فجأة ودون مقدمات، تحول النهار الى اصفرار وسط عاصفة ترابية هي الثانية خلال شهر. واللافت، والمؤلم ايضا، انه ثبت جليا ان الكويت تفتقر إلى أجهزة ترصد مثل هذه السرايات والعواصف التي اربكت الدراسة والعمل وجعلت الطلبة رهائن الرياح والغبار الذي ملأ المكان. العاصفة الترابية التي يتوقع الخبراء ان تتكرر الشهر المقبل، عطلت الاعمال في مختلف جهات العمل الحكومي، وتسابق اولياء الامور الى المدارس لانقاذ ابنائهم. وللاسف كان قائدو السيارات رهائن العاصفة الترابية من جهة، والاختناق المروري من جهة اخرى. كما ادت العاصفة الترابية الى تعطيل حركتي الملاحة الجوية والبحرية، اذ تم تحويل طائرات قادمة الى الكويت الى مطارات مجاورة، فيما توقفت حركة الملاحة بسبب سوء الاحوال وانعدام الرؤية. وأوضح الخبير الفلكي الدكتور صالح العجيري ان العاصفة الترابية، التي مرت على البلاد امس، هي سراية، قائلا «السرايات وما ادراك ما السرايات»، مضيفا ان هذه العاصفة تعتبر طبيعية مقارنة مع ما ستواجهه البلاد في الشهر القادم اثناء موسم البوارح، مشيرا الى ان موسم السرايات سوف ينتهي منتصف الشهر الجاري. محلي وقال العجيري ان الرياح جنوبية غربية، حيث تجاوزت سرعة الرياح 50 كيلو متراً في الساعة لتمر على صحراء الكويت الغربية مع فرصة لسقوط امطار قليلة متفرقة، مؤكدا ان الغبار محلي وليس مستورداً. وتوقع العجيري ان تعتدل الاجواء اليوم، مطالبا الجميع بالتأقلم مع الغبار، حيث ادى الجفاف الذي مر على البلاد وقلة سقوط المطر في موسم الشتاء الماضي الى تفكك التربة، مما سهل على الرياح الخفيفة حملها لتتطاير في الاجواء. ومن جانبه، قال الباحث الفلكي عادل حسن السعدون ان منخفضاً جوياً سيطر على الجزيرة العربية، ساهم بهبوب رياح شمالية غربية بلغت سرعتها 60 كيلو متراً في الساعة، كما تجاوزت 70 كم في بعض المناطق لتثير زوبعة من الغبار الخفيف القادم من الصحراء، وهذا ما يفسر اللون المحمر في الغبار، مما تسبب بتدني الرؤية الى اقل من 10 امتار في بعض المناطق. واضاف السعدون انه على الرغم من وجود بعض الغيوم التي تغطي السماء والتي تعطي فرصة لسقوط امطار رعدية متفرقة في بعض المناطق، حيث ستساعد على تخفيف شدة الغبار، متوقعا ان يستمر الغبار حتى يوم الجمعة. بدوره اكد رئيس قسم الطقس في مرصد المرزم الباحث الفلكي خالد الجمعان أن موجات الاتربة والغبار التي تجتاح الكويت ستستمر خلال الفترة القادمة من الصيف وسيمتد تأثيرها ليشمل كلاً من المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين، وستكون موجات الغبار على فترات متقطعة، وذلك نظرا لطابع هذه المناطق الصحراوية وتركيبة تربتها، بالاضافة الى عوامل المناخ في المنطقة كالجفاف وقلة الامطار. عينات وأشار الجمعان في تصريح صحفي الى انه تم جمع عينات من الغبار خلال الفترات السابقة واتضح ان هناك جزيئات دقيقة من المواد العضوية وغير العضوية عالقة في الجو مع الغبار، وهي عبارة عن الياف حيوانية ونباتية واللقاحات وثاني اكسيد السيليكا وبعض مواد البناء كالاسمنت الناعم وغيرها، الامر الذي يتسبب في زيادة معاناة مرضى الربو والحساسية، الى جانب انعدام الرؤية الافقية مما قد يسبب حوادث السير في الطرقات. وقال ان درجات الحرارة العالية التي نشهدها في هذه الايام هي احدى مسببات الغبار، وذلك لأن الحرارة العالية دائما ما ترفع الاشياء الى الاعلى فترفع بذلك حبيبات الرمل والملوثات الاخرى، فتثير بذلك الغبار، وهذا ما قد نشهده في الفترات القادمة، موضحا انه كلما اشتدت الحرارة مع هبوب الريح ازداد الغبار، مؤكدا في الوقت نفسه ان الغبار سيهيمن على فصل الصيف الحالي. حرارة وأوضح الجمعان ان درجة الحرارة ستكون مرتفعة خلال الايام القادمة، حيث ستتراوح درجة، الحرارة العظمى ما بين 35 و45 درجة اما الصغرى فستكون من 25 الى 30 درجة مع ارتفاع ملحوظ في نسب الرطوبة التي قد تصل الى 20% في المناطق الساحلية، لافتا الى ان اتجاه الرياح سيكون متغيرا وسرعته معتدلة الى نشطة السرعة.