الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ليست كغيرها من الانتخابات في أي من دول العالم، وذلك ليس فقط في تعقيدها واحتدامها بين الحزبين الأمريكيين الرئيسيين (الديمقراطي والجمهوري) إنما أيضا لأنها تجري في أكبر دولة في العالم ومن ثم فالانتخابات فيها تتأثر وتؤثر .. تتأثر بتداعيات نهج الرئيس المغادر للبيت الأبيض - وهو ما يلعب عليه المرشحون المتطلعون لدخول البيت الأبيض - وتؤثر في الدول الأخرى لا سيما الدول النامية ومنها الدول العربية وقضايا الشرق الأوسط. ورغم اتفاق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة السفير الدكتور/ محمد عبد الوهاب الساكت، ومدير مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة الدكتور/ عبد المنعم المشاط على أن إسرائيل هي المستفيد الأول من هذه الانتخابات، إلا أنهما اختلفا حول تأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العراق وإيران. التنافس على إرضاء إسرائيل فقد رأى د/ محمد عبد الوهاب الساكت أن قراءة المستقبل لابد أن تستند على قراءة التاريخ، موضحا أن كل الانتخابات الأمريكية السابقة أيا كانت نتيجتها فإن من يدخل البيت الأبيض يمارس سياسة محددة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بصرف النظر عن انتمائه إلى أي من الحزبين الرئيسيين، ولذلك لم يحدث تغيير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة سواء جاء المرشح الجمهوري أو المرشح الديمقراطي. وكتجربة تاريخية يجب ألا ننسى الماضي، فقد فرح الكثيرون بفوز بوش في الانتخابات السابقة وخروج كلينتون ومع ذلك كان بوش أسوأ من كلينتون، لأن هناك مؤسسة تحمل سياسة واحدة بصرف النظر عمن يديرها، فالرئيس الأمريكي أيا كان يأتي لتنفيذ سياسة معينة في ظروف معينة، وكذلك إسرائيل بصرف النظر عمن الذي يحكمها فهي تمارس نفس السياسة أولمرت مثل شارون مثل باراك مثل نتنياهو مثل غيرهم كلهم يقومون بتنفيذ سياسات مخططة لأزمنة بعيدة ويأتي كل واحد بدوره في هذا التنفيذ، وهذا ما نفتقده في دولنا العربية حيث لا توجد سياسة واحدة ومستمرة ومستقرة. وأشار إلى أن كل المرشحين الأمريكيين يتنافسون على إرضاء إسرائيل والدفاع عن سياستها التوسعية والضغط على البلاد العربية حتى لا تتوحد ويزيد التمزق، وكذلك يتفق المرشحون على استمرار الغزو الأمريكي للعراق وتفتيت السودان، وذلك لأن الولاياتالمتحدة دولة كبرى تحكمها مؤسسات هي التي تحدد الثوابت التي يسير عليها أي رئيس أمريكي، مؤكدا أننا لم نلمس أي تغير خلال ال50 عاما الماضية، فمنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي أيزنهاور مبدأ الفراغ في الشرق الأوسط .. والتدخل الأمريكي يزداد يوما بعد يوم في المنطقة، والتكتيك يزيد، وكذلك الانقسام، والتوسع الإسرائيلي أيضا يزيد، مشددا على أن الأمل الوحيد لوقف هذا التوسع الأمريكي والتأييد الأمريكي لإسرائيل هو في القوة الذاتية للمنطقة بقيادة أكبر دولة عربية وهي مصر. وأضاف د. الساكت أن هناك أهدافا محددة في الوثيقة التي انضمت إليها الولاياتالمتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، كميثاق حلف الأطلنطي مثلا الذي يدعو في أول أهدافه إلى نشر قيم الحضارة الغربية وبالتالي طمس ملامح الحضارة العربية الإسلامية، ما يفسر التناقض الشديد فيما تعلنه الولاياتالمتحدة من أهداف تبرر بها سياستها أحيانا، كما هو واضح من خلال تعاملها مع إسرائيل الآن، حيث يقتل الإسرائيليون الفلسطينيين ويغرق الأمريكيون المشروع العربي. وفي هذا الإطار يتفق د. الساكت مع د. عبد المنعم المشاط الذي أكد أن أحد الثوابت الأمريكية هو الحفاظ على أمن إسرائيل، وأن أي مساس بأمن إسرائيل يعتبر مساسا بأمن الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأوضح المشاط أن عملية الانتخابات الأمريكية عملية معقدة للغاية، وقضايا السياسة الخارجية أقل أهمية بالنسبة للناخب الأمريكي، ومع ذلك فإن هناك بعض القضايا في السياسة الخارجية فرضت نفسها على الساحة الأمريكية، لكن حقيقة الأمر أن المواطن الأمريكي يهتم أساسا بالأوضاع الداخلية المتعلقة أولا بالوضع الاقتصادي المتعلقة بالضرائب وقضية المهاجرين وقانون الطوارئ ... إلخ. جون ماكين وميت رومني أما فيما يتعلق بالشؤون الخارجية فند د. عبد المنعم المشاط تلك القضايا كالتالي: أولا: موضوع القوات العسكرية الموجودة في العراق، مشيرا إلى اختلاف المرشحين فيما بينهم، حيث يؤكد جون ماكين ضرورة استمرار الوجود العسكري الأمريكي، بينما يرى باراك أوباما أنه ينبغي الخروج من العراق خروجا مشرفا، أما السيناتور هيلاري كلينتون فتواجه مشكلة لأنها صوتت على التدخل الأمريكي في العراق والآن لا تستطيع أن تخرج عن هذا الأمر الذي يعد نقطة سوداء في تاريخ هيلاري، وبالنسبة للمرشح الجمهوري ميت رومني فهو ليس له موقف محدد في هذا الإطار ولكنه يعتقد أن الوجود الأمريكي في العراق هو جزء من مكافحة الإرهاب الدولي وهو جزء أيضا من دعم إسرائيل ومن ثم ينبغي استمرار الوجود العسكري بالعراق حتى يتم تصفية القضايا الإقليمية الأخرى. ثانيا: إسرائيل، فجميع المرشحين بدون استثناء يؤيدون العلاقات الوثيقة مع إسرائيل والضمانات الأمنية التي ينبغي تقديمها لها والموقف المعادي لحماس، فهناك اتفاق كامل بين الجميع حول هذا الأمر وإن كان ماكين ورومني على سبيل المثال يتخذان موقفا أكثر تشددا وأكثر تأييدا لإسرائيل من كل من هيلاري كلينتون وباراك أوباما. ثالثا: قضية الالتزام الأمريكي بنشر الديمقراطية في الخارج، حيث لم يحدد ماكين موقفه من هذا الأمر، بينما أشار رومني إلى ضرورة إنشاء ما أسماه "الشراكة من أجل الرخاء والمستقبل" مع دول مختلفة ومنها دول الشرق الأوسط بطبيعة الحال، وإن كان أوباما الأكثر حديثا عن التغير في السياسة الأمريكية تجاه البلاد المختلفة. وأعرب د/ المشاط عن اعتقاده بأنه إذا تم انتخاب ماكين أو رومني لن يكون هناك تغير كبير في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية إزاء منطقة الشرق الأوسط، أما إذا تم انتخاب هيلاري أو أوباما يمكن أن يحدث تغير ما إزاء قضية العراق، حيث يتم سحب القوات من العراق ربما بشكل تدريجي، على خلاف القضية الفلسطينية التي لن يكون موقف الديمقراطيين تجاهها أفضل من موقف بوش، وكذلك الأمر إزاء التحولات الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط. وحول مدى قدرة الدول العربية على استغلال المصالح الأمريكية لديها ودفعها لانتهاج سياسة أفضل تجاه القضايا الرئيسية بالمنطقة وما إذا كان إرضاء العالم العربي يشغل بال المرشحين من الحزبين، قال د. محمد عبد الوهاب الساكت إن الولاياتالمتحدة تستند على أنها قد سلبت القوة العربية ذاتيتها، فاحتلالها ووجودها العسكري في العراق والأساطيل الأمريكية المنتشرة في البحر المتوسط والقواعد العسكرية المنتشرة في بعض الدول العربية يعزز اعتقاد الولاياتالمتحدة بأنها ليست في حاجة إلى إرضاء الدول العربية لأنها تفرض ما تريد، وبالتالي فهي لا تعول كثيرا على رأي شعوب المنطقة في هذه المرحلة. وأضاف أن سياسة أمريكا خلال ال50 عاما الماضية أدت إلى إضعاف المنطقة العربية، حيث وجود إسرائيل والحروب العربية – الإسرائيلية التي استنزفت الكثير من الموارد العربية، بالإضافة إلى أن الأموال العربية تستثمر معظمها في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وفي هذا الصدد، قال المشاط إن هناك أولويات في السياسة الخارجية الأمريكية لا يستطيع أحد أن يمسها منها ضمان قوة إسرائيل وأمن إسرائيل، وبالضرورة إضعاف الجبهات المختلفة المجاورة لإسرائيل سواء كانت العراق أو سوريا أو إيران أو غيرها، هذه أحد الثوابت المهمة في السياسة الخارجية الأمريكية يتفق عليه الحزبان بدرجات مختلفة، ربما يكون بوش اتخذ أسوأ موقف وهو نقل قوات كاملة لاحتلال دولة عربية ثم تهديد بقية الدول الأخرى سواء كانت سوريا أو إيران أو غيرهما، واصفا هذا الموقف بالأكثر فظاظة من الآخرين ولكن في المضمون ليس هناك خلاف كبير إنما الأسلوب اختلف. وأضاف الثوابت واحدة، فهناك ثوابت مهمة أمن إسرائيل في أولوياتها، وجميع المرشحين يتنافسون لكسب أصوات اليهود في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو على الأقل تجنب النفوذ الصهيوني في الإعلام الأمريكي. أمريكا ومصيدة العراق أما عن الموقف الأمريكي داخل العراق والخسائر الأمريكية المادية والبشرية ومدى استفادة الرئيس الأمريكي القادم من ذلك، فهنا يأتي الخلاف بين الساكت والمشاط، حيث يرى الأول أن ما يقال إنه خسائر هو موضوع وهمي، لأن الولاياتالمتحدة تعوض هذه الخسائر بسهولة، ضاربا المثال بحرب الخليج الأولى حيث أجبرت الولاياتالمتحدة دول الخليج على دفع فاتورة الحرب، وهي الآن بوجودها في العراق تأخذ البترول مجانا، وبمبيعات الأسلحة التي تقدمها لدول المنطقة بأسعار مبالغ فيها جدا تستنزف موارد هذه المنطقة. إذن ما يقال إنها خسائر مادية أو نفقات حرب فهي تعوض بطريقة أخرى سواء بزيادة أسعار المعدات العسكرية أو بنشر الفتن بين دول المنطقة وجعل الدول العربية تشتري منها الأسلحة بأسعار باهظة. وبالنسبة للخسائر البشرية فإن عدد القتلى من الجنود الأمريكيين ليس بكثير مقارنة بمئات الآلاف من العراقيين الذين قتلوا – خاصة وأن العراقيين يقتلون بأيدي بعضهم أحيانا – ويقال إن الأمريكان الذين يقتلون في العراق لا يقارنوا بالأمريكان الذين يقتلون في حوادث الطرق في الولاياتالمتحدة كل عام, وذلك وفق ما يرى الدكتور الساكت بينما يختلف د/ المشاط في هذه القضية ويرى أن الموقف الأمريكي داخل العراق موقف ضعيف جدا، وحقيقة الأمر أن هناك ضغوطا من الرأي العام الأمريكي سيظهر خلال الانتخابات بالتحيز أو انتخاب رئيس من الديمقراطيين نكاية في الحزب الجمهوري، فالشعب الأمريكي فقد صوابه نتيجة السياسة الخارجية الأمريكية في العراق واصفا تلك السياسة بأنها فاشلة ولا جدال حول هذا. جورج بوش وقال علينا أن نتذكر – مع احترامي للدكتور عبد الوهاب الساكت - أن الرئيس جورج بوش تولى الرئاسة ولدى الولاياتالمتحدةالأمريكية فائض حوالي 1.5 تريليون دولار والآن يترك الرئاسة والولاياتالمتحدة مدينة بحوالي تريليوني دولار وهذه خسارة فادحة، كما أن هناك أزمة مالية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية نتيجة أزمة الرهن العقاري وهي أزمة خطيرة جدا أدت إلى ضعف الدولار أمام جميع العملات الأخرى بما فيها الجنيه المصري بل وهناك احتمال كبير بأن يضعف الدولار أكثر خلال الأيام القادمة، الخسائر إذن غير عادية، الولاياتالمتحدة فقدت على الأقل 750 بليون دولار في حرب أفغانستان والعراق وما زالت تخسر، متسائلا ما هو المكسب الحقيقي للولايات المتحدة غير أن إسرائيل أكثر أمنا عن قبل؟! هذا مكسب مهم جدا، لكن هل تحسنت الصورة الأمريكية؟! الإجابة لا. صحيح أن الوجود العسكري الأمريكي أصبح أكثر في المنطقة وتنتشر القواعد الأمريكية في دول منطقة الخليج والمشرق العربي، ولكن مع ذلك خسرت الولاياتالمتحدةالأمريكية التوازن في منطقة الشرق الأوسط بظهور إيران، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة أكبر دولة قامت بالتسويق للقوة الإيرانية نتيجة الضعف الأمريكي. فضلا عن هذا زيادة عدد القتلى من الجنود الأمريكيين والأزمة الصحية والنفسية السيئة لدى الجنود العائدين، وتساءل أي أمريكي الآن يضحي بابنه للتجنيد؟! علما بأن التجنيد بالولاياتالمتحدة اختياري وليس إجباريا. وأضاف د المشاط أنه يمكن للولايات المتحدة تعويض بعض الخسائر من داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية فالمجتمع الأمريكي مجتمع غني، لكن في النظام الدولي يوجد ما يسمى ب "مكانة الدولة" مشيرا إلى أن مكانة الولاياتالمتحدة الآن أقل في العالم بكثير مما كانت عليها قبل 8 سنوات، وذلك لأنها لم تنجز في أفغانستان ولم تنجز في العراق ولم تنجز في أي أزمة دولية أخرى، والهدف الذي تعلنه لم يتحقق. وطالما أن هناك صعوبة في اتخاذ قرار بالانسحاب فهذه كارثة. في حقيقة الأمر السياسة الخارجية الأمريكية رهينة في العراق لا تستطيع أن تتخذ قرارا بالانسحاب، وهو موقف رهيب يسمى في علم النفسself entrapment ويطلق على من يصنع مصيدته باختياره. وعن موقف المرشحين للرئاسة الأمريكية من الأزمة العراقية يرى المشاط أن الديمقراطيين سوف يسعون بالتأكيد إلى محاولة الانسحاب التدريجي من العراق لأن هذه كارثة كبرى على الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل تحسين صورتها، وأن أوباما ملتزم بتحسين صورة الولاياتالمتحدةالأمريكية ورأى أن بداية تحسين الصورة يتم من الانسحاب من العراق. ضرب إيران قادم لا محالة وبالنسبة لإيران، أعرب الساكت عن اعتقاده بأن ضرب إيران قادم لا محالة، وكل ما يحدث الآن هي محاولات تمهيدية لتهيئة المناخ والفرصة لضرب إيران، من خلال عزل إيران عن منطقة الشرق الأوسط ومحاولة جمع ومعرفة كل المعلومات التفصيلية عن الأوضاع في إيران ومحاولة استنزاف قدرات الشعب الإيراني إلى أن تأتي اللحظة المناسبة بالنسبة للولايات المتحدة لتضرب إيران فهذا أمر لا مفر منه، ربما يتم في عهد بوش إذا تهيأت الظروف، وإذا لم تتهيأ فإنها ستكون آتية لا محالة بالنسبة للرئيس الأمريكي الجديد. وقال "أرجو ألا يكون الموقف العربي سلبيا". وأضاف أن على الدول العربية أن تشعر الولاياتالمتحدة بإجراءات عملية وجدية تؤكد أنها لن تتعاون إذا تم ضرب إيران أو التخطيط لضربها. كما على الدول العربية أن تزيد من علاقاتها مع إيران، وعلى مصر خاصة أن تعيد علاقتها الدبلوماسية مع إيران وتفتح خطوط جوية مباشرة معها وتساعد على رفع الروح المعنوية للشعب الإيراني. وفي هذه النقطة، جاء رأي د عبد المنعم المشاط مختلفا نوعا ما، مفندا مواقف المرشحين من الحزبين تجاه إيران، حيث يرى الجمهوريون أن من الضروري اتخاذ موقف متشدد جدا مع إيران، ويؤيد رومني استخدام القوات المسلحة ضد إيران وتوجيه ضربة عسكرية لها، لأنها خطر على إسرائيل وليس خطرا على الولاياتالمتحدةالأمريكية فنقطة الارتكاز هي إسرائيل. كذلك ماكين الذي يتفق مع رومني فهما أكثر تشددا من بوش في موضوع إيران. أما الديمقراطيون يرون أنه لابد من التسوية والتفاهم الدبلوماسي مع إيران، لأن هناك أخطارا للدخول في مواجهة عسكرية مع إيران في الوقت الذي يوجد فيه إخفاق كبير جدا للولايات المتحدةالأمريكية في العراق، ولا يمكن فتح جبهتين في وقت واحد. التفرق العربي وحول فشل العرب في تشكيل لوبي ضاغط داخل الولاياتالمتحدة لمواجهة اللوبي الصهيوني، يلخص الساكت أسباب ذلك إلى التفرق العربي، وضعف الوظائف التي يشغلها العرب في أمريكا، وعدم وجود ثقل لهم في الحزبين الرئيسيين والمؤسسات المؤثرة في السياسة الداخلية، وعدم سيطرتهم على رأس المال، بالإضافة إلى أن كثير من المهاجرين العرب يتوجهون إلى الولاياتالمتحدة هربا من ظروف معيشية قاسية في بلادهم وبالتالي علاقاتهم في الولاياتالمتحدة ليست على مستوى عال. ويتفق مع هذا الرأي د. المشاط الذي يرجع أسباب هذا الفشل إلى عدم اتفاق العرب على موقف سياسي واحد. وضرب مثلا بتجربته الشخصية أثناء عمله مستشارا ثقافيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية في واشنطن ومحاولته جمع الجالية المصرية فقط على موقف سياسي واحد ولم يستطع متسائلا كيف يمكن جمع الجاليات العربية كلها إذا لم يتفق المصريون على موقف واحد؟! وأوضح أن هناك قضايا شائكة في العلاقة بين الأقليات العربية في الولاياتالمتحدة تعود أساسا إلى أن الجيلين الأول والثاني من المهاجرين تأثروا بالتوجهات السياسية لدولهم، فضلا عن عدم وجود اتفاق بين العرب في المنطقة العربية على أي منهج يتبعون تجاه السياسة الخارجية الأمريكية. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة جزأت العالم العربي إلى جزأين: جزء من الدول المعتدلة وعلى رأسها مصر والسعودية والأردن، والجزء الآخر من الدول المارقة وعلى رأسها سوريا وحماس وحزب الله إضافة إلى إيران. مؤكدا أن هذا التقسيم انعكس على الأقليات العربية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي الجيلين الأول والثاني لا يمكنهما خلق لوبي عربي. أما الجيل الثالث الذي ولد في الولاياتالمتحدة فيعتقد المشاط أن بإمكانه تشكيل لوبي عربي في المستقبل إلا أن الأمر يتطلب مساعدة ومساندة من جانب الأقطار العربية التي لا تقدم مساعدة للعرب في الغرب على حد قوله. وقال إنه سبق وأن اقترح على الحكومة المصرية استضافة الشباب المصري المولود في الولاياتالمتحدة في رحلات صيفية إلى مصر كأحد الأساليب لربط هؤلاء بالوطن ولم يتم هذا، مشيرا إلى النظر إلى ما تفعله إسرائيل كنموذج مهم، حيث تدعو اليهود وغير اليهود لقضاء دورة صيفية في إسرائيل في الجامعات والمدارس، مشيرا إليها كأحد وسائل تشكيل لوبي وطريقة خلق قوى ضاغطة. وعن دور الدبلوماسية العربية في هذا الصدد، تساءل المشاط أين هي الدبلوماسية العربية؟! واصفها بأنها فاشلة فشلا ذريعا في معظم دول العالم، ولا توجد دبلوماسية عربية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ربما هناك دبلوماسية مصرية وأخرى مغربية وكذلك سعودية لكنها دبلوماسيات ضعيفة داخل الولاياتالمتحدة، مشددا على أن العرب متفرقون. هيلاري كلينتون الأرجح بالفوز وعن المرشح الأرجح فوزه برئاسة الإدارة الأمريكية، توقع د. محمد عبد الوهاب الساكت فوز هيلاري كلينتون، معتبرا فرصها للفوز هي الأكبر خاصة وأن لها تجربة سابقة من خلال زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، وأيضا في ضوء ما أثبتته من نجاح كامرأة من خلال ما تعرضت له من مواقف شهيرة اجتازتها بنجاح. ومن جانبه قال د.عبد المنعم المشاط "أنا لو مواطن أمريكي أختار باراك أوباما خاصة بالنسبة للشباب"، لأن أوباما يسعى إلى التغيير الجذري فهو شاب أسود خريج الهارفارد ودخل الكونجرس ولديه شخصية كاريزمية ومر بثقافات عديدة حيث كان مسلما وأصبح مسيحيا والده مهاجر كان يدرس ثم تزوج والدته الأمريكيةالبيضاء، فهو تشكيلة تمثل خلاصة المجتمع الأمريكي ، لكنه تحد جديد وهل يستطيع المجتمع الأمريكي خاصة البيض الأمريكان تقبل هذا أم لا؟!. هيلاري كلينتون أما هيلاري كلينتون لديها مزايا أخرى، فهي امرأة وبيضاء وزوجة رئيس أمريكي سابق لديها خبرة كبيرة، وإذا كان أوباما أول رئيس أسود فهي ستكون أول رئيسة امرأة ما يشكل كسرا لتقاليد حوالي 200 سنة، لكن أيضا قدرتها على التغيير أقل، فهي تأتي من إطار مؤسسة الرئاسة الأمريكية أي أنها سياسية "غير نظيفة" تلعبdirty politics مثل الآخرين، وهذه مشكلة كبيرة جدا بالنسبة للناخب الأمريكي. وعلى الجانب الجمهوري، فإن ميت رومني من المورمنز، وهم أقلية دينية في الولاياتالمتحدة لكنهم أقلية مسيحية ناشئة لديهم كتاب مقدس غير الإنجيل أغنياء جدا ولهم نفوذ يتنامى في الولاياتالمتحدة، لكن السؤال هل يمكن أن ينتخب المسيحيون التقليديون واحدا من المورمنز؟! ربما يكون ممكنا فقد سبق وأن انتخبوا من قبل رئيسا كاثوليكيا وهو الرئيس كنيدي وهي مسألة صعبة جدا. أما جون ماكين, يعتقد د/ المشاط أنه لن يفوز، حيث لن ينتخب الأمريكيون من يبلغ من العمر 71 عاما. إذن الاختيارات لدى الناخب الأمريكي وفقا لوجهة نظر د/ عبد المنعم المشاط، إما أن يكون جمهوريا – وهو أمر صعب – فسيختار رومني، وإما أن يكون ديمقراطيا ويكون الخيار صعبا جدا بين الاثنين، متوقعا أنه رغم الشعبية المتزايدة لأوباما ربما ينتهي الأمر بالمصوت الأبيض أن يصوت لصالح هيلاري كلينتون.