البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    500 جنيه بالمدن و125 جنيها بالقرى، اللائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء    وزير الخارجية الأمريكي: لم ولن نؤيد أي هجوم إسرائيلي كبير على رفح    كهربا يهدد بالرحيل عن الأهلي بسبب موديست، وكولر كلمة السر    توخيل يلمح لإمكانية استمراره مع بايرن ميونخ    انتشال جثتي شخصين غرقا في نهر النيل بالمنيا    فتح البوابة الإلكترونية الخاصة بالتعليم الفني للطلبة المتخلفين عن تسجيل بياناتهم    غلطت إني صورت الحلقة، تعليق صادم من حورية فرغلي على أزمتها مع بسمة وهبة    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    الذهب يرتفع 15 جنيها في نهاية تعاملات اليوم الجمعة    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    نعم سيادة الرئيس    السفارة الروسية بالقاهرة تتهم بايدن بالتحريض على إنهاء حياة الفلسطينيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    تونس تدخل تعديلات على قوانين مكافحة المنشطات بعد صدور عقوبات ضدها    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    تشافي: نريد الانتقام.. واللعب ل جيرونا أسهل من برشلونة    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    كشف ملابسات واقعة مقتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالقاهرة.. وضبط مرتكبيها    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    تعرف على توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته ال90    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتراجع ويحتل المركز الثالث    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    مديرية أمن بورسعيد تنظم حملة للتبرع بالدم بالتنسيق مع قطاع الخدمات الطبية    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناشطون: الإعلان المضلل تعدي على حقوق الإنسان
نشر في أخبار مصر يوم 24 - 06 - 2008


القوانين والتشريعات
التأثير الاجتماعي
البعد الاقتصادي
أخلاقيات الإعلان
حذر المشاركون في ورشة عمل "الإعلان وحقوق الإنسان" من خطورة الإعلان وتعديه على حقوق الإنسان من خلال التضليل الذي يهدد حق الإنسان في الحياة والصحة والأمن، وحق الإنسان في الاختيار بناء على المعلومة الصحيحة.
واكد المستشار الدكتور عادل قورة،على حق الإنسان في تلقي المعلومات الصحيحة والكاملة حول السلعة أو الخدمة أو المشروع المعلن عنه، وفي كل ما يبث إليه عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وعلى شبكة الإنترنت، نظرا لثقة المتلقي في هذه الوسائل، موضحا أن مضمون الإعلان إن صدق سيساهم في النمو الاقتصادي والاجتماعي، وإن كذب فقد تحول إلى "النصب".
وناقشت الورشة - التي نظمها المجلس القومي لحقوق الإنسان بالقاهرة - تأثير الإعلان على حقوق الإنسان، من خلال أربعة محاور رئيسية هي: الإعلان وتشريعات التجاوزات في مجالات الثقافة والإعلام، والتأثير الاجتماعي للإعلان في عصر العولمة، والبعد الاقتصادي للإعلان، وأخلاقيات الإعلان بين النظرية والتطبيق.
القوانين والتشريعات
وأشار أستاذ القانون وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض إلى مدى خطورة الإعلان على حقوق الإنسان، حيث بإمكان الإعلان أن يتغلغل في نفس الإنسان دون وعي، ما قد يزيد من الفجوة الاقتصادية والطبقية، كالإعلان عن المساكن والمنتجعات الفاخرة على شاشة يشاهدها ساكنو العشوائيات. كما قد يشعل التفرقة الدينية والطائفية بتوجيه رسالة إعلانية ما لفئة دينية محددة.
وانتقد الدكتور رياض استخدام المرأة في الإعلان كسلعة رخيصة، مشددا على ضرورة مراعاة الإعلان لمبدأ المواطنة، التي لا تفرقة فيه حسب الدين أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية. وحذر من أن المغالاة في التجميل قد تحول الأمر إلى التضليل، الذي يجب أن يعاقب عليه القانون، رافضا المقولة الشهيرة "القانون لا يحمي المغفلين"، ومؤكدا على أن القانون يجب أن يحمي الجميع (مغفلين وغير مغفلين).
وفي المحور نفسه، أشار أستاذ القانون ورئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور هشام صادق إلى تداعيات العولمة على حقوق المستهلك، مطالبا بضرورة التفرقة بين المنتج المحلي والأجنبي، وأن يشتمل الإعلان بصراحة على هذه المعلومة، ويترك للمواطن حق الاختيار الذي أقرته الأمم المتحدة كحق من حقوق الإنسان.
وأكد أهمية هذا الحق الذي يدعم في كثير من الأحيان قضايا وطنية وسياسية في صورة المقاومة الشعبية التي تعد سلاحا للضغط على دولة ما بمقاطعة منتجاتها، كما حدث عقب الانتفاضة والدعوة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، مشددا على أن غياب المعلومة الصحيحة حول الجنسية الحقيقية للشركة الأم المسئولة عن منتج ما يعد اختراقا للوطنية، خاصة مع انتشار الشركات متعددة الجنسيات.
بينما أشار وكيل كلية الحقوق - جامعة بني سويف الدكتور حسام لطفي إلى حق الإنسان في الصحة والسلامة عند استخدامه للمنتج المعلن عنه ما يتطلب صدق الإعلان واشتماله على البيانات الصحيحة كافة، مستعرضا قانون حماية المستهلك الذي تم تطبيقه في مصر لأول مرة عام 2006 كقانون متكامل يحمي حقوق الإنسان من الإعلان الذي قد يعطي السم في العسل - على حد قوله - مشددا على ضرورة تفعيل الضبط الإداري الذي من شأنه أن يحمي الفرد من طوفان الإعلان، خاصة فيما يتصل بالدواء وما قد يسببه من مشكلات تهدد صحة الإنسان جراء الإعلان عن دواء ما، متسائلا أين المؤسسات القادرة على التدخل إداريا ومعاقبة أو محاكمة المعلن في حال إخفائه لمعلومة ما أو كذب إعلانه؟
من جانبه أكد نائب رئيس مجلس الدولة المستشار القانوني لاتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري الدكتور سامي حامد عبده أن القوانين والتشريعات التي يعتمد عليها الاتحاد بشأن ما يبث من إعلانات تتكامل فيما بينها ومع غيرها من أجل تنظيم الإعلان ومواجهة تجاوزاته، وبلوغ مراحل أرقى في هذا المجال يرتهن بتحقيق مزيد من التناسق والتناغم بين التشريعات المعنية بالموضوع في جميع عناصره، بدءا من تحديد الضوابط والاشتراطات ثم المسئوليات والعقوبات، وربما إيجاد حوافز إيجابية لتحقيق الدور الإيجابي للإعلان في نشر الوعي الثقافي. كما يرتهن ذلك أيضا بمستوى أرقى من التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية بالموضوع سواء الحكومية أو غير الحكومية أو منظمات المجتمع المدني.
وعقب على هذا المحور القانوني الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب الدكتور صابر عمار، مشيرا إلى أن الإعلان أقوى من القانون، مبرهنا على ذلك بما نلمسه يوميا من التأثير الإعلاني، حيث تحذف برامج وتستمر أخرى بل وتفرض بعضها رغم عدم قبولها لدى الجمهور استنادا على النفوذ الإعلاني وحجم الإعلانات الذي يأتي بها البرنامج أو مقدمه.
وأكد أن الإعلان يعمل على شيوع ثقافة الاستهلاك، ويتسبب في انحدار مستوى اللغة، ويخرق القانون الذي يقضي بضرورة استخدام اللغة العربية على أي لافتة أو ملصق وفي وسائل الإعلام. وأشار كذلك إلى قطع السياق الدرامي لعمل فني ما (فيلم أو مسلسل أو مسرحية) بسبب تحكم وسيطرة الإعلان مخالفا للقانون أيضا. وانتقد التشريعات الحالية المصاغة بأسلوب جيد لكنها غائبة في التطبيق العملي.
كما شدد على الحاجة إلى عقوبات مالية كبيرة وليست العقوبات المالية الهزيلة المنصوص عليها حاليا والتي لا تحمي المستهلك ولا تراعي حقوق الإنسان، مطالبا بصياغة أدق لمفهوم الجريمة في مجال الإعلان التي تسببت في الفترة الأخيرة في سقوط ضحايا للمحتالين من أمثال "الريان".
وفي هذا الجانب القانوني والتشريعي أصدرت ورشة العمل توصياتها بضرورة مراجعة القوانين والقرارات المتعلقة بالمعايير الموضوعية التي تحكم الإعلان بحيث يتم مراعاة المصلحة العامة وحقوق الإنسان من خلال ضوابط قانونية وأخلاقية وإجراءات رقابية وتنفيذها بحزم للردع وحماية حقوق الإنسان والمجتمع من الناحية الثقافية والصحية والبيئية، ووضع ميثاق شرف للإعلان.
التأثير الاجتماعي
سلع استهلاكية
وعلى الصعيد الاجتماعي، أشار الكاتب السيد ياسين إلى النزعة الاستهلاكية المتنامية التي يزكيها الإعلان، حيث أصبح التركيز على الاستهلاك وليس الإنتاج.
كما انتقد تدخل الإعلان في المضمون الثقافي، واعتبره تعديا على حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن أحد الأسباب الرئيسية في ذلك هو التشتت في التعليم وتعدد الجامعات الأجنبية، مؤكدا أن المجتمع الذي لا يحتفي بلغته هو مجتمع مشتت.
وطالب ياسين بضرورة وضع رؤية استراتيجية للمجتمع لا يضعها الحزب الحاكم، وإنما من خلال حوار يجمع أطراف المجتمع اليمين واليسار وتحديد ماذا نريد مصر بعد عقدين من الزمان؟! على أن تصب استراتيجية التنمية لصالح الطبقة العريضة في المجتمع.
من جهتها، حذرت مقررة عام الورشة الدكتورة نسمة البطريق من التأثير السلبي للإعلان على الحياة الاجتماعية للفرد والمجتمع، نتيجة عدم توافر المقومات الثقافية، ما يؤدي بالتالي إلى التبعية للغرب، ويصبح المجتمع فريسة سهلة للاستهلاك الغربي.
وأكدت أن الإعلان بصورته الحالية يزيد من تطلعات الإنسان البسيط الذي ليس لديه الإمكانيات التي تسنح له بامتلاك ما يشاهده بالإعلان يوميا أكثر من مرة، وبالتالي يزداد التطلع الطبقي غير المدعوم بالثقافة والاقتصاد، ما يؤدي بالنهاية إلى إحباط هذه الشريحة المجتمعية التي تمثل أغلبية المجتمع.
وأشارت الدكتورة نسمة إلى الأغنية الإعلانية وتأثيرها السلبي أيضا على المجتمع خاصة الأطفال، موضحة أن هذه الأغنية تتغلغل في أذهان الأطفال وتمهد لثقافة غربية، وفي كثير من الأحيان تهبط بمستوى اللغة والثقافة لدى الجمهور، محذرة من الألفاظ الخارجة التي يستخدمها الإعلان أحيانا، ما يتسبب في تشويه ثقافة الأمة.
كما انتقدت قطع المادة الإعلامية المذاعة بسبب الإعلان، حيث يؤثر ذلك تباعا على المضمون الثقافي والفكري، حيث يأتي الإعلان ليدعم ثقافة استهلاكية ويوضع في قالب تليفزيوني حتى أنه قد يقطع برنامجا يدعو إلى ترشيد الاستهلاك والحد منه، وبالتالي يحدث لدى المتلقي تناقضا يعكس اللامبالاة في رسالة البرنامج المذاع، ومن ثم تتغير المسارات لصالح المعلن على حساب المشاهد المستهلك، الذي يقع في النهاية ضحية وفريسة لإعلان قد يحمل معلومات غير صادقة.
وطالبت البطريق بضرورة وجود جماعات ضاغطة للحد من سلطة المعلنين على الإعلام، مشيرة إلى الغرب كنموذج يحتذى به في هذه المسألة، حيث لديهم جامعات ضغط متعددة وفاعلة تعمل باستمرار على حماية حقوق الإنسان الاجتماعية من خطر قد يداهم هذه الحقوق عن طريق إعلان كاذب أو مضلل.
من جانبه، أكد أستاذ الاجتماع الدكتور فيصل يونس أن الإعلان يعلي القيم المادية للمجتمع على حساب القيم الاجتماعية، يتحكم فيها مبدأ الرأسمالية الأنانية، التي لا توفر ضمانات للطبقات الضعيفة في المجتمع كي تتعايش مع الطبقات الأخرى. وأشار في الوقت نفسه لبعض النماذج الإعلانية الإيجابية، ومنها الحملات القومية كحملات التطعيم وتنظيم الأسرة.
كما ألقى الضوء على الأثر النفسي الخطير على المتلقي لإعلان في حال استخدامه لل "الطريق الهامشي" كأحد الطرق الإعلانية المستخدمة للإغراء وإقناع المتلقي بالسلعة المعلن عنها، للعب على نفسية الجمهور، ومن ثم قد يضلله من خلال عرض إعلان يمثل فيه طبيب مشهور ينصح باستخدام المنتج المعلن عنه، وبالتالي يستند هذا الإعلان إلى احترام الناس لرأي هذا الطبيب، والأخطر من ذلك الإعلان الذي يظهر شخص يرتدي الزي الأبيض بوصفه طبيبا وهو ليس كذلك. وأيضا استخدام المعلن أحيان لأسلوب التخويف مستندا على الأثر النفسي للمتلقي كإعلانات السجائر والتوضيح بخطورة التدخين الذي قد يصيب الإنسان بمرض السرطان، إلا أن أسلوب التخويف هذا قد يفرط استخدامه كما هو الحال في الحملة الإعلانية (الأمر ما يسلمش) للدعوة لشراء وثيقة تأمين.
وعقبت على هذا المحور الاجتماعي الكاتبة سكينة فؤاد، التي حملت الإعلام المسئولية، ودعت إلى التمسك بضرورة إعلاء القيم الاجتماعية وتفوقها البعد الاجتماعي على أي بعد آخر، وضرورة أن يستقوي المجتمع بالعلم والمعرفة والثقافة لمواجهة سلبيات الإعلان، الذي يؤثر ويتأثر فيهو كالمرآة يعكس تناقض المجتمع وسلبياته – على حد وصفها –
وأكدت الحاجة إلى تنمية اقتصادية وبنية اجتماعية قوية تعيد للمجتمع حركته الإنتاجية، بعد أن تحول إلى مجتمع استهلاكي، وأصبح العالم العربي كله أسواق استهلاكية مفتوحة للغرب، مشيرة إلى ضرورة تفعيل دور مؤسسات المجتمع مدني وجمعيات حقوق الإنسان التي يجب تدخلها في هذا الصدد من أجل رفع وزيادة الوعي لدى الجمهور.
كما شددت على أن الأساس لابد وأن ينبع من البنية التعليمية، التي للأسف شابها العديد من السلبيات، كعدم الاهتمام بلغتنا العربية، وأصبح الناس يتباهون بعدم معرفة لغتهم الأم وإجادتهم للغات الأجنبية الأخرى، وهو ما يؤكده الإعلان ويرسخه أكثر في الأذهان، ما يؤدي إلى تذويب الهوية.
وفي هذا الجانب الاجتماعي، أوصت ورشة العمل بوجوب وضع قيم تلتف حولها الإعلانات عن طريق مراعاة الإعلانات للذوق السليم في الإخراج الفني والتركيبة الفنية والفكرية للإعلان، وعدم عرض الأساليب السلوكية الخاطئة، واختيار الصورة واللفظ المصاحب بعناية بعيدا عن الابتذال.
البعد الاقتصادي
وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات إبراهيم العقباوي أن الإعلان جزء رئيسي من الإعلام اليومي، مشيرا إلى حجم الإعلانات ومدى إقبال الشركات المعلنة على بعض برامج كمقياس لنجاح تلك البرامج.
واستعرض عددا من الإحصاءات والنسب بناء على استطلاع للرأي أجراه اتحاد الإذاعة والتليفزيون، تعبر عن إيجابية الإعلان ومدى فائدته للجمهور، ومنها أن 49% أتاح لهم الإعلان التعريف بمدى توافر مراكز الصيانة، و49% أفادهم الإعلان في التعريف بأماكن توزيع السلع، و52% تعرفوا من خلال الإعلان على السلع والخدمات، و80% استفادوا من الإعلان في التعرف على شكل السلعة واستخداماتها، و77% عرفهم الإعلان بخصائص السلعة.
وأشار كذلك إلى أن النسبة الأعلى والتي تبلغ نحو 70% ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون مشاركة شخصيات شهيرة كالفنانين والرياضيين في الإعلان. كما يؤيد 60% الإعلانات المدبلجة بينما يرى الآخرون أنه لابد وأن يكون الإعلان نابعا من محليتنا وفقا للظروف المعيشية للمجتمع. أما عن الرقص والغناء في الإعلان فيوافق عليه 30%.
وعن تقديم الإعلان في البرامج التليفزيونية أبدى 40% موافقتهم، بينما اقتصرت نسبة الموافقة على تقديم الإعلان في الأفلام والمسلسلات على 18% فقط، ما يعكس الرفض كبير لقطع السياق الدرامي للفيلم أو المسلسل من أجل الإعلان.
من جانبها، أكدت نائب رئيس القطاع الاقتصادي باتحاد الإذاعة والتليفزيون الدكتورة رجاء حسين أنه لا يزال الإقبال الإعلاني على تليفزيون الدولة، وأن الوكالات الإعلانية ما زالت تحرص على وجودها على شاشة التليفزيون المصري. وأوضحت أن الإعلان يتميز بسرعة التحصيل بخلاف نشاطات التسويق.
وأشارت إلى أن قيمة الإعلانات في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2008 بلغت 450 مليون جنيه، موضحة في الوقت نفسه أن الاتحاد يفقد جزء من إيراداته نتيجة قبول التليفزيون عرض برامج - رياضية على الأخص – تنتجها جهات خاصة. كما أن تغطية جلسات مجلسي الشعب والشورى تؤثر سلبا على إيرادات الإعلانات.
بينما اختلف أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور جودة عبد الخالق مع ما أعلنه القطاع الاقتصادي بشأن حجم الإنفاق الإعلاني في مصر، موضحا أن حجم الإنفاق على الإعلانات التجارية في العالم في 2008 بلغت نصف تريليون دولار، نصيب أفريقيا والشرق الأوسط منها 200 مليار دولار، مضيفا أن حجم الإنفاق الإعلاني في مصر بلغ 22 مليون دولار، وهنا تدخل العقباوي ليؤكد أن حجم الإعلانات في العام المالي المنتهي 30 يونيو 2008 يقدر ب450 مليون جنيه مصري فقط. وأشار الدكتور جودة إلى أن نصيب مصر من حجم الإعلانات مع الدول العربية يقدر ب12%، حيث هناك طغيان لدول الخليج وعلى رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأكد أن الإعلان يقود الإعلام حاليا، مشيرا إلى أن الإعلان التجاري هو الصناعة الأسرع في العالم. وقال إننا في عصر السلع وقد ولى عصر المنتجات للأسف، مشيرا إلى ما تسبب فيه الإعلان من حيث تغيير الأذواق، حتى انعدم الارتباط بين الراحة والاستهلاك وأصبح المستهلك شرها ر حدود له ما يزيد من درجة إحباطه وتعاسته، وأصبح المستهلك يرفع شعار "أنا وبعدي الطوفان" وهو ما يتعارض مع القيم الإنسانية والدينية.
وأبرز الدكتور جودة الآثار الاقتصادية للإعلان، ومنها ثقافة التقليد (سلوك القطيع) حيث أسلم الناس قيادتهم للآخرين ، وضرب المثل بانتشار المشروبات الغازية وانحسار المشروبات المحلية كالعرقسوس مثلا رغم أفضلية الأخيرة صحيا. كما أعلن تأبين اللغة العربية وإن لم يكن الإعلان وحده هو المسئول عن ذلك في ظل التغريب الذي يشهده المجتمع الآن.
وجاء التعقيب على هذا المحور من الكاتبة فتحية العسال، التي هاجمت اتحاد الإذاعة والتليفزيون وانتقدت ما جاء في كلمة القطاع الاقتصادي من التعامل مع الإعلان كمورد لتغطية النفقات والعجز المالي على حساب المشاهد وحقه الثقافي، وحقه في الاستمتاع بمشاهدة المسلسل أو الفيلم دون قطع يؤثر سلبا على الرسالة الدرامية لتلك المادة المعروضة.
وحذرت من الإعلان الذي أصبح خطرا على المجتمع، يخطط له التاجر المعلن الذي يستخدم شاشة التليفزيون – التي هي ملك للشعب تستوعب أشجانه بالدرجة الأولى – ويوجهها لصالحه حتى تدر عليه ربحا هائلا، مطالبة التليفزيون المصري أن يرشد الإعلان لصالح الشعب، وأن يضع في اعتباره التثقيف قبل الإيرادات.
وأضافت أنه على المسئولين بالتليفزيون الرقابة على الإعلان والنظر في ما سيفيد، وألا يستفز المشاهد – خاصة الشباب والأطفال – المحروم الذي لا يجد رغيف العيش وربما يموت في طوابير الخبز بأن يعرض عليه صورا استفزازية لحياة رغده ووجبات شهية لا تستطيع فئات عريضة من الشعب الحصول عليها.
وفي هذا الجانب الاقتصادي، أوصت ورشة العمل بضرورة أن يتجنب الإعلان الاستفزاز بعرض نماذج للثراء، وضرورة تدعيم المواطنة في المضمون الإعلاني، والتوجه لوسائل الإعلان المختلفة بترشيد الإعلانات في قالب يخدم التنمية البشرية والمجتمعية وليس فقط بهدف تحقيق عائد مادي.
أخلاقيات الإعلان
سلع استهلاكية
وعلى صعيد الأخلاقيات، أشار أستاذ الإعلام الدكتور عاطف العبد على وجود 15 قناة إعلانية ناطقة بالعربية، مؤكدا عدم احترام الكثير من الإعلانات للأخلاقيات، من حيث الاستخدام السيئ للمرأة والطفل، وكذلك الإعلان عن بعض الأدوية بادعاء أنها معالجة لأمراض قد تكون اجتماعية كالتي تخص العلاقة الزوجية، أو بالادعاء أنها ستعالج السمنة أو النحافة أو الصلع وما إلى غير هذا، محذرا من خطورة مثل هذه الإعلانات على الإنسان صحيا وأخلاقيا.
كما أشار إلى الإنترنت كوسيلة اتصال ووسيلة إعلامية حديثة أضيفت إلى وسائل الإعلام وجذبت الشركات المعلنة إليها منذ سبتمبر 1998، بعد نشر تقرير عن مونيكا – كلينتون انفردت به الشبكة الدولية وقتها ليتحول الإنترنت على أثرها إلى مسيلة إعلامية إخبارية مستهدفة إعلانيا.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ الإعلام الدكتور صفوت العالم إن الإعلان يمثل درجة فارقة من الأهمية والخطورة، لما له من تأثير في اقتصاديات وميزانية الأسرة واللغة والثقافة ومنظومة القيم، حيث يأتي الإعلان ليعظم الطلب على سلع غير ضرورية ويقلل من أخرى، بينما واقع المجتمع هزيل لا يتحمل ذلك.
وانتقد قانوني حماية المستهلك وحماية المنتج من الاحتكار الذين تأخرا في الصدور كثيرا، ثم صدرا في صورة هشة – على حد وصفه – متسائلا كيف يكون المسئول عن حماية المستهلك هو نفسه رجل أعمال؟!
وطالب بضرورة تشريع ميثاق أخلاقي، وأن يعاقب المعلن إذا حجب معلومات أو ورد في إعلانه معلومة كاذبة، مشيرا إلى التجاوزات التي تحدث وتمر دون معاقبة ما دام المعلن يدفع الأموال في المقابل. كما انتقد أيضا الإعلان عن المسابقات الوهمية التي تصب لصالح شركات الاتصالات عن طريق استنزاف الجمهور بالاتصال بأرقام محددة وإغرائه بالفوز بجائزة وهمية.
واستفاض الدكتور صفوت معلقا على ما يتم نشره من إعلانات في الصحف الكبرى كالأهرام والأخبار والجمهورية، منتقدا اتساع المساحة الإعلانية التي تأتي على حساب المضمون الصحفي للمطبوعة التي يفترض ثقة القارئ بها، متهما بعض الصحفيين المضللين للرأي العام عندما يدخل الإعلان غير مباشرة من خلال تحقيق صحفي أو حوار صحفي، ما يعد تدليسا وخداعا للقارئ، مطالبا بفصل العلاقة بين المحرر الصحفي والإعلانات، في إشارة لبعض المحررين الصحفيين الذين تتشابك تغطيتهم لوزارة ما مع مصالح إعلانية تفيد الوزير وليست الوزارة. وشدد على أن الإعلان مسئولية المعلن والوسيلة الإعلامية معا.
وتحدث في هذا المحور، رئيس مجلس إدارة إحدى وكالات الإعلان الدكتور حازم درع، مؤكدا أن الإعلان هو اتصال غير مباشر مدفوع الأجر بهدف التأثير على الجمهور.
ووجه انتقادا إلى وزراء الإعلام العرب الذين حاولوا وضع ميثاق الشرف الإعلامي – التي هي مجرد توصية غير ملزمة – دون الانتباه إلى الإعلان وأخذه في الاعتبار ضمن هذا الميثاق، مشيرا إلى أن نسبة تعرض الجمهور للفضائيات العربية بصفة عامة أكثر من التعرض للتليفزيون المصري فقط.
وأوصى درع بإجراء دراسات للسوق المصري بثقافاته المختلفة في المناطق البدوية والريفية والصعيد والمناطق العشوائية والحضرية لتقسيم السوق والتعرف على ما يوجه إليه، على أن تتم هذه الدراسة تحت إشراف كلية الإعلام، وأن يكون التمويل من أي مؤسسة غير قابلة للربح، وأن يصحب البحث عملية تثقيف غير المثقفين.
وطالب بضرورة معاقبة المعلن الكاذب الذي يعد بأشياء غير موجودة بالسلعة التي يعلن عنها، مشيرا إلى عجز الجهاز الإداري في الإشراف، موصيا بتشديد الرقابة وتحديد المواصفات القياسية لأي منتج يعلن عنه، والعمل على توعية المستهلك المضار بأن يرفع دعوى قضائي ويحصل بموجبها على تعويض مقابل ما تعرض له من غش تجاري.
وأرجع غياب الأخلاقيات في الإعلان إلى افتقاد مهنة الإعلان لكيان يحميها أو يحمي العاملين بها، وقال إن كل المهن لها نقابات تحميها ويشكى إليها من أي تجاوز في الوقت نفسه إلا الإعلان والإعلام – ما عدا الصحافة – وفي هذا الإطار طالب درع بإنشاء كيان يمثل المهنة الإعلانية يحدد شروط الالتحاق بها ويطرد منها من يخرج عن الممارسة الصحيحة لها.
وعقب على هذا المحور الكاتب الدكتور رفيق الصبان، موضحا أن الأخلاقيات لا تتوافر في الإعلان لأن المسألة تتنافى مع الأخلاقيات، حيث يعد الإعلان نوعا من التواطؤ بين المعلن والوسيلة الإعلامية وعقد إذعان للمتلقي، فهو يقوم على الغش أصلا.
وأشار إلى غرق الإنسان في نوع من الجنون الإعلاني، حيث تلاحقه الإعلانات في كل مكان، سواء في التليفزيون والإذاعة والجرائد وحتى في المطار والشوارع وعلى البنايات، مؤكدا أن الإعلان أفقد المجتمع طفولته البريئة، حيث لم يكتف فقط باستغلال المرأة بصورة تسيء لها وإنما تعدى الأمر ليصل إلى استغلال الأطفال وسعي الأهالي على إدخال أولادهم هذا المجال بغية التربح.
وقال الصبان إن سيطرة الدعاية والإعلان وصلت إلى مرحلة تحطيم القيم وهدم أسس المجتمع، مطالبا المجتمع بأكمله بالضغط على المعلنين وإجبار الشركات المعلنة على احترام الأخلاقيات في الإعلان، والإفصاح عن سلبيات المنتج وليس التركيز على إيجابياته فقط، كما استطاعت المؤسسات الطبية من قبل أن تجبر المعلنين بوضع علامة على إعلانات السجائر تحذر من خطر الإصابة بالسرطان.
وفي هذا المحور، أوصت ورشة العمل بضرورة وضع مواصفات ومعلومات صحيحة وصادقة وكافية على كافة السلع وإعلاناتها، بحيث يتاح للمواطن المستهلك حق الاختيار بناء على معايير موضوعية، كذلك توجيه الرسالة الإعلانية لتحقيق حماية حقوق الإنسان الصحية والثقافية والبيئية والأمن الثقافي والاجتماعي، وأيضا تهذيب عملية التشوه في صورة وشكل الإعلان، وضرورة اتباع أسلوب جديد للتعامل مع المضمون الإعلاني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.