زادت في الآونة الأخيرة مشكلات العمالة المصرية مع أصحاب العمل في دول الخليج، أو ما يطلق عليهم «الكفلاء»، نتيجة لقيام هؤلاء الكفلاء باحتجاز جوازات السفر الخاصة بالمصريين الذين يعملون لديهم، أو اكتشاف العامل المصري أن الأجر الذي سيتقاضاه مختلف تماماً عما تعاقد عليه، أو أن يكلفه كفيله بأعمال مغايرة تماماً لتخصصه، الأمر الذي يتسبب في مشكلات كبيرة للعمالة المصرية، وقد يصل أحياناً إلي لجوء العامل المصري إلي القضاء وفي هذه الحالة يمنع العامل من مغادرة الدولة التي يعمل بها، حتي الفصل في هذه المشكلة وقد يستغرق هذا الأمر سنوات حتي انتهاء هذه المشكلة. وكانت مشكلة المواطن المصري «ن. أ. ع» أكبر مثال علي مدي استفحال هذه المشكلة، ومدي الظلم الذي قد يتعرض له المواطن المصري في الخارج، حيث ظل لمدة ثلاث سنوات لا يستطيع العودة إلي وطنه مصر بعد خلافه مع كفيله، ووصول الأمر إلي القضاء السعودي، الذي ينظر مشكلته حالياً، وهناك عشرات - ويمكن مئات - القضايا من هذا القبيل. وأمام تزايد مشكلات العمالة المصرية مع كفلائهم في دول الخليج العربي، ومع تزايد الانتقادات الحقوقية لهذا النظام باعتباره يتعارض مع جميع مواثيق حقوق الإنسان، تبرز المطالبات بضرورة إلغاء هذا النظام الذي يطبق علي مواطني دول العالم الثالث الذين يعملون في دول الخليج. وقال السفير محمد منيسي، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج: «إن استمرار نظام الكفيل في الوقت الراهن غير مبرر، ففي السابق كان يمكن تفهم الأسباب التي دعت دول الخليج العربي لفرض هذا النظام، حيث كانت هذه الدول في بداية نموها، وكانت كياناتها الاقتصادية ضعيفة، لذلك فرضت هذا النظام لحماية اقتصادها». وأضاف منيسي: ولكن في الوقت الراهن، ومع العائدات الضخمة للبترول والطفرة التنموية الكبيرة التي حدثت في هذه الدول، أصبح استمرار هذا النظام أمراً غير مبرر. وتابع: هذا النظام في وضعه الحالي أقرب ما يكون لنظام السخرة، وهي مسألة لا يمكن تصور استمرارها في القرن الحادي والعشرين، ومع كل هذا التقدم في نظم حقوق الإنسان الدولية. وأكد منيسي أن نظام الكفيل يسيء لصورة دول الخليج أكثر مما يسيء للعامل الأجنبي الذي يعمل في تلك الدول، ومعرباً عن تقديره للخطوة التي اتخذتها مملكة البحرين في بداية العام الجاري بإلغاء هذا النظام. وأعرب منيسي عن أمله في أن تعيد دول الخليج - التي تطبق نظام الكفيل - النظر في هذا النظام، وإن تعذر إلغاؤه فعليها إدخال الكثير من التعديلات عليه. ولفت إلي وجود كارثة أخري - علي حد قوله - قد يتعرض لها المصرين الذين يعملون في هذه الدول، وهي «التمييز في المزايا والرواتب»، موضحاً أنه يعرف قصة طبيب مصري أمريكي الجنسية ويعد من الخبراء المعدودين في تخصصه، وتعاقد معه أحد المستشفيات الكبيرة في إحدي دول الخليج، وكانوا متعاقدين معه علي راتب كبير، ولكن عندما علموا أنه مصري الأصل قاموا بتخفيض هذا الراتب بصورة كبيرة، فما كان منه إلا أن فسخ التعاقد وعاد إلي الولاياتالمتحدة. وبالرغم من مساوئ نظام الكفيل إلا أن السفير منيسي أكد أنه نظام تطبقه دول أخري، وبالتالي فلا يحق لوزارة الخارجية أو هيئة رعاية المصريين في الخارج - تحت التأسيس - المطالبة بإلغائه لأنه يعد أمراً داخلياً، ولا يحق لنا التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول. وقال حافظ أبوسعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن منظمته كانت أول من أثار مشكلة «الكفيل» عام 1989، ومنذ ذلك الوقت فإنها تعمل علي هذه القضية، موضحاً أن جميع الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المصرية وغيرها في دول الخليج العربي، سواء احتجاز غير قانوني أو إساءة المعاملة وعدم الحصول علي الحقوق المالية كاملة، كلها نتيجة لاستخدام هذا النظام. وأكد أبوسعدة أن تطبيق هذا النظام يمثل «انتهاكاً» لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان فيما يخص علاقة العمل ولفت إلي أن آخر تقرير صدر عن الخارجية الأمريكية حول قضية الاتجار في البشر اعتبر نظام الكفيل نوعاً من أنواع الإجتار بالبشر. وشدد أبوسعدة علي ضرورة إلغاء هذا النظام في الدولة التي تطبقه، واستبداله بنظام عقود العمل الدولية التي صدقت عليها منظمة العمل الدولية والعربية، التي تهدف إلي حماية العامل وصاحب العمل علي حد سواء.