منذ حادثة الأحد 14 ديسمبر كانون الأول 2008 الذي ألقى فيه الصحفي العراقي "منتظر الزيدي" ب "فردتي حذائه " فوق رأس الرئيس الأمريكي بوش، والحديث لا ينقطع عن الأحذية .. أحذية المشاهير ومشاهير الأحذية. وقد أعلن أحد الأثرياء من المملكة العربية السعودية رغبته في شراء حذاء "منتظر الزيدي: الشهير وعرض مبلغ 10 ملايين دولار قيمة أولية لعرضه. والحديث عن الأحذية ذو شجون ! ومن التاريخ نعلم إن "جوزفين" زوجة "نابليون كانت تقدّر الأحذية جيداً, وترى أن حذاء زوجها الحربي برغم ما يغطيه من غبار المعارك, هو رمز لكرامة وطنها!. أما «إيفا براون», فكانت تعلم بقدوم عشيقها «هتلر» من وقع أقدامه وهو يدوس بحذائه العسكري على سلالم الدرج وسلالم الشعوب, «ويا له من حذاء مهيب!. وللأحذية عند النساء إستخدامات خاصة غير التي نعرفها ، فبعض النسوة يروْن في الأحذية ” حلاً سريعاً ” في ردع الشباب المعاكس ، والبعض الآخر منهن يرى أن الرجال يُعْرَفون من خلال أحذيتهم ، و في إحدى قصص الأديب الإيطالي البرتو مورافيا عن الريف الإيطالي ، يذكر أن زوجة العمدة قالت لأحد جيرانها الذي يغازلها من البلكونة : أرني حذاءك لكي أعرف من أنت ! أما نجمة الإثارة وبطلة أفلام «ايمانويل» «سيلفيا كريستيل» فصرحت للصحافة «بأن الرجل الأنيق يعرف من حذائه». وهذا رأي «رومي شنايدر» أيضاً التي تقول « أول ما يلفت نظر المرأة في الرجل هو حذاؤه!. ولعل هذا مادفع «ايميلداماركوس» زوجة ديكتاتور الفلبين السابق «ماركوس», لأن تحتفظ في خزانتها بما يقارب ثلاثة ألاف زوج من الأحذية فقط، في الوقت الذي يسير فيه الآلاف من بؤساء شعبها حفاة القدمين!. وبرغم ما يمتلكه زوجها من ملايين الدولارات التي حاول غسلها في أمريكا, فإنه قضى نحبه في الغربة بعد أن أدارت له أمريكا ظهرها, ليدفن في مقبرة مغمورة بحذائه الضيق الأسود بعد أن فشل في تبييض أمواله, لم تنفعه ملايينه المكدسة في كعب الحذاء ، وفي العقد السادس من القرن العشرين كان حديث الناس الرئيسي هو عن حذاء الرئيس السوفيتي "نيكيتا خروشوف" الذي عبّر عن سخطه الشديد من الدول الأمبريالية, حين خلع حذاءه في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة وضرب به على المنصة أمامه مندداً ومهدداً الدول المتسلطة, فكان الحذاء سلاحاً سياسياً ذي وجهين!. ويصبح الحذاء أداة للإذلال, كما حدث لصورة "بوش" الأب التي ألصقت على أرضية إحدى الفنادق الكبرى في عهد «صدام» لتدوسه الأحذية العابرة, أو أداة للضرب كما حدث أن لطمت به الكثير من صور المشاهير والطغاة, بعد أن عجز الغاضبون عن ضربهم على أجسادهم مباشرة. ولكن الملكة "شجر الدر" لم تنجو من القتل بالنعال الخشبية "القباقيب" انتقاما من أرملة "عز الدين أيبك" الذي إغتاله أنصار "شجر الدر" بإيعاز منها فكانت أشهر ضحية للنعال في التاريخ. وفي 22 ديسمبر 2002 تم ضبط راكب إنجليزي يدعى "جوزيف ريد" بينما كان يستعد لتفجير طائرة متجهة من باريس إلى نيويورك باستخدام حذاء ملغوم. ويقال أنه كان به كمية من المتفجرات تكفي لتدمير الطائرة في الجو بركابها. ولربما استخدم الحذاء أحياناً للتعبير عن مكانة المرء ورفعة شأنه, كأن يقال: وعلى الرغم من منزلته وعلو كعبه في المديح فقد سقط, ويذكر التاريخ أن رعاة البقر الأمريكيين كانوا يدوسون بنعالهم الحديدية المعقوفة /كمنقار/ الغراب تحف حضارة الهنود الحمر وأجساد وقلوب أبنائها, بوحشية حوافر نعال أحصنة «تيمورلنك». أما حذاء «سندريلا» فيبقى ،مع كونه ،أشهر الأحذية على الإطلاق ، "وش السعد أو جالب الحظ بعد أن جلب لها السعادة, حين وقعت أنظار الأمير عليها في حفله الاسطوري, فوقع في حبها ووقع الحذاء من قدمها حين أسرعت في الخروج, فلم يستدل عليها إلا عن طريق حذائها الجميل!. على النقيض من "مركوب أبو القاسم" في الأدب الشعبي المصري و حذاء «الطنبوري» في الأدب الشامي جالب المتاعب الذي كلما حاول صاحبه التخلص منه ومن متاعبه, أعيد إليه. وفي عالم كرة القدم المصرية لدينا حذاء شهير هو حذاء "طلعت يوسف" لاعب الإتحاد السكندري الذي دخل مرمى حارس النادي الأهلي مع الكرة في الهدف الذي فاز به الأتحاد بكأس مصر عام 1976. ولعله كان حذاء الشؤم فلم يحرز الأتحاد تلك البطولة على يومنا هذا ولعل أثمن الأحذية الرياضية فهو «الحذاء الذهبي» الذي يمنح للاعب الدولي الأكثر احرازا للأهداف , أما الحذاء الذي اشتهى «فان كوخ» أن يرسمه, كما نوه في رسالته الأخيرة لشقيقه «ثيو»: «حتى حذاء الفلاح الذي يقطر بؤساً, لا يكاد يخلو من جمال أشتهي أن أُمسك به بريشتي»! «فيا لجمال الأشياء الحزينة»!. يذكرني برسم «كاريكاتيري» ساخر «لسفينة الحب» رسمت على شكل فردة حذاء لا يدري أين يسير بصاحبه!. على أية حال فهو يختلف عن حذاء «أرمسترونج» الذي كان أول من وطأ أرض القمر, ليصبح حذاءً تاريخياً! على الأقل فهو غير مصنوع من جلد الحيوانات, التي أثارت حفيظة نجمة الإغراء «بريجيت باردو» والتي احتجت على صنع «الأحذية» من جلود الحيوانات, لكنها لم تحتج أبداً على صنعها من جلد الشعوب, التي تسلخ في حروب بلادها كل يوم. على العكس من «مارلين مونرو» التي تركت حذائها الجميل للجنود الأمريكان في «فيتنام», فكان لديها بعض الحق إذا أن بعض الأحذية تثير الشهوة بأكثر من لابسيها, كما هو الحال عند «الفتيشية» وهكذا يتحول الحذاء إلى موضوع غريزي مثير, وربما لهذا تفضل الكثير من الغانيات ارتداء الكعب العالي لإرضاء زبائنهن!., وفي عالم الجغرافيا مازلت أذكر كيف استطاع أستاذنا في الثانوي أن يجعلنا نحفظ خريطة إيطاليا التي تماثل حذاء حريمي ذو كعب عال. ولايخجل الإيطاليون من هذا فهم الآن أشهر صانعي الأحذية الجلدية في العالم. ويتبقى سؤال واحد نبحث له عن إجابة ، وهو "ماهي ماركة حذاء منتظر الزيدي: وماهو مصيره الآن؟.