أدى رئيس الوزراء الباكستاني الجديد يوسف رضا جيلاني اليمين الدستورية أمام الرئيس الباكستاني برويز مشرف ،بعد يوم من انتخاب البرلمان له لشغل المنصب، ليلعب القدر دورا ساخرا حيث كان جيلانى قبل عهد قريب مسجونا بأمر من الرئيس مشرف .. كان جيلاني ( 55 عاما ) وهو رئيس سابق للجمعية الوطنية، قد حصل على الموافقة لشغله هذا المنصب من آصف زارداري ارمل بنازير بوتو باعتباره مرشح حزب الشعب لمنصب رئيس الوزراء وذلك بعد اسابيع من المناقشات داخل الحزب. وحصل جيلاني على 264 صوتا مقابل 42 فقط لمرشح المعارضة شودير برويز زعيم حزب العصبة الاسلامية الباكستانية. يشار الى ان بيلاوال نجل بوتو البالغ من العمر (19 عاما)، كان قد عين رئيسا شرفيا للحزب بعد اغتيال والدته في ديسمبر الماضي على ان يقوم والده زرداري بأدارة شؤون الحزب اليومية. وكان انتخاب جيلاني متوقعاً، حيث يمتلك تحالف المعارضة بين حزب الشعب ورابطة مسلمي باكستان، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نواز شريف، غالبية المقاعد في البرلمان. بداية وتحدى .. القاضى شودرى جيلانى استهل عهده بقرار يتحدى الرئيس برويز مشرف، تمثل بالإفراج عن القضاة المعتقلين، فى أول تصريح له عقب اختياره رئيساً للحكومة، حيث أصدر جيلاني قراراً بعودة القضاة الذين كان الرئيس مشرف قد أبعدهم عن مناصبهم، بعد إعلان حالة الطوارئ في وقت سابق أواخر العام الماضي. كان مشرف قد اعلن حالة الطوارئ في الثالث من نوفمبر، وأقال في اليوم التالي اكثر من ستين قاضيا بينهم رئيس المحكمة العليا افتخار محمد شودري وغالبية قضاتها قبيل ان تبت هذه الهيئة في ما اذا كانت اعادة انتخابه قانونية. كما أكد رئيس الوزراء الباكستاني الجديد أنه سيدعو إلى إجراء تحقيق دولي تحت إشراف الأممالمتحدة، في جريمة اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة وزعيمة حزب الشعب بنازير بوتو . ودعا جيلاني الى الغاء التعديلات الدستورية التي أجراها مشرف لتعزيز سلطاته بما في ذلك سلطة اقالة الحكومة.. ومن المقرر أن تشكل أحزاب المعارضة حكومة ائتلافية، لقيادة البلاد في الفترة المقبلة . ويشكل التحالف العريض بين الحزبين، خطوة مهمة نحو إنشاء إدارة مدنية تحكم الدولة الإسلامية بعد سنوات من الحكم العسكري. ومن المفارقات ان الحزبين المتحالفين (حزب الشعب وحزب رابطة مسلمي باكستان) كانا قد خاضا صراعاً مريراً ضد بعضهما على مدى عقد تقريباً قبل أن يستولي مشرف على الحكم في انقلاب أبيض عام 1999، جدير بالذكر ان الرئيس الباكستاني برفيز مشرف كان قد أكد عزمه البقاء في منصبه، والعمل مع الحكومة الجديدة، رغم الضربة القوية التي تلقاها الحزب الذي يدعمه في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ودعوات المعارضة له بالاستقالة. ويطالب كثيرين من المعارضين البرلمان الجديد بإقالة مشرف على أساس ان انتخابه جاء تحت فرض حالة الطوارئ ومن قبل البرلمان السابق في وقت أوشكت ولايته على الانتهاء. من هو جيلانى .. وجيلاني كان مسؤول بارز فى حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو ،وكان من أقرب معاونيها في المرحلة التي سبقت اغتيالها أواخر العام الماضي، كما أمضى أربعة أعوام في السجن، بتهمة إساءة استخدام سلطته خلال الولاية الثانية لرئيسة الوزراء السابقة. سيرة ذاتية .. ولد يوسف رضا جيلاني عام 1953 لاسرة تولى العديد من افرادها مهمة حراسة مزارات مدينة مولتان (وسط). وكان والده نائبا في الخمسينات، الا انه لم يكن من طبقة كبار ملاكي الاراضي مثل اسرة بوتو. حصل جيلاني على دبلوم الصحافة ودخل معترك السياسة في الثمانينات في عهد نظام ضياء الحق العسكري الذي اعدم والد بنازير بوتو رئيس الوزراء الاسبق ذو الفقار علي بوتو. وفي عام 1988 وبعد وفاة ضياء الحق في حادث طائرة غامض، انضم الى حزب الشعب الباكستاني واصبح وزيرا للصحة ثم وزيرا للاسكان في حكومة بنازير بوتو الاولى من 1988 الى 1990. عين رئيسا للجمعية الوطنية في ظل حكومة بنازير بوتو الثانية من 1993 الى 1996. لكن عندما استولى الجنرال برويز مشرف على السلطة في انقلاب عام 1999 واطلق حملة واسعة ضد الفساد تستهدف كبار السياسيين، اتهم جيلاني بمنح وظائف حكومية الى 350 شخصا دون مراعاة القواعد المتبعة وبارتكاب تجاوزات في استخدام سيارات وهواتف الوظيفة. امضى جيلاني خمس سنوات في السجن حيث توطدت صلته بآصف زرداري الذي امضى فيه ثماني سنوات. ويؤكد حزب الشعب الباكستاني ان هذه الاعتقالات سياسية الدوافع. وقد تم التخلي عن كل هذه الاتهامات في اطار عفو شمل ايضا بنازير بوتو، مما اتاح لها العودة من المنفى في اكتوبر 2007. ويقول المراقبون ان الرئيس الباكستانى برويز مشرف يعاني من عزلة سياسية منذ هزيمة حلفائه في الانتخابات العامة الشهر الماضي . وهناك تكهنات بأن يحاول خصومه القدامى الذين في طريقهم لتشكيل حكومة جديدة في البلاد ارغامه على ترك السلطة. فيما تخشى الولاياتالمتحدة وحلفاء غربيون اخرون أن تحدث حالة من انعدام الاستقرار السياسي في باكستان التي تتمتع بقدرة نووية والتي تواجه بالفعل حملة من الهجمات يشنها متشددون يسيرون على نهج تنظيم القاعدة اذا حدثت مواجهة بين الرئيس والحكومة الجديدة.