توفي ايف سان لوران " السيد الاعظم" - كما اطلقت علية المصممة شانيل توماس - واحد عمالقة مصممي الازياء في القرن العشرين عن 71 عاما الاحد بعد صراع طويل مع المرض. وكانت صحة هذا المصمم الكبير تتدهور منذ اشهر عدة الى درجة توقف معها عن المجيء الى جادة مارسو حيث مقر دار الازياء التي تحولت في 2004 الى مؤسسة لكنه احتفظ دائما بمكتبه فيه. ولد ايف ماتيو سان لوران في الاول من اب/اغسطس 1936 في مدينة وهران بالجزائر حيث امضى شبابه حتى صف البكالوريا ليذهب إلى باريس ويرتقى الى عالم الشهرة والمجد في سن السابعة عشرة من عمره مع باكورة عروضه لدى دار كريستيان ديور وسرعان ما اصبح مساعد كريستيان ديور (1954) وقد خلف هذا العملاق بعد وفاته المفاجئة في العام 1957. ومنذ العرض الأول الذي نظمه في 1958, تذوق المدير الفني الشاب طعم النجاح بفضل تصميماته "ترابيز" التي خرجت عن التصاميم المألوفة والقياسات النحيفة جدا في تلك الفترة لتلاقي نجاحا باهرا في تلك المرحلة. وفي 1961, أنشأ دارا للأزياء بالاشتراك مع بيار برجيه الأول بصفته مديرا والثاني مصمما, فبنيا امبراطورية جابت شعارها المؤلف من ثلاثة احرف سوداء متشابكة أنحاء العالم كافة. السموكنج النسائي وفي 1966 ابتكر سان لوران أول بزة سموكينج للنساء, وانشأ أول متجر للألبسة الجاهزة إيف سان لوران في باريس. حيث أعطي حرية جديدة من خلال إضفاء نفحة من الحداثة على الأزياء وابتكار الألبسة الجاهزة، التي شملت أيضا أزياء الرجال. وقد خرج إيف لوران الذي كان من مشجعي الفنون وعشاق الأوبرا والمسرح، عن المألوف واحدث صدمة في الرأي العام، كما حصل مع مجموعته للعام 1971 المستوحاة من الأربعينات, أو في 1977 لدى إطلاق عطر اوبيوم. وفي عام 1983 أقيم معرض استعادي خصص ل25 عاما من ابتكارات إيف سان لوران في متحف متروبوليتان في نيويورك وتلته معارض اخرى في روسيا وباريس في 1986. وفي يناير/كانون الثاني 1993 اشترت مجموعة الف-سانوفي الصناعية الفرنسية دار سان لوران للأزياء. إيف سان لوران في بداياته الذكرى الاربعين وفي عام 1998 كان احتفال إيف سان لوران بالذكرى الأربعين لبدء مسيرته في عالم الأزياء, بمشاركة 300 عارضة على أرض ستاد فرانسا قبل المباراة النهائية لكأس العالم بين فرنسا والبرازيل. 1999- قامت مؤسسة غوتشي للأزياء بشراء متجر الألبسة الجاهزة وماركات العطور وفي تلك الفترة كانت شركة بينو-برنتان-لا رودوت تمتلك 40% من الأسهم (2,53% في 2002) وهي مجموعة فرنسوا بينو الذي باتت تملك دار إيف سان لوران للازياء. وقد بيع دار سان لوران مرتين: في 1993 ل "الف-سانوفي" وفي 1999 لمجموعة "غوتشي" المتفرعة عن مجموعة "بيه بيه ار" الفرنسية التي قسمت الدار إلى كيانين وبقي عنوان الازياء الفاخرة في جادة مارسو الرقم خمسة حيث ابتكر سان لوران تصاميمه حتى 2002. وفي الثاني والعشرين من يناير/كانون ثاني 2002 قدم ايف سان لوران، وهو يبلغ من العمر 65 عاما، آخر عروضه, وهو عرض يجمع مبتكرات اربعين عاما لينسحب بعدها من عالم الازياء. وأوقفت دار الأزياء نشاطها في أكتوبر/تشرين الاول لتصبح في 2004 مؤسسة بيار برجيه-إيف سان لوران. ترك إيف سان لوران بصمته على عالم الازياء والموضة فكان الأول الذي منح النساء حرية جديدة من خلال ابتكاره أسلوبا يمزج بين عالمي الانوثة والرجولة شعاره ال"سموكن" وقد أعطى هذا المصمم الكبير النساء حرية جديدة من خلال تحديث الموضة وانشائه قسما للملابس الجاهزة ما كان أمرا مستحدثا بالنسبة لمصمم. عرف في تصاميمه من الموضة الرجالية مثل التايور-البنطال وبالطبع السموكن الذي يمكن ارتداؤه مثلا مع بلوزة شفافة وهي شعار آخر لسان لوران. عرف سان لوران بحبه لجمع القطع الفنية وشغفه بالأوبرا والمسرح والمصادر التي استوحى منها كثيرة وغنية من بيكاسو الى فان غوخ مرورا بفن البوب ومن أفريقيا إلى روسيا أو حتى الأدب مع شكسبير. وكان المصمم الفنان يخلق الحدث بانتظام أو يثير فضيحة مثلما حصل في 1971 مع مجموعته المستوحاة من الأربعينات وصورته عاريا لإطلاق عطر أو في 1977 لدى إطلاقه العطر "اوبيوم". وأقر هذا المصمم الكبير الذي كان خجولا الى أبعد حد أمام الصحافيين أنه عرف في حياته "الخوف والوحدة المريعة والأصدقاء المزيفين المتمثلين بالمهدئات والمخدرات وسجن الاكتئاب والمراكز الصحية". اخر عرض وفي سنة 2002 وبمناسبة وداعه عالم الموضة نظم إيف سان لوران في مركز جورج بومبيدو في باريس عرض أزياء استعاد فيه اربعين سنة من الإبداع. وقد جمع سان لوران الذي يحمل وسام ضابط كبير في جوقة الشرف المكافآت والمعارض التي تضم تصاميمه القديمة وأخرها كان قد إفتتح لتوه في مونتريال (كيبيك). وقد نعى بيار برجيه، الذي ساهم في تأسيس دار ايف سان لوران وتولى ادارتها طوال اربعين عاما، مصمم الازياء إيف سان لوران معتبرا إياه قد "أحدث ثورة في عالم الأزياء" و"رافق تطور النساء". لوران في عرض سابق وقال برجيه ان "إيف سان لوران كان متحفظا وخجولا لكنه كان في إستطاعته أن يكون مرحا وممتعا جدا. ولم يرتكب كثيرا من الأخطاء لأنه رافق تطور النساء". وأوضح برجيه "عندما ينجح فنان كما فعل إيف سان لوران نفسه, فهو لم يكن مخدوعا". وأضاف برجيه ان "ايف سان لوران كان يعرف حق المعرفة انه غير العالم والموضة, وان جميع نساء العالم يدن له بشيء إلى حد ما. وكان يدرك هذه الحقيقة التي كانت تفرحه كثيرا". وأوضح برجيه "خلال سنوات طويلة, نادرا ما كان يغادر منزله, ويلتقي عددا قليلا من الأشخاص. وكان يذهب فقط بالسيارة التي يقودها سائقه من منزله إلى دار الازياء. وخلال هذه المسافة القصيرة كان يرى ما يحصل في الشارع". إعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنه بوفاة إيف سان لوران "يتوارى واحد من ألمع الاسماء في مجال الموضة, وهو أول من رفع الأزياء إلى مرتبة فن بلغت شهرته الأفاق". وقال ساركوزي في بيان، "بعبقريته الخلاقة وشخصيته الانيقة والرقيقة, المتحفظة والمميزة, ترك إيف سان لوران بصماته على نصف قرن من الإبداع والإبتكار, سواء في مجال الترف أو الألبسة الجاهزة, لإنه كان مقتنعا بأن الجمال ترف ضروري لجميع الرجال وجميع النساء". وذكر ساركوزي بأن ايف سان لوران كان "يجري حوارا دائما مع الفنون الاخرى, ولاسيما الرسم منها, والأدب والسينما ايضا", مشيرا إلى "مجموعات "شكسبير" والفساتين المستوحاة من فان غوخ, وفساتين رومي شنايدر أو كاترين دونوف". آخر عرض لإيف سان لوران وأشار ساركوزي إلى أن إيف سان لوران "كان شديد الإنتباه أيضا إلى التطورات الحاصلة في المجتمع ووضع المرأة الحديثة", معربا عن أمله في أن "تحافظ المؤسسة التي انشأها مع بيار برجيه وتستمر في تخليد ذكرى هذا المبدع الكبير". وأشاد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون بإيف سان لوران "مصمم الأزياء الإستثنائي الذي أثر تأثيرا عميقا في تاريخ الغزياء" وحيا "الفنان العبقري الذي طالما ساهم في شهرة فرنسا وذيوع صيتها". وقال فيون, ان "إيف سان لوران برع في الجمع بين الموضة والألبسة الجاهزة وسيترك بصماته على المخيلة الجماعية". وأضاف أن إيف سان لوران "جعل من بزة السموكينغ القاتمة أجمل حلية للانوثة ورمز الاناقة الفرنسية". وخلص رئيس الوزراء إلى القول ان "العبقرية الرائدة والحالمة التي سخرها لخدمة الازياء, ترافقت دائما مع رغبة حقيقية في تشجيع المواهب الشابة بفضل المؤسسة التي أنشأها". وفي 2002 أثناء إعلان وداعه لعالم الأزياء الفاخرة قال إيف سان لوران "رفضت دوما أوهام البعض الذين يرضون ذاتهم من خلال الموضة. فعلى العكس أردت دوما وضع نفسي في خدمة النساء. أردت مرافقتهن في تلك الحركة الكبيرة للتحرير التي شهدها القرن الماضي". وينظر دائما إلى إيف سان لوران على أنه آخر الباقين من جيل استثنائي عاشه عالم أزياء السيدات ضم إلى جواره مواطنيه كريستيان ديور وكوكو شانيل. وأكد برجيه أن "كوكو شانيل منح النساء الحرية بينما اعطاهن سان لوران السلطة". وأضاف أنه وصل إلى ما هو أبعد من مفهوم الجمال، اذ أدخل نفسه إلى الاشكال الاجتماعية. ومن جانبها، إمتدحت مصممة الأزياء شانيل توماس عبقرية إيف سان لوران، مشيرةً الى قيامه بتجديد عالم أزياء المرأة خاصة مع وضع السروال بين الملابس النسائية. وأكدت توماس أن الراحل "كان السيد الأعظم"، الذي أبدع مجموعات أزياء مدهشة مستلهماً أعمال الرسامين الكبار.