"الفيرومون" هي مواد عطرية تتيح للحيوانات التواصل من خلال حاسة الشم. قبل خمسين عاما أي في عام 1959، إخترع عالم الكيمياء الحيوية الألماني بيتر كارلسون وعالم الحشرات السويسري مارتن لوشر مصطلح "الفيرومون"، والذي يعني أصله الإغريقي " هرمون متنقل" وقد عرف العالمان الفيرومون : بمادة يفرزها كائن، يستقبلها كائن آخر من نفس النوع وتؤدي إلى تفاعل معين أو تغير في السلوك أو تغير بيولوجي لدى الكائن الآخر. في نفس العام 1959 قام عالم آخر هو الألماني آدولف بيوتنانت الحاصل على نوبل في الكيمياء لعام 1939 لأعماله حول الهرمونات الجنسية، بأول محاولة لعزل الفيرومون الحيواني ووضع وصف كيميائي لها.هذه الفيرومون سميت " بومبيكول" وتفرز بواسطة دودة القز، وتستخدمها الأنثى لاجتذاب الذكر. لقد احتاج الباحثون إلى 500.000 أنثى دودة قز لاستخلاص 12 مليجم فقط من الفيرومون لإجراء الدراسات عليه ( اليوم يكفي دودة قز واحدة). إن الأبحاث حول التواصل بين الحيوانات من خلال حاسة الشم تعود إلى عام 1870. عالم الحشرات الفرنسي جان هنري فابر دون ملاحظاته على الفراشات: فقد لاحظ ان الذكر تجاهل الفراشة الأنثى التي يفصله عنها لوح من الزجاج رغم انها مرئية لكنه اندفع تجاه أنثى اخرى مختبئة خلف سياج. إستنتج العالم الفرنسي أن الرائحة في المقام الأول هي التي تجذب الذكر أكثر من الرؤية. داروين نفسه أكد على ذلك حيث لاحظ أن إضافة إلى الإشارات المرئية والمسموعة يوجد إشارات كيميائية تتصل بحاسة الشم تسمح للذكور والإناث بالتمييز بين بعضهم لاختيار أفضل المرشحين في "مباراة التكاثر". في السنوات الأخيرة تم التعرف بواسطة الأبحاث على انواع كثيرة من الفيرومون تفرزها البكتيريا والحيوانات والحشرات والأسماك وحتى الثدييات، بل المدهش أنها موجودة لدى بعض الأشجار التي تفرزها عندما تتعرض لهجوم من طفيليات أو أمراض معينة فتقوم بإفراز هذه الإشارات الكيميائية لتحذر باقي الأشجار المجاورة التي تصدر بدورها روائح كريهة لتنفر المهاجمين. إذن لا يقتصر دور الفيرومون على أغاني الغزل كما هو الحال عند الفراشات، لكن تقوم بدور إشارات الخطر للهروب أوللنداء من أجل الرضاعة عند الأرانب أو لبناء مأوى عند الأرَضَة أو لوضع معالم طريق عند النمل. لا يجب الخلط بين الفيرومون والرائحة الجسدية التي تختلف من فرد لآخر داخل نفس النوع، أما الفيرومون تكون موحدة عند كل نوع. إن الرائحة الجسدية يمكن أن تعطي معلومات عن الحالة الفسيولوجية أو العاطفية عن الكائن الذي يصدرها، أما الفيرومون فتؤدي إلى إطلاق رد فعل فطري وتلقائي. بالنسبة للفيرومون البشري يظل السؤال قائما، فلم يتم التوصل إلى وجودها بالرغم من وجود بعض دلائل عليها. إن أقدم دراسة في هذا المجال قام بها راهبات معتزلات حيث لاحظن حدوث تزامن في دورتهم المبيضية كأن فيرومونا ما متواجدا في زفيرهن قد أدى إلى ذلك.