الأهرام : 17/02/08 نجاح اللوبي اليهودي في أوروبا ليس مقصورا علي التنسيق مع الحركة الصهيونية العالمية والتأثير علي الإعلام والدعاية السياسية واستغلال المؤتمرات ومراكز البحث والتفكير لنشر أساطيرها عن حقها التاريخي في أرض المعاد وأكاذيبها عن الإرهاب الفلسطيني, بل كان النجاح أكبر في مقدرته علي عقد التحالفات مع جماعات المصالح مثل النقابات وجمعيات الدفاع عن حقوق المرأة, وحقوق الإنسان, والمنظمات الدينية المسيحية الأصولية. والسر في قوة اللوبي اليهودي أن اليهود في كل دولة يمثلون صوتا واحدا في الانتخابات, والأثرياء منهم يشاركون بالنصيب الأكبر في تمويل حملات المرشحين المؤيدين لإسرائيل, ولذلك يتسابق المرشحون علي تقديم الوعود لدعم إسرائيل وتأييدها دون شرط, وهذا مافعله الرئيس الفرنسي ساركوزي في حملته وحتي الآن. وتأثير التجمعات والجمعيات والشخصيات اليهودية في كل دول أوروبا الغربية والشرقية ليس بعيدا عن الحملات التي تتوالي علي العرب والمسلمين وعلي الإسلام. وفي فرنسا اكبر جالية يهودية في أوروبا خصوصا بعد أن هاجر إليها معظم اليهود من مصر والمغرب وتونس والجزائر بعد عدوان إسرائيل وفرنسا وبريطانيا علي مصر عام1956. وفي فرنسا منظمات يهودية متطرفة ومحطة إذاعة يهودية, ومجلس أعلي للمؤسسات اليهودية, ويظهر أثر النشاط اليهودي في كل التيارات السياسية والفكرية تقريبا, سواء كانت تيارات شيوعية أو رأسمالية, متعصبة أو متحررة, دينية أو علمانية, وحتي في تيار الدفاع عن حقوق المهاجرين والأجانب والشواذ, ويساعدهم علي ذلك أن أغلب وسائل الإعلام والفنون من تليفزيون وسينما وصحف يسيطر عليها يهود, بعضها يخاطب المتحمسين لعملية السلام وبعضها الآخر يعزز موقف الرافضين لها. وبعضها يتعاطف من منطلق انساني مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القهر والابادة والتجويع, وبعضها الآخر ينحاز إلي العدوان الإسرائيلي ويعتبره دفاعا شرعيا عن النفس في مواجهة العدوان الفلسطيني علي الشعب اليهودي الذي يريد أن يعيش في أمن وسلام(!). ومعظم المنظمات اليهودية في أوروبا مرتبطة بالمؤتمر اليهودي العالمي الذي اكتسب قوة كبيرة عندما كان يرأسه ناحوم جولدمان, كما ترتبط بالوكالة اليهودية في الولاياتالمتحدة. هذا لم يمنع وجود فئات من المثقفين والشباب في أوروبا لا يجدون حرجا في نقد العقيدة السياسية العدوانية والتوسعية لإسرائيل التي تهدد الشعوب العربية, وهؤلاء يقتربون في فكرهم مع تيار المؤرخين الجدد في إسرائيل. ولذلك نجد التليفزيون الفرنسي يعرض مشاهد الاعتداءات الإسرائيلية علي المدنيين الفلسطينيين علي عكس شبكات التليفزيون الأمريكي وتجد العقلانية والاعتدال في كتابات عدد غير قليل من المثقفين الفرنسيين, إلا أن الصورة التي يقدمها الإعلام عن إسرائيل كدولة عصرية متقدمة علميا وحضاريا وديمقراطية والصورة التي يقدمها عن العرب علي أنهم عكس ذلك وغارقون في التخلف والخلافات.. في فرنسا عشرات المدارس الدينية اليهودية, بالإضافة إلي المجمع المركزي الذي يضم مئات الجمعيات والمؤسسات اليهودية ويشرف علي اكثر من100 معبد يهودي, وعلي تطبيق الديانة اليهودية, وعلي أحوال المواطنين اليهود ومساعدتهم وتوفير فرص عمل لهم, وذلك بالإضافة إلي وجود الحاخامية التي تتابع تطبيق أحكام الشريعة اليهودية في ذبح الحيوانات, وفي كل ما يتعلق بالمواد الغذائية. وبالإضافة أيضا إلي الصندوق الاجتماعي اليهودي الموحد الذي يتلقي سيلا من المساعدات المالية من اليهود الأغنياء ويقدم مساعدات مالية لمؤسسات الإعلام والنشر. ويكتسب هذا الصندوق شرعية بحيث تتعامل وتتعاون معه الوزارات بصفة رسمية. هذه الجمعيات والتجمعات هي التي تدفع إلي أعمال العنف في شوارع المدن الفرنسية لمواجهة كل من يعارض إسرائيل وهي التي نظمت حملات اطردوا العرب من فرنسا. وفي فرنسا كما في غيرها من الدول الأوروبية جاليات عربية يمكن أن يكون لها تأثير, ولكن العرب في الغرب مختلفون أو سلبيون كما هم في بلادهم فيما عدا قلة قليلة تحاول أن تفعل شيئا وتسمع صوتها لكنها لا تجد الدعم والمساعدة, وهذا موضوع آخر.