في الوقت الذي يذهب النفط الي تحطيم ارقامه القياسية يتوقع الخبراء تراجع الطلب العالمي علي الخام، والذي جاء معظمه في الأعوام الأخيرة من الاقتصاديات الصاعدة نتيجة لرفع الدعم الحكومي عن الاسعار ووسط معدلات التضخم المتزايدة. وفي المقابل، فان تراجع الطلب علي الخام وهو ما يعني تراجع اسعاره عن مستوياتها القياسية سيلقي بظلال سلبية علي المستثمرين في صناديق معاشات التقاعد وغيرهم من الذين تدافعوا علي الاستثمار في مؤشرات السلع الأولية خلال 2008، بحثا عن عوائد كبيرة مع ركود الأوعية الاستثمارية الأُخرى. فبعض المحللين يذهب الي أن الطلب علي الخام في الأسواق الصاعدة إما سيتباطأ أو سيتراجع خلال 2009، مع سعي الحكومات الي تقليص الدعم الحكومي للأسعار ورفع أسعار الوقود المحلية وزيادة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم. وبجانب حقيقة ان الطلب علي النفط في الدول المتقدمة أخذ في التناقص منذ بعض الوقت واذا شهدت الاقتصاديات الصاعدة وعلى رأسها الصين والشرق الأوسط والهند التي ينسب اليها الجزء الأكبر من نمو الطلب تباطؤ الاستهلاك فقد يصبح حتميا هبوط الطلب العالمي علي النفط. وكان سيل من أموال الاستثمار تدفق علي السلع الأولية من خلال مؤشرات بسيطة للمشترين الأمر الذي أذكى انتعاشة للنفط حطم خلالها أرقاما قياسية ويقول بعض الخبراء انها قد تكون فقاعة أصبحت أكثر تأثرا بالتحولات في العوامل الأساسية للعرض والطلب. واذا حدث تراجع حاد للنفط فان ذلك قد يكون نذيرا بخسائر فادحة لصناديق معاشات التقاعد وصناديق البلديات وصناديق الكليات والنقابات وغيرها من الجماعات التي خرجت من أسواق الأسهم وتدفقت على الاستثمار في المؤشرات لكن ليس لديها خبرة تذكر أو مرونة للتعامل مع تغيرات العوامل الأساسية للسلع الأولية. يذكر، أن الاستهلاك العالمي للخام زاد 1.1 مليون برميل يوميا في عام 2007 وتتنبأ وكالة الطاقة الدولية ان يزيد 1.03 مليون ب-ي يوميا في 2008. وتظهر أبحاث بنك دويتشه ان معدل نمو الطلب علي النفط بلغ أعلي مستوى له منذ عام 2000 في بلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بفضل الدعم الحكومي لأسعار الوقود، ويبلغ نصيب هذه الدول نحو 25 مليون برميل يوميا من النفط. وفي حين تحوم أسعار النفط قريبا من 130 دولارا للبرميل غير بعيد من ذروة 135.09 دولار التي بلغتها منذ اسبوع فانه تتكشف علامات علي ان أعباء الدعم الحكومي للأسعار أصبح تحملها يزداد صعوبة. وقد خفضت تايوان وسريلانكا واندونيسيا جميعا الدعم الحكومي لأسعار الوقود ومن المحتمل ان تحذو الهند حذوهم قريبا مع سعي هذه الاقتصاديات الصاعدة الى حماية ميزانياتها الحكومية التي تئن تحت وطأة أسعار النفط المرتفعة. وقال هاري تلينجوريان المحلل في بنك بي.ان.بي باريبا، من الواضح ان الإبقاء علي الدعم الحكومي عند سعر 130 دولارا للنفط لا يماثل في عبئه الابقاء عليه عند سعر 50 دولارا او 80 دولارا. ويري محللون ان الصين سوف تضطر الي مضاعفة أسعار الوقود لتنقل تكاليف النفط كاملة الي المستهلكين وان الهند سوف يتعين عليها زيادة الأسعار ما بين 50 الي 60%. ومع خفض الدعم الحكومي وارتفاع الأسعار فان محللين يتوقعون ان يتباطأ نمو الطلب في هذه الدول لكن ليس من المتوقع ان تفعل الصين شيئا في هذا الشأن قبل انتهاء دورةالألعاب الاولمبية. كانت الصين قد نشطت في تخزين النفط لمنع حدوث نقص قبل الألعاب الاولمبية وان الطلب قد يتراجع بعد الألعاب في أغسطس /اب 2008. ويقول محللون ان رابع أكبر اقتصاد في العالم قد يضطر لتحويل اهتمامه الي التضخم المتزايد في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وقد تسارعت خطي التضخم السنوي علي مستوى أسعار المستلهكين الي 8.5% في العام المنتهي في ابريل/ نيسان 2008. وهو ما يوضحه تلينجوريان من بي.ان.بي باريبا، قائلا ان التضخم سيكون عاملا قويا في تشكيل مستقبل الطلب علي النفط بشكل غير مباشر من خلال عواقبه الاقتصادية، وقد تسمح الصين بارتفاع سعر صرف عملتها الامر الذي قد يضر بصادراتها او ترفع أسعار الفائدة. واذا قررت الصين ألا تسمح بارتفاع قيمة عملتها واختارت بدلا من ذلك رفع أسعار الفائدة فانها قد تبطيء بذلك الاستثمارات في الأوعية الثابتة الأمر الذي قد يؤدي أيضا الى مزيد من التراجع للطلب علي الخام. وأضاف أن المحركان الرئيسيان للطلب علي النفط في الأسواق الصاعدة هما الدعم الحكومي للأسعار الذي يحمي المستهلكين من الأسعار المرتفعة والانفاق الكبير علي مشروعات تنمية المرافق الاساسية الكثيفة لاستهلاك الطاقة. واختتم حديثه قائلا أنه ومع تباطؤ هذه الاقتصاديات ورفع الدعم الحكومي للأسعار فلا بد ان تشهد بعض التراجع للطلب. (رويترز)