صراع المنتجين على خطف النجوم عن طريق المزايدة فى أجورهم، ارتفاع تكلفة المسلسلات بعد ارتفاع الأجور، ضعف التسويق بسبب زيادة أعداد المسلسلات، انخفاض أسعار البيع بسبب الأزمة المالية العالمية.. أسباب وضعت الدراما المصرية فى مأزق هذا العام يمكن وصفه بحالة موت. ورغم أن المنتجين هم الذين أشعلوا شرارة هذه الأزمة، فإنهم أول من احترق بنيرانها بعد أن وجدوا مشكلة فى التسويق. وفى حين رمى بعضهم بالمسؤولية على القنوات الخليجية التى ابتعدت عن شراء المسلسلات المصرية، التزم البعض الآخر الصمت مكتفين بوصف هذا الموسم بالأسوأ فى تاريخ الدراما، واعتبروه «درسا قاسيا» لهم. لعبة «القط والفأر» كانت طوق النجاة الأخير ليفلت المنتجون من الأزمة، وظهر ذلك من خلال تعاملاتهم مع القنوات الفضائية، فكل منتج يعرف أن منتجا آخر سوق مسلسله لقناة معينة يتصل بها ويعرض مسلسله بسعر أقل بكثير، الأمر الذى أدى إلى انخفاض أسعار المسلسلات. أما القطاع الحكومى، فهو بعيد تماما عن هذه الحرب لأنه شريك فى معظم أعماله بنسبة لا تتعدى 25% وبذلك نجا من عبء التسويق. أما المسلسلات التى أنتجها بنسبة 100% لم يسوقها حتى الآن باستثناء تسويق بعضها للتليفزيونات الأرضية فى بعض الدول العربية. ومن عجائب دراما هذا العام التى لم يتوقعها أحد أن مسلسل «ابن الأرندلى» ليحيى الفخرانى لم يتم تسويقه حتى الآن، الأمر الذى أدهش جميع العاملين فى الوسط الفنى. وهو ليس الوحيد الذى لم يتم تسويقه، فمسلسلات «الأدهم» لأحمد عز، و«أفراح إبليس» لجمال سليمان، و«آخر أيام الحب» لسلاف فواخرجى، و«دموع فى نهر الحب» لوفاء عامر، وجميعها من إنتاج محمد فوزى، ومسلسلات لمنتجين آخرين تواجه المصير نفسه، ولذا اعترف المنتج محمد فوزى بوجود أزمة حقيقية تتعرض لها الدراما المصرية، نافيا وجود حروب من القنوات الخليجية، فهو يرى أن من حق هذه القنوات الاعتماد على ما تنتجه فقط، وقال: «سوريا تعانى مشاكلنا نفسها.. الكل بيغلى لكن هما أشطر مننا فى تقليص عدد المسلسلات عن العام الماضى». الاعتماد على القنوات الداخلية هو السبيل الوحيد أمام «فوزى» ولكن المشكلة التى تواجهه أمام تنفيذ ذلك عدم وجود تنسيق بينها، فالمسلسل الواحد قد يعرض على جميع القنوات وبالتالى هناك أعمال لا تجد فرصة للعرض، ولذا اقترح أن يكون هناك وقفة بين المنتجين لتقليل أجور الممثلين والفنيين فى العمل، ولم يخف «فوزى» اتجاهه حاليا لإطلاق قناة فضائية ليعرض فيها مسلسلاته الخمسة حتى لا يكون تحت رحمة القنوات. ورغم أن الأزمة المالية العالمية أصابت كل الصناعات فإن المنتج جمال العدل -باعترافه- شعر بها مؤخرا خاصة أنه يشارك هذا العام بثلاثة مسلسلات هى: «خاص جدا»، و«حقى برقبتى»، و«وعد ومش مكتوب». وأرجع «العدل» زيادة عدد المسلسلات هذا العام إلى أن قنوات «الحياة»، و«الحياة مسلسلات»، و«بانوراما دراما 1و2» اشترت العام الماضى مسلسلات كثيرة بأسعار مرتفعة جدا، وهو ما دفع المنتجين إلى زيادة الإنتاج، وقال: «التليفزيون المصرى دخل هذا العام منافسا قويا للفضائيات فقد اشترى لأول مرة فى تاريخه مسلسل «خاص جداً» ليسرا كعرض حصرى وهى خطوة جريئة للعاملين بماسبيرو ليعودوا إلى ساحة المنافسة». أمير شوقى منتج مسلسلات «أبوضحكة جنان»، و«علشان مليش غيرك»، و«كريمة.. كريمة»، و«ليالى» واحد من المنتجين الذين تعرضوا للخسارة هذا العام ولم تغط مسلسلاتهم تكلفة إنتاجها ولذلك سوق بعضهم المسلسلات بنظام التقسيط على ثلاث سنوات، الغريب أن «شوقى» أعلن سعادته من الأوضاع التى وصلت لها الدراما حتى يتم تطهير السوق من الدخلاء. «درس قاسٍ».. هكذا وصف «شوقى» ما حدث للمنتجين، لكنه أرجعه إلى مطالبات النجوم المرتفعة وزيادة أجورهم، وطالب بوجود معايير فى الأجور تحددها كل شركة، ولام على القطاع الحكومى لأنه رفع أجور النجوم دون أن ينظر إلى الربح والخسارة لأنه يحصل على دعم من الدولة. محمود شميس منتج مسلسلات «المصرية 2»، و«الباطنية»، و«قاتل بلا أجر» خرج من هذه الأزمة بمقولة أنه «من السهل أن تنتج مسلسلا ولكن من الصعب تسويقه»، ولذا يعقد آمالا على العرض الثانى والثالث للخروج من الأزمة. وبلهجة أكثر تشاؤما، اعتبر صفوت غطاس منتج مسلسل «البوابة الثانية» الفترة الحالية انتحارا للمنتج المصرى بعد أن تخلت القنوات الخليجية عن المسلسلات المصرية، مما جعل القنوات المحلية تتحكم فى السوق وتشترى المسلسلات بنصف الثمن، وقال «غطاس»: «هناك لعبة رخيصة يمارسها بعض المنتجين نتيجة الأزمة وهى أن المنتج عندما يعرف أن زميله سوق مسلسله لقناة معينة يتصل بها ويعرض عليها بيع مسلسله بسعر أقل، وقد تعرضت لهذا الموقف الأمر الذى دفعنى إلى عدم التصريح بالقنوات التى تم تسويق المسلسل لها». ولأن الفضائيات جزء من الأزمة التى تعانيها الدراما حاليا، كان لمحمد عبد المتعال رئيس قناة «الحياة» رأى مختلف، فرغم الأزمة التى يتحدث عنها المنتجون فإنه أكد أنه تم شراء المسلسلات بزيادة 3% عن العام الماضى وتعدى شراء الكثير منها 2 مليون دولار رغم حالة الركود فى الإعلانات، وقال: «المشكلة أن المنتجين حاربوا بعضهم فرفعوا أجور النجوم وبالتالى زادت تكلفة المسلسل ولم يشتر أحد بهذه الزيادة». المشكلة حصرها «عبد المتعال» فى المنتجين لأنهم يبيعون أعمالهم لقنوات الخليج بنصف الأسعار التى تباع بها فى مصر وحجتهم فى ذلك إن «كده كده السوق واقع فى القنوات الخليجية واللى ييجى منهم أفضل من بلاش» لدرجة أن هناك مسلسلات تم بيعها لقنوات خليجية بسعر 600 ألف دولار. وطالب «عبد المتعال» القنوات الفضائية بوجود تنسيق بينها للصمود أمام المنتجين والمبالغ الخيالية التى يطالبون بها، وقال: «شراء المسلسلات عامل زى البطيخة ممكن يكسب أو يفشل ويجب أخذ رأى الوكالات الإعلانية فى أى عمل نقوم بشرائه حتى لا تتعرض القناة لخسائر، فهناك بعض المسلسلات خسرت العام الماضى».