تعود حمى الدراما لتضرب المجتمع السوري فبعد أعمال سورية حظيت بمتابعة واسعة تأتي الدرما التركية المدبلجة باللهجة الشامية لتتصدر أولويات المشاهدة ويصير أبطالها نجوما مفضلين لدى عدد كبير من السوريين. وشهدت الأشهر القليلة الفائتة عرض مجموعة من الأفلام التلفزيونية والأعمال الدرامية على فضائيتي "ام بي سي1" و"ام بي سي4" وتمت دبلجة هذه الأعمال في دمشق من قبل شركة "سامة" للإنتاج الفني. بدأت الدبلجة باللغة العربية الفصحى (فيلم ابي وابني كركوز وعيواظ) ثم دبلجت الشركة باللهجة الساحلية السورية فيلما تلفزيونيا تركيا (الشلال) اعتبرته "قريبا من بيئة الساحل السوري". واخيرا اختارت الدبلجة باللهجة الشامية في عملين لا يزال عرضهما متواصلا هما "سنوات الضياع" و"نور" الذي أصبح العمل "الذي أسر المشاهدين في العالم العربي" بحسب ما تقول الفضائية التي تعرضه في بيانها الترويجي. وذكرت المتابعة الواسعة لمسلسل "نور" الكثير من المشاهدين والمعلقين في الصحف السورية بأول مسلسل مكسيكي "كساندرا" عرضه التلفزيون السوري أواسط تسعينات القرن الماضي وشكل آنذاك حالة هوس في الشارع السوري الذي كاد يخلو من المارة في وقت عرض المسلسل. ولم تصل متابعة المسلسل التركي حد خلو الشوارع لكنها بالمقابل صارت الحديث الشاغل لمعظم مشاهدي الشاشة الصغيرة. وهو الأمر الذي عكسه الانتشار الكبير لصور أبطال المسلسل نور ومهند في أماكن بيع صور نجوم الفن والرياضة في الشوارع العامة وانتشار إنتاج القمصان القطنية التي تحمل صورهم. ويقول حسين وهو أحد بائعي الملصقات بجوار مبنى جامعة دمشق إنه يبيع "أكثر من خمسمئة صورة في اليوم لأبطال مسلسل نور" ويضيف ضاحكا "كل الصبايا يشترون صور مهند ويشترطن أن يكون وحيدا في الصورة وليس بصحبة نور فهي ضرتهم". كما صارت المقدمة الموسيقية للمسلسل نغمة الخليوي المفضلة لدى الكثيرين. وقام المغني السوري الشاب شادي أسود بتسجيل أغنية هي عبارة عن ترجمة لمقدمة المسلسل التركي الآخر (سنوات الضياع) وبدورها صارت هذه الأغنية نغمة خليوي واسعة الانتشار بعد أن بثتها الإذاعات السورية بكثافة. ولا تزال عمليات دبلجة مسلسل "نور" جارية في الشركة المنفذة كما يوضح المشرف التقني فيها وليم عنيني إذ جرى الاتفاق في ظل الإنتاج الكثيف لأعمال الدبلجة على تسليم كل عشرين حلقة منجزة على حدة وفي شكل متتابع. وسيصل عدد حلقات مسلسل نور الى "أكثر من 150 حلقة تلفزيونية". وفي المونتاج "جرى اقتطاع المشاهد الحميمة لتتناسب مع المجتمع السوري" كما تقوم القناة باقتطاع مشاهد أخرى كثيرة "لا تجدها مناسبة" بحسب عنيني الذي يؤكد أن اختيار اللهجة الشامية للدبلجة جاء "بعد دراسة وإنتاج حلقة تجريبية عرضناها على مختصين مختلفين". المعد التلفزيوني سامي خويص الذي أعد العملين التركيين الى اللهجة الشامية بعد ترجمتهما يشير أن عملية الإعداد "تجنبت الترجمة والنقل الحرفيين" ويتابع "حاولت نقل العمل التركي الينا كنت أمينا للنص ولكن في نفس الوقت قمت بمقاربة لمجتمعنا فعربت الأمثال والنكات لأن المواقف تتغير وما يضحك الأتراك ربما لا يضحكنا". ويلفت خويص أن اللهجة الشامية "أعطت احتمالا أوسع وخيارات جديدة للممثلين المدبلجين إذ إنها لا تلزم بقواعد صرف ونحو صارمة وتحتمل صياغات كثيرة" ويشير أن دبلجة الأعمال الأجنبية باللغة الفصحى "لا يحقق الانسجام بين الصورة التي تنتمي الى بيئات مختلفة تماما عن بيئة الكلام". ويعطي خويص الفضل للهجة العامية في الانتشار الواسع للأعمال المدبلجة "خصوصا أن الدراما السورية نشرت اللهجة العامية في جميع البلدان العربية" على حد تعبيره ويشير أيضا أن الأعمال التركية "تتمتع بقوة في الحبكة وزخم في الأحداث لذلك لا يوجد فيها إطالة كما الأعمال المكسيكية مثلا". والى جانب دور اللهجة العامية يضيف الممثل السوري علي كريم الذي يحضر صوته في دوبلاج العملين المعروضين حاليا أن "الأتراك يشبهوننا من الناحية الدينية والثقافية وفي علاقاتهم على صعيد الحداثة وكذلك الحكايات". ويشير كريم أيضا أن الأعمال التركية تقدم "عالما جميلا ومدنا جميلة لا يعرفها الناس هنا ، وهناك أيضا وجوه جميلة لممثلين جدد أحبهم الناس". ويضيف كريم أن "نسبة كبيرة من النساء تشاهد مسلسل نور من أجل مهند كما أن هناك علاقات إنسانية واجتماعية يتفاعل معها الناس سواء أكانت تركية أم فرنسية". ولا تخفي إيناس وهي طالبة جامعية أنها تتابع مسلسل نور "لأشاهد مهند فهو شاب جميل وعلاقة الحب بينه وبين نور مثيرة". وتضيف هذه الشابة أن "معظم صديقاتي يتابعن المسلسل لنفس السبب بينما يتابع أصدقائي الشباب أكثر مسلسل سنوات الضياع ليشاهدوا لميس" وهي بطلة العمل وتضيف "بعض أصدقائي يتابعون العمل على القنوات التركية ليتابعوا المشاهد التي تقتطعها القناة العربية" موضحة أن هناك "أحداثا عديدة لا نفهم كيف حصلت بسبب المشاهد المقتطعة". لكن اختها رنا تقاطعها لتقول إن الدبلجة باللهجة الشامية "ليست ناجحة" لكن في المقابل "يحتوي المسلسل على مناظر خلابة للطبيعة والبناء وكذلك الأزياء الحديثة" وترى أيضا أن وجود تقاليد متشابهة بين المجتمعين التركي والسوري "وخصوصا ممانعة كبير العائلة لنمط العلاقات المعاصر جعلت الكثير من الآباء والأمهات يحبون العمل أيضا". ا ف ب