يوم الاثنين الماضي كنت ضيفاً على إحدى القنوات الفضائية للتعليق على كتاب "شريعة الملل" الذي أصدره أخيراً اثنان من حاخامات الاستيطان في الضفة الغربية، أحدهما يسمى يسحاق شابيرا والثاني" يوسي اليتسور". الكتاب يطرح سؤالاً يقول، في أي الحالات يمكن إيذاء غير اليهودي؟ وجاءت إجابة الحاخامين مستندة إلى دراسة ألوف الآيات من أسفار "العهد القديم" ومن "أسفار التلمود"، ومن ثم اتخذت الإجابة طابع الفتوى الدينية. تقول الإجابة يمكن إيذاء غير اليهود في كل مكان، إذا شكلوا خطراً على حياة شعب إسرائيل. وبما أن مجال الدراسة والفتوى يتعلق بإيمان الحاخامين أن الضفة الغربية ملك للشعب اليهودي وأن إعادة جزء منها إلى الفلسطينيين أمر محرم دينياً، فإن الفتوى تنصب على أي شخص غير يهودي يساهم بالقول أو بالفعل في إضعاف حق اليهود في فلسطين بأكملها بما في ذلك الضفة، والعقاب الذي يستخلصه الحاخامان لهذه المساهمة هو القتل أو الموت. وفي كيفية تنفيذ عقاب القتل في هذا الشخص غير اليهودي يقول الحاخامان، إن من حق الأفراد اليهود تنفيذ العقاب دون الرجوع إلى الحكومة الإسرائيلية، فمثل هذا الشخص دمه مباح لكل يهودي يتمكن من رقبته، ويضيف المؤلفان أن من حق اليهودي أيضاً قتل أطفال غير اليهودي، إذا دلت الحالة على أنهم يمكن أن يصبحوا أعداء لليهود إذا ما كبروا، وبالتالي فإن الفتوى تبيح قتل كل من ينتمي للشعب العدو باعتباره مسانداً للمقاتلين، حتى لو لم يكن عمله على صلة بقتال اليهود. عندما سألتني المذيعة، هل هذه الأفكار المتطرفة ترجع إلى الكتب الدينية أم أنها مجرد تخريجات من جانب الحاخامات المتطرفين؟ أجبت بأن أسفار "العهد القديم" والتلمود تحتوي تعليمات تمثل شريعة الحرب عند اليهود، وهي تحض على القتل والإبادة وتدمير المدن وإهلاك الأعداء، وأن في وسع الناس العودة إلى سِفر "يشوع بن نون" في العهد القديم، وهو متاح باللغة العربية ليقرؤوا بأنفسهم وصف هذه الشرائع عند دخول بني إسرائيل إلى أريحا بقيادة "يشوع بن نون" بعد موت النبي موسى. في هذا السِفر يجد القارئ قصة القضاء على سكان أريحا فيما عدا إحدى الداعرات من أهل المدينة التي استضافت الجواسيس اليهود، الذين سبقوا القوات لاستطلاع أوضاع المدينة، كما يجد قصصاً لفظائع حربية مع مدن فلسطينية أخرى. على الطرف الآخر في الحوار، ظهر أحد الحاخامات واسمه الحاخام ميخائيل، قدم نفسه باعتباره أحد أعضاء مجموعة حاخامات من أجل حقوق الإنسان، ولقد استنكر الرجل كتاب "شابيرا" و"اليتسور" واعترض على ما قلت، زاعماً أن هذه الأفكار العدوانية من بنات أفكار الحاخامات المتطرفين، وأن أسفار التوراة و"العهد القديم" مليئة بالآيات التي تحض على السلام، وتنهى عن القتل مثلما هو وارد في الوصايا العشر في وصية لا تقتل. لقد انتقل الحوار في البرنامج إلى جوانب أخرى، ولذا فلقد وجدت من واجبي هنا أن أضع أمام القارئ بعض المواقع في أسفار "العهد القديم"، التي يستقي منها الحاخامات المتطرفون السند الشرعي لفتاوى قتل العرب وغيرهم. لقد دأب العلماء الإسرائيليون على مطالبتنا بتنقية التراث الديني من الأقوال التي تحض على كراهية اليهود في إطار مطالبتهم لنا بثقافة السلام. وأعتقد أنه يجب أن نطالبهم بإعادة النظر في المفاهيم العدوانية التي يستخرجها الحاخامات من بطون الكتب، ويروجون لها ضد العرب ومن يساند حقهم المشروع. إن أسفار التثنية والخروج ويشوع، تحفل بمعاني القتل والطرد والتخريب للمدن والإبادة للبشر بما يسمح لحاخامات التطرف بإصدار فتاويهم القاتلة. وهو أمر يحتاج معالجات أخرى. * نقلا عن جريدة "الاتحاد" الاماراتية