قنبلة نووية سنوياً برنامج نووي سري الرد الإيراني الخيار الإسرائيلي استهداف البنية التحتية الغزو مستبعد موجة من الانتشار النووي في الشرق الأوسط رغم كثرة الدلائل التي تشير إلى استبعاد العمل العسكري ضد إيران، فإن القيام به يبقى أمراً مطروحاً أمام الولاياتالمتحدة، ربما ليس بوصفه خياراً بذاته لحل الأزمة، ولكن كجزء من أي استراتيجية تتبعها الولاياتالمتحدة مع طهران، سواء أكان الحل الديبلوماسي أو الاحتواء. هذا ما يطرحه اشتون كارتر في دراسة بعنوان «الأبعاد العسكرية في استراتيجية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني»، والتي نشرها «مركز أمن أميركا الجديدة» كجزء من دراسات عدة تتناول كيفية التعامل مع إيران. يطرح الكاتب في بداية دراسته استنتاجاً رئيسياً توصل إليه، يتمثل في أنه لا يوجد أي من الأعمال العسكرية التي تناولها تصلح لأن تكون خيارا للأزمة النووية الإيرانية، والسبب في ذلك هو أن سيناريوات العمل العسكري المطروحة لن تنجح في إنهاء البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل ونهائي، وبالتالي فإنها قد تكون بعداً من أبعاد أي استراتيجية لإنهاء أو احتواء البرنامج النووي الإيراني، فقد يمهد لحل ديبلوماسي ينهي الأزمة، ولكنه قد ينهي هذا الحل أيضا، أو أن يكون جزءاً من استراتيجية لاحتواء إيران. ضربة جوية يعتبر توجيه ضربة جوية للمواقع العسكرية الأساسية، بغرض تأخير الوقت الذي تستطيع فيه إيران أن تحصل علي المادة القابلة للانشطار الكافية لتصنيع قنبلة نووية، السيناريو الأكثر تداولاً بخصوص الضربة العسكرية، وذلك على نمط الضربة الجوية الإسرائيلية للمفاعل العراقي أوزراك، والضربة الجوية الأمريكية لمجمع يونج بيون في كوريا الشمالية عام 1994. فقد نجحت الضربة الإسرائيلية، على سبيل المثال، في تأخير البرنامج النووي العراقي لأعوام، الأمر الذي أعطى الفرصة لخطوات لاحقة، مثل عملية «عاصفة الصحراء»، وعمليات التفتيش والعقوبات التي نُفذت في التسعينيات، والغزو في عام 2003، ولكن ينبغي الأخذ في الاعتبار أن توجيه ضربة إلى المجمعات النووية الإيرانية لن يأتي بنتائج تقنية حاسمة كما حدث مع اوزراك في 1981، أو يونج بيون في 1994. قنبلة نووية سنوياً يعتبر مفاعل ناتانز الهدف الرئيسي والمهم لأي ضربة، ذلك أنه يوجد به العديد من أجهزة الطرد المركزي من نوع «P-1»، ويقدر عددها بالآلاف، في مراحل مختلفة من بدء التشغيل، وإذا تم تشغيلها باستمرار فإن 3000 جهاز طرد مركزي تستطيع إنتاج حوالي 25 كجم من اليورانيوم عالي التخصيب، ما يعادل قنبلة نووية سنوياً. وتقوم إيران أيضا بتطوير أجهزة طرد مركزي من نوع «P-2» والتي تخصب ثلاث مرات أسرع على الأقل. وإلى جانب ناتانز، فإن هناك أماكن أخرى رئيسية في برنامج إيران النووي ستكون هدفاً لأي ضربة عسكرية مثل: أصفهان، وبوشهر، وآراك، وطهران، ويحتوي «مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية» على إمكانيات لتحويل اليورانيوم. أما مفاعل بوشهر فيحتوي على مفاعلين للماء الخفيف تم إنشائهما وتزويدهما بالوقود من قبل روسيا، ومن المتوقع أن يبدأ العمل بهما في 2008، وسينتج مفاعل بوشهر في كل عام كمية من البلوتونيوم كافية لتصنيع قنابل عدة. وبالنسبة لموقع آراك فإنه يضم مفاعل متوسط للماء الثقيل في بداية مراحل العمل، وباستطاعته إنتاج بلوتونيوم أفضل من بوشهر ولكن بكميات قليلة، وتتمثل آخر الأهداف في «مركز البحث النووي» في طهران والذي يمثل مركز القيادة العلمية للبرنامج النووي الإيراني لعقود. تقع تلك الأماكن في غرب إيران، وكل مجمع من هذه المجمعات الخمسة يضم مبانٍ متعددة، وبالتالي سيتراوح العدد الكلي للأهداف ما بين 100-200 هدف، وهو عدد قليل بما يكفي لإنجازها بواسطة القنابل وصواريخ كروز الأميركية، و يمكن إطلاق الطائرات التي ستحمل القنابل من حاملات الطائرات الأميركية، أو في حالة استخدام قاذفات القنابل بعيدة المدى من الولاياتالمتحدة الأميركية. أما استخدام القواعد الأميركية في الخليج أو أفغانستان أو تركيا أو دييجو جارسيا سيكون أمراً ذا حساسية سياسية، كما أن إمكانية وقوعه ستعتمد على الإطار السياسي الذي تحدث خلاله الضربة العسكرية، ولن يحتاج الأمر حملة جوية مصاحبة للقضاء على هذه الدفاعات الجوية الإيرانية، فالدفاعات الجوية التي تؤمن الأماكن الإيرانية الخمسة ضعيفة. وهناك بعض الخطوات العسكرية التي يجب اتخاذها قبل توجيه مثل هذه الضربة، منها تحديد أماكن القوى الجوية المطلوبة لتنفيذ الضربة، وهذا لن يكون أمراً صعباً، فالولاياتالمتحدة عادة ما يكون لديها حاملة طائرات في الخليج، وعادة يصل العدد إلى إثنين ما يعني توفير نحو 75 ضربة جوية، وتوافر السفن المصاحبة والغواصات الأميركية العشرات من صواريخ كروز، والطائرات قصيرة المدى التي ستقوم بالضربة يمكن أن تأخذ أماكنها بسرعة، أما القاذفات فيمكن إطلاقها من الولاياتالمتحدة أو المملكة المتحدة أو دييجو جارسيا. وستحتاج الولاياتالمتحدة أيضا إلى اتخاذ العديد من الخطوات الاستعدادية المهمة لحماية القوات الأميركية في المنطقة، بما فيها المتواجدة في العراق، من رد الفعل الإيراني، وإجراءات أيضا تُتخذ لحماية الأصدقاء، والمصالح الأميركية مثل البنية التحتية الخاصة بالنفط. برنامج نووي سري بداية يمكن القول أن الضربة الجوية ستحقق القليل إذا كان هناك برنامج نووي سري موازي لتخصيب اليورانيوم أقدم عمراً من مفاعل ناتانز، وفي هذه الحالة فإن تدمير ناتانز لن يؤخر امتلاك إيران لقنبلة على الإطلاق، فالعديد من المحللين يرون أن هناك منشآت ضمن البرنامج النووي الإيراني لم يتم الكشف عنها بعد لل «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، فمفاعل ناتانز نفسه لم يتم اكتشافه إلا في الأعوام الأولى من هذا العقد، وبالتالي فإن الولاياتالمتحدة عليها إن توسع قائمة المواقع المستهدفة من قبل الضربة العسكرية لتشمل الأماكن المشتبه بها على أساس المعلومات الاستخباراتية. وفي حالة عدم وجود برنامج سري موازي لناتانز، فإن القيمة الرئيسية للضربة ستتمثل في تعطيل تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي، والتي يمكن قياسها بحجم التأخير الذي ستحدثه في قدرة إيران على امتلاك اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لتصنيع القنبلة النووية. بعد الضربة من المتوقع أن تقوم إيران بإنهاء التفتيش الذي تقوم به «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وفي غضون أعوام عدة ستعيد إيران بناء برنامجها النووي الموجود حاليا، وقد تكون طهران قد أستعدت بالفعل لمثل هذا السيناريو من خلال إخفاء وتوزيع العناصر الرئيسية للبرنامج الذي سيتم إعادة بنائه بعد أي ضربة عسكرية، ومن المحتمل أن إيران ستستغرق عامين لإعادة بناء برنامج تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الحالي، ولكن هذا التأخير المتواضع يمكن زيادته من خلال طريقين: - الأول إذا كانت الضربة العسكرية جزء من عملية «الديبلوماسية الإلزامية» والتي قد تؤدي إلى إنهاء دائم لبرنامج إيران النووي.الثاني أن تتبع الضربة الأولى ضربات عدة أخرى على المواقع التي أعيد بنائها. وطبقا لهذه التقديرات فإن الضربة العسكرية ستؤخر حصول إيران على القنبلة النووية من عام 2013 إلى 2015، في حالة عدم الاقتصار على ضربة عسكرية دون أن تكون جزء من عمل ديبلوماسي أو يتم إتباعها بضربات أخرى. الرد الإيراني سيأخذ رد الفعل الإيراني أشكالا عدة منها: أخذ الديبلوماسيين أو الرعايا الأجانب رهائن، وقد يمتد إلى عمل عسكري تقوم به القوات المسلحة الإيرانية ضد القوات الأميركية في العراق أو أفغانستان أو أي منطقة في الشرق الأوسط، وقد تأخذ صور تحرك لحلفاء طهران مثل «حزب الله» وبعض الوكلاء في العراق، ولبنان، والضفة الغربية، وغزة، وقد تتسبب إيران في العديد من المشكلات بالنسبة لحرية الملاحة في الخليج، ومنها نقل النفط. وقد تهدد إيران بقطع صادراتها من النفط، وهي أكبر من أي كمية تستطيع أن تغطيها زيادة الإنتاج السعودي، وبينما ستؤدي هذه الخطوة إلى رفع أسعار النفط، فإنها ستحرم إيران من 60 مليار دولار تمثل 85 في المئة من موازنة الحكومة. وإذا تمت الضربة بشكل أحادي، من دون موافقة الاتحاد الأوروبي أو روسيا والصين، فإن أي طريق لديبلوماسية متعددة الجوانب سيفشل، وبالتالي فإن أي ديبلوماسية أحادية من قبل الولاياتالمتحدة تجاه طهران سوف تفتقد إلى القدرة على فرض عقوبات سياسية واقتصادية تمتلك هذه الدول فرضها، كما أن أي عمل عسكري يفتقر إلى استراتيجية متفهَمة ومدعومة من هذه الدول سوف يدفعهم إلى النأي بأنفسهم عن الولاياتالمتحدة. وأخيراً فإن العمل العسكري سوف يؤدي إلى تأثير عكسي على الرأي العام الإيراني، والذي يؤيد الخيار النووي، وبالتالي فإن أي ضربة ستزيد من تصلبه، بالإضافة إلى أنها قد تولد جيلاً معادياً للتقارب مع الولاياتالمتحدة على العكس من الوضع الحالي. فضلاً عن الأثر الذي تحدثه على توجهات الرأي العام في دول المنطقة، وبالأخص الدول المهمة للمصالح الأميركية، والذي سوف يتحول تجاه دعم طهران. الخيار الإسرائيلي وفي الجزء الثاني تركز الدراسة على الدور الإسرائيلي وعلى تكلفة مهاجمة إيران. يقول الباحث أنه في حالة قيام إسرائيل بالضربة العسكرية فإنها ستواجه العديد من الصعوبات التقنية، منها:على إسرائيل أن تختار طريق الطيران الجوي إلى إيران، ورغم أن هناك احتمالات عديدة، فإن جميع هذه الطرق طويلة وتتضمن التحليق فوق أجواء دول لا ترغب في التورط في مثل هذا الأمر. بعض الطرق تستغرق مدة تفوق كمية الوقود التي تحملها الطائرات، وبالتالي إما أن تتزود الطائرات بوقود في منتصف الرحلة وبالتالي تعود مشكلة إيجاد موقع لحاملات الوقود لانتظار الطائرات، إلى جانب احتمالات الكشف والاعتراض، وإما الاستيلاء على مطار في مكان ما مدة الضربة واستخدامه لإعادة تزويد الطائرات بالوقود. وبسبب هذه الصعوبات، فإن الضربة ستكون محدودة، تغطي أهداف عدة أقل من الضربة الأميركية، وبالتالي قد تركز إسرائيل على مفاعل ناتانز. ولكن التكلفة ستكون أصعب في التقدير، فعلى العكس من الولاياتالمتحدة، فإن إسرائيل غير منخرطة في أي مفاوضات متعددة الأطراف، كما أن إسرائيل ليس لديها سمعة عالمية أو إقليمية تحميها عندما تتعامل مع إيران، بالإضافة إلى أن إيران ستحدد ردها أو ثأرها من إسرائيل على حساب أن إسرائيل تعد نفسها لاتخاذ إجراءات إضافية للسيطرة على أي تصعيد. أما التكلفة المحتملة للولايات المتحدة فإنها ستكون سهلة الإدراك في حالة ضربة إسرائيلية، وحتى لو كانت واشنطن غير متواطئة أو ليس لديها علم، فإن الكثيرين في الشرق الأوسط لن يصدقوا هذا، وسيكون من الصعب على الولاياتالمتحدة أن تقنع الأوروبيين والروس والصينيين، الذين يشكلون أساساً في أي تسوية دائمة مع إيران، أنها ليس لديها ما تفعله بخصوص الضربة الإسرائيلية، وبالتالي يمكن أن تكون الآثار الناتجة عن الضربة الإسرائيلية بالنسبة للولايات المتحدة تماثل الآثار التي قد تنتج عن الضربة الأميركية. استهداف البنية التحتية هناك العديد من الأهداف الأخرى ليست لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني، ورغم أن تدميرها لن يسهم مباشرة في تأخير هذا البرنامج، ولكنه من ناحية قد يحقق الجانب الإلزامي في ديبلوماسية تجمع العديد من الحوافز والعقوبات، ومن ناحية أخرى فإن تنفيذ التهديد بهذه الطريقة سوف يكون وسيلة تدفع إيران لإعادة التفكير بشان الخيارات المطروحة أمامها، إلى جانب أن هناك احتمالية لوجود تحريض إيراني يستدعي عمل عسكري أمريكي في المقابل. ومن بين هذه الأهداف قوات الدفاع الجوي الإيراني، والأسطول الإيراني والقواعد الجوية وقواعد الصورايخ وبعض المواقع العسكرية الاستخباراتية التي تدعم وكلاء إيران في العراق ولبنان وأي مكان آخر في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى قوات الحرس الثوري والمخابرات وأهداف قيادية أخرى، فضلاً عن البنية التحتية للنفط والغاز. الغزو مستبعد رغم وجود خطط أميركية لغزو إيران منذ الحرب الباردة، فإن القيام بذلك الآن كخيار يعتبر أمرا مشكوكاً فيه، لأسباب عدة منها: أن احتلال دولة أخرى في الشرق الأوسط أكبر حجما وأكثر تعقيدا سوف يبدو لأي فرد في واشنطن أو في العواصم الحليفة أمراً غير مقبول، فعدد سكان إيران ثلاثة أضعاف عدد سكان العراق، ومساحة إيران أربعة أضعاف مساحة العراق. كما أن القوات الأميركية المطلوبة، المشاة، غير متوافرة، فالولاياتالمتحدة بالكاد توفر قوات للعراق وأفغانستان، وهذا الأمر من المتوقع أن يستمر لبعض الوقت، وبينما تفتقد الولاياتالمتحدة إلى قوات المشاة فإنها لا تفتقد إلى القوات الجوية والبحرية والتي يمكن استخدامها ضد إيران كجزء من برنامج شامل للمعاقبة والإضعاف، من خلال هجوم جوي يضم الفئات المستهدفة التي تم ذكرها من قبل، ويستمر أسابيع أو أشهر عدة. وبديل للضغط العسكري الشامل سوف يكون هناك بديل آخر وهو فرض حصار جوي وبحري شامل على إيران، مع مناطق حظر طيران داخلية، وبينما قد يحقق الحصار بعض الأهداف، فإنه قد يفرض منفردا من قبل الولاياتالمتحدة. موجة من الانتشار النووي في الشرق الأوسط قد يعتبر العمل العسكري جزءاً من استراتيجية الاحتواء تجاه إيران، ذلك أنه يحقق أهدافاً عدة، فمن ناحية يتم إحداث دمار هائل لإيران قبل أن تنمو أسلحتها النووية، وتصل إلى درجة تمكنها من ردع مثل هذا الهجوم، ومن ناحية ثانية يستخدم لمعاقبة إيران على تحدى الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي، فضلا عن إضعاف قواتها التقليدية. وتتضمن استراتيجية الاحتواء على عناصر عسكرية أخرى من خلال ردع إيران عن شن هجوم على الولاياتالمتحدة أو حلفاءها عن طريق القوات الاستراتيجية الأميركية: الصواريخ الباليستية عابرة القارات، الصواريخ الباليستية المطلقة بواسطة الغواصات، وقاذفات القنابل. إلا أن استراتيجية الاحتواء، ورغم أنها تردع إيران عن استخدام الأسلحة النووية، فإن إمتلاك إيران لهذه الأسلحة وإمكانية نقلها إلى دول أخرى تعتبر مشكلات لا تتعرض لها استراتيجية الاحتواء، فامتلاك إيران لأسلحة نووية سوف يرعب جيرانها، ويسمح لها بالقيام بأعمال لم تكن لتقوم بها من دون امتلاك القنبلة النووية، إلى جانب أنه سيفتح الباب أمام موجة من الانتشار النووي في الشرق الأوسط، فالدول المجاورة لإيران مثل مصر والسعودية وتركيا سوف تسعى لامتلاك سلاح نووي، إما لأسباب تختص بالمكانة الإقليمية أو لاعتبارات الأمن القومي وأخيرا امتلاك السلاح النووي قد يؤدي إلى نقله، فإيران قد تبيع القنابل أو التكنولوجيا إلى دول أخرى، من قبل عناصر فاسدة أو مارقة دون علم القيادة العليا، كما أن التحكم في هذه الأسلحة قد يضعف أو يتلاشى نتيجة انهيار النظام أو لأي سبب أخر.