الدهشة هي الشعور المسيطر حاليا إزاء الأحداث الأخيرة التي وقعت في إقليم شينجيانج بالصين، لقد اعتادت أوروبا أن يطالعها الوجه الباسم للدلاي لاما، وعلى الأدب الذي يتميز به إقليم التبت الذي بات منطقة جذب للسائحين، لكن ردود أفعال طائفة اليوجور المسلمة ذات الأصول التركية والتي تشكل أغلبية في الإقليم يمكن ربطها بفشل الحركة الانفصالية لإقليم التبت. فاليوجور معارضون لهيمنة بكين على أراضيهم وقد تبينوا أنه مع عدم وجود العنف لن يمكنهم الحصول على أية مكاسب. لقد استطاعوا في عام 1990 أن يسمعوا صيحة غضبهم وأشعلوا المدن بنيران العنف إلا أن بكين مارست عليهم أقسى وسائل القمع فأعطت انطباعا بإحساس من الأمن الزائف. لفهم سر رياح العنف التي تعصف بإقليم شينجيانج بالصين، يقول ديدييه شوديه الأستاذ الجامعي بباريس - في مقال نشر في صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية - إنه يجب النظر إلى ما يعانيه مواطن من طائفة اليوجور التي تعد أغلبية في هذا الإقليم ولديها شعور بأن خصوصيتها الثقافية مستهدفة. التقرير السنوي للجنة الأمريكية المعنية بالصين أفاد أن الحكومة المحلية في إقليم شينجيانج فرضت قيودا تشريعية عديدة على ممارسة طائفة اليوجور المسلمة لعبادتهم، كما تحدث راديو فري آسيا عن دار للأيتام تعكس تناقض السلطات الصينية إزاء هذه الطائفة فهم يقدمون للأطفال اليوجور أفضل أنواع التغذية والمعاملة لكن يجبرونهم على التخلي عن هويتهم واتخاذ اسم صيني وأكل الخنزير ونسيان ديانتهم، ومن يعارض هذه القيود يتعرض للعقاب. اليوجور ضحايا للآراء المسبقة من قبل طائفة الهان وكمثال على هذه العنصرية ما حدث في يونيو/ حزيران 2009 حيث روجت الشائعات أن عمالا من اليوجور في مصنع شاوجان اغتصبوا سيدتين من طائفة الهان، وقد أشاعت هذه الأخبار المزيفة حالة من التوترات العرقية تفسر ما يحدث من عنف طائفي في شينجيانج. وعلى الصعيد الاقتصادي لا تقل وطأة التمييز ضد اليوجور، فبينما يجني أتباع الهان ثمار النمو الاقتصادي لمقاطعة شينجيانج، يجبر اليوجور على ترك أراضيهم والتحول إلى عمالة رخيصة في مدن أخرى بالصين مع كل ما يصاحب ذلك من عدم استقرار في أوضاعهم. أما البوليس فبدلا من أن يطارد اللصوص وتجار المخدرات يجتهد في ملاحقة الباعة المتجولين أتباع اليوجور. مع ذلك لا ينبغي النظر إلى المشهد على أنه صراع بين الهان واليوجور المسلمين الذين لا يعدوا الطائفة المسلمة الوحيدة في شينجيانج، نجد أيضا عددا من الهيوي وهم من الهان من الناحية العرقية لكنهم مسلمون، مع ذلك لم يقودهم إسلامهم إلى تأييد اليوجور بل بالعكس، فهم يشكلون جزءا كبيرا من قوات البوليس المتهمة بقمع اليوجور. كما أن صدام الحضارات أو التطرف لا يعطيان تفسيرا لما يجري. بالطبع يوجد مجاهدون من اليوجور حاربوا بجانب طالبان وهم موجودون حاليا في مناطق القبائل في باكستان لكنهم لا يمتون بصلة للأحداث الأخيرة التي كانت نوعا من الانفجار التلقائي أبعد ما يكون عن عملية إرهابية مخططة. إن تطور الأوضاع متوقف كليا على الحكومة الصينية، فيجب القيام بحملة وطنية تناهض العنصرية التي يقع ضحية لها مواطنوا التبت واليوجور ومنغوليا والأقليات الأخرى في الصين. الحقيقة هي أنه لا حاجة إلى مؤامرة خارجية لتحريض اليوجور أو التبت على الثورة، فالعنف سيبقى طالما لم تشعر هذه الأقليات بقبول الحكومة لهم بخصوصياتهم الثقافية كمواطنين يتمتعون بكافة الحقوق، ولن يؤدي القمع إلا إلى تحويل اليوجور إلى إرهابيين.