سائق التاكسى ليلاً هو نفسه الأستاذ صباحاً والشاعر بضع ساعات نهاراً.. إنها الحالات الثلاث التى يمر بها حسنى عطية «45 سنة» على مدار اليوم، إذ يخرج من عمله النهارى سكرتيراً فى مدرسة عبدالله النديم الابتدائية فى المطرية إلى عمله الليلى سائقاً على تاكسى، وبين الاثنين يتراوح الشعر لديه، يتوقف فجأة عن القيادة ويركن سيارته ليكتب الأبيات التى ألهمه بها ملك الشعر، وينتزعه من خياله هذا نداء أحد زبائنه: فاضى يا أسطى. بدأ حسنى عمله فى وزارة التربية والتعليم كإدارى فى إدارة المطرية التعليمية، لكنه ألح فى نقله للعمل بإحدى المدارس حتى تتاح له فرصة الاحتكاك بالطلبة.. انتقل أولاً إلى مدرسة إعدادية قبل أن يجد ضالته فى المدرسة الابتدائية التى يعمل بها حالياً: «مينفعش تبقى بتحب الأطفال وشايف فيهم مشروع عمرك كله ومتبقاش جنبهم أو بتكلمهم من ورا مكتب، لازم تبقى واقف معاهم وسامعهم، لأن الطفل ذكى جداً وبيصدق اللى قريب منه فعلاً». المفارقة الأساسية فى حياة الأستاذ حسنى بدأت قبل 6 سنوات عندما لحن فريق التربية الموسيقية بالمدرسة إحدى قصائده عن الأم، وتناقلت المدراس الأغنية حتى أصبحت تغنى فى مدارس إدارة المطرية دون أن يعرف المستمعون وبعض الأطفال فى مدارس أخرى أنها أغنية حسنى. ثم قدم حسنى أغنيات تربوية أخرى عالج فيها أغلب القضايا التى وجدها حاضرة أمامه مثل الفتنة الطائفية وفكرة تقبل الآخر فكتب أغنيتين قال فى إحداهما «أنا اسمى محمد/ وأنا اسمى ميلاد/ أنا اسمى ماريا/ مادام بنحب ربنا/ لازم نخاف على بعضنا/ وأنا اسمى جهاد/ مصر بلدنا كلنا/ حضن دافى يضمنا/ مادام بنحب ربنا/ لازم نخاف على بعضنا/ إحنا حقيقى صغيرين/ لكننا متفاهمين/ معنى الوطن معنى الكفاح/ والاتحاد هو النجاح». حسنى يرى فى الغناء أنسب طريقة لتعليم الأطفال، لكنه أحياناً يستشير المسؤولين فيما يكتبه حيث يخشي أحياناً من طرح تلك القضايا فى أغنيات: «أكتر حاجة بتبسطنى لما ببقى معدى جنب مدرسة أو حضانة وألاقيهم بينشدوا الأغانى بتاعتى من غير ما يبقوا عارفين إن الراجل اللى بره السور ده هو اللى كتب.. وبصراحة أول حاجة خلتنى أبدأ أكتب للأطفال أغنية (بابا فين) اللى كانت بتعلم الأطفال الكدب وإنهم يستخفوا بالكبار، وكنت بخاف على ولادى من أغانى زى دى، لكن اللى نفسى فيه بجد أن الأغانى بتاعتى تتغنى مش من مطربين كبار لكن من فرق كورال الأطفال فى المراكز الثقافية أو الأوبرا، لأن اللى بيطلع من الطفل للطفل بيتصدق على طول».
