أدى الارتباك الذي أثاره تعديل مفاجيء في مقياس رئيسي للنمو في دولة الامارات العربية المتحدة في الاسبوع الثاني من 2008 الى مطالب بتحسين نشر البيانات الاقتصادية مع تنامي اهتمام المستثمرين بمنطقة الخليج التي تشهد طفرة اقتصادية كبيرة. وقد أصبحت دول الخليج الغنية بالنفط محط أنظار العالم مع نمو اقتصاداتها بوتيرة أسرع من باقي العالم بفضل أسعار النفط المرتفعة التي حققت لها ايرادات هائلة أقبلت الدول على استثمارها في عمليات استحواذ ضخمة في الدول الغربية والاسيوية. لكن البيانات الاقتصادية المنتظمة بما فيها اجمالي الناتج المحلي والتضخم والمعروض النقدي تكافح لمواكبة خطى النمو الاقتصادي اذ أن قلة فقط من هذه الدول تصدر احصاءات تفصيلية تصدر في توقيتات مناسبة أو تكشف مسبقا عن مواعيد اعلان الاحصاءات. وفي اطار استعدادها للوحدة النقدية الاقليمية تحاول الاجهزة الحكومية في دول الخليج اصلاح وتحسين نوعية المؤشرات الاقتصادية ودقة مواعيد اعلانها. يقول ماريو ماراثفتيس رئيس الابحاث في بنك ستاندرد تشارترد "بدأت هذه الاقتصادات تصبح الان اقتصادات عالمية، وفي مجال الاحصاءات يمكن ادخال تحسينات كبيرة على مدى توفر البيانات. وستستفيد السوق من معرفة جدول مواعيد اعلان البيانات والتحديثات الدورية. وأظهرت بيانات أرسلتها وزارة الاقتصاد لرويترز أن دولة الامارات العربية المتحدة - ثاني أكبر اقتصاد عربي وخامس اكبر مصدر للنفط في العالم - عدلت بالخفض معدل النمو في عام 2007 الى ما يقدر بنسبة 5.2 % من تقديرات سابقة بنمو بنسبة 7.6 %. وفي ما يبدو انه تناقض في الموقف أصدرت الوزارة في وقت لاحق الاربعاء نفيا عن طريق وكالة أنباء الامارات (وام) قالت فيه انها لم تعدل بالخفض توقعات النمو الاقتصادي لعام 2007 وأنها ملتزمة بمعدل النمو الاساسي وهو 7.4 % الذي أعلنته في تقرير في مارس/ اذار 2008. وامتنع مسؤولو الوزارة عن التعليق الخميس على دقة البيانات التي قال بعض الاقتصاديين انها جاءت نتيجة تعديل كامل للأسلوب المستخدم في حساب الموازين المحلية. وفي اكتوبر تشرين الاول 2007 قال صندوق النقد الدولي في تقرير عن الامارات ان نظام حساب الموازين المحلية يعاني من عدد من أوجه النقص تشمل عدم وجود برنامج شامل لجمع البيانات. واضاف ان الاساليب الاحصائية المستخدمة في احتساب اجمالي الناتج المحلي من خلال أوجه الانتاج والانفاق ليست سليمة. ويعتمد الاقتصاديون على البيانات الرسمية الاقتصادية الدورية في تحليل الاتجاهات الاقتصادية ولكن هناك ندرة في البيانات التي تصدر في توقيتات مناسبة في المنطقة، وعلى سبيل المثال فان قطر والبحرين والكويت وسلطنة عمان لم تعلن بعد تقديرات لاجمالي الناتج المحلي في 2007 . وفي مثال اخر عدلت قطر في اواخر يونيو حزيران نمو اجمالي الناتج المحلي بالاسعار الحالية لعام 2007 الى 25 بالمئة من 12 بالمئة الذي أعلنته في مارس. وقال بعض الاقتصاديين في المنطقة انه ليست لديهم ثقة في بعض بيانات الاقتصاد الكلي لدول الخليج وانهم يدرسون بدلا من ذلك اتجاهات الاقتصاد الجزئي مثل أداء قطاع البنوك واصدارات الديون للحكم على حالة الاقتصاد بشكل عام. ويجري حاليا أخذ اجراءات لتحسين البيانات الاقتصادية في منطقة الخليج. ومع نمو اقتصادات الخليج يتسارع أيضا التضخم مع ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية. والامارات هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تعلن بيانات سنوية للتضخم وان كانت البيانات تصدر بعد شهور من نهاية العام، وقد بلغ التضخم في الامارات 11.1 % في عام 2007. وتعمل وزارة الاقتصاد الاماراتية مع صندوق النقد لتعديل المؤشر الحالي وبدء اعلان اتجاهات الاسعار بشكل شهري اعتبارا من عام 2009. ومن المقرر افتتاح مركز للاحصاءات في ابوظبي يتولى تجميع واعلان بيانات اقتصادية واجتماعية عن الامارة بشكل دوري. (رويترز)