تؤكد بعض الدراسات العلمية الوراثية ان مصادر الغرائز الحيوانية والبشرية تتشابه فيما بينها الى حد بعيد، نتيجة تشابه وظيفة بعض الجينات المشتركة، المسؤولة عن هذه الغرائز. وأوردت جريدة الخبر الجزائرية في مسح واسع للخرائط الجينية للانسان وبعض الحيوانات الاخرى، توصل العلماء الى ان بعض الحيوانات التي خضعت للتحليل حتى الآن تشترك مع الانسان بنسبة عالية من الجينات المتشابهة، فمثلا القردة من نوع الشمبانزي، تصل نسبة تشابه جيناتها مع الانسان الى أكثر من 98 في المائة، وكذلك الحال بالنسبة للقردة من نوع الغوريلا، حيث تتشابه جيناتها مع جينات الانسان بنسبة تصل الى اكثر من 70 في المائة، وكذلك الحال بالنسبة للحيوانات الاخرى، مثل الكنغر الذي اثبت العلماء الاستراليون ان جيناته وترتيبها تشبه الى حد بعيد جينات الانسان وترتيبها. اذاً فالغرائز المقبولة او غير المقبولة، تنتقل وراثياً من جيل الى آخر، ومن بين تلك الغرائز ظاهرة «التحرش الجنسي»، التي لم تعد بعد اجراء المزيد من البحوث العلمية مقتصرة على الانسان وحده، وانما تشمل الحيوانات ايضا. وربما تستطيع مراقبة تصرفات وحركات الحيوانات الجنسية اما في اعشاشها او في ابراجها، وعلى نطاق الطبيعة المفتوحة، وابسط الامثلة على ذلك تصرفات الحمام الزاجل، الذي يعتبر نموذجا مناسبا لرصد هذه الظاهرة عن قرب، فذكور الزاجل، وبعد بضعة دقائق من انتهاء تناول وجبة الطعام، تبدأ بالطواف حول الاناث واستعراض انفسها وطاقتها الحركية مع زقزقة من الانغام الجنسية الخاصة، اما الاناث، فتصاب بالخمول وتباطوء الحركة، اللذين هما نوع من انواع التحضير الهرموني لتقبل المناكحة، ولكنها تبدو كما لو انها في حالة من الضعف او الخدر، وهي تحاول الهروب من محاصرة الذكور لها، او تترك لنفسها فسحة من الوقت لاختيار الذكر الاكثر شراسة او وحشية في محاولة اغتصابها، بحيث تستسلم له اخيرا، من دون ادنى مقاومة. وهذه الظاهرة التي ربما تبدو اخف عدوانية عند الحمام الزاجل، تظهر اكثر شراسة عند حيوانات اخرى، فذكر الاسد مثلا حين يتحرش بالانثى، يلطمها بمخالبه الجارحة على وجهها، وبذلك يلجأ الى العنف منذ البداية، لكنه من الحيوانات المخلصة للحياة الزوجية، حيث لا يخون زوجته في أي حال من الاحوال. وتتكرر هذه الظاهرة بين اغلب الحيوانات، ومنها من يشذ عن القاعدة العامة، فيمارس العنف الجنسي من دون حدود، وتظهر لديه نوازع جنسية بيولوجية مختلفة عن السياق العام، كما هي الحال بالنسبة لذكر طائر النورس، الذي تدفعه نزعته الجنسية «المثلية» الى مهاجمة ذكر آخر من فصيلته، وهو الحيوان الوحيد في مملكة الحيوانات المتهم بالشذوذ الجنسي، حيث لا يفرق بين الانثى والذكر، حينما تحين لحظة هيجانه الجنسي.