلام لا البغضاء ونبذ الفرقة والعداوة وليس من المهم تغليظ العقوبة وايقاع الاشد منها فذلك لايشغل بال المصريين, ولكن المهم ان يعرف العالم كله ان السلوك الذي اتاه اتحاد الكرة الجزائري ومن بعده الجمهور الجزائري قد خرج علي اصول الشرعية القانونية الدولية, واستحق ان يكون موضع جزاء من المنظمة العالمية( الفيفا). نقلا عن صحيفة الأهرام المصرية