الأهرام: 19/11/2008 ما سوف أكتبه يوجع القلب.. ويدمع العينين.. ويجرح الضمير.. ويصيب بالاكتئاب.. ما أعنيه بدون استطراد هو ما يحدث في عالمين مختلفين: العالم الأول: هو النفط وفوائضه التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات, والتي ضاعت في الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلي أن تخبرنا الدول النفطية الشقيقة أنها مازالت تودع أموال الأجيال المقبلة في أوعية استثمار آمنة, وهو ما لم يعد موجودا اليوم بعد الانهيار الذي شهدته أسواق المال في العالم. والعالم الثاني: هو الاتجار بأعضاء البشر في عالمنا العربي, وهو سوق من نوع آخر انعدم فيها الضمير لدي الأطباء, والسماسرة, وتجار الكلي.. و هو ما برز بشكل واضح في مافيا بيع الكلي داخل المستشفيات الخاصة في مصر.. والأكثر قسوة هو هروب الأطباء والممرضات وترك ثلاثة من المرضي السعوديين بعد إجراء الجراحة لهم بساعات ووفاة الرابع, ورمي الفتات إلي الفقراء والمشردين من المصريين الذين تنتزع أعضاؤهم مقابل بضع مئات من الجنيهات. إنه العار الجلل يحيط بنا جميعا.. ويكشف بكل جلاء نوازع النفس البشرية الشريرة التي لا ترتدع لقيم الشرف.. والأمانة.. والرحمة. إنه مجتمع يتفسخ تحت وطأة الفقر والفساد. في عالم النفط وفوائضه: يمكن بكل سهولة إنشاء سلسلة من أهم المستشفيات في العالم العربي, سواء في الدول المصدرة للنفط أو تلك المستوردة له.. بالفتات مما خسره العرب عن طيب خاطر في أسواق المال العالمية يمكن رفع مستوي الرعاية الصحية في عالمنا إلي أعلي المستويات الدولية بما يخرجنا من دوامة العار التي نشعر بها نتيجة لذلك العالم السري البغيض لبيع الأعضاء البشرية. وفي العالم الثاني: يمكن بقليل من الصرامة, وإعمال القوانين المنظمة لعمل الطب إعادة تلك المهنة الشريفة إلي قسم أبقراط وإلي احترام حق المريض في العلاج. وإعادة الاحترام إلي إنسانية الإنسان بحيث لا ندفعه إلي أن يبيع أعضاءه لكي يعيش. لمصلحة من ترك مافيا بيع الكلي تبرطع علي حساب صحة المواطنين؟ طبيب يتلقي35 ألف دولار عن العملية.. ومتبرع يحصل علي800 جنيه!! ومريض مسكين وقع بين طبيب انعدمت الأخلاق لديه.. وسماسرة لا يهمهم شيء إلا تحصيل العمولة.. وليذهب المريض والمتبرع إلي الجحيم. قليل من الشفافية والرحمة في عالم النفط.. وعالم بيع الكلي والأكباد كفيل بإعادة العرب إلي إنسانيتهم.. والا إيه؟!