الجمهورية 29/11/2007 الارتفاع الكبير في تكاليف الحج في السنوات الاخيرة دفع الكثير من المسلمين الذين تهفو قلوبهم إلي زيارة بيت الله الحرام إلي التحايل علي تلك العقبة عن طريق البحث عن فرصة لأداء المناسك بتكلفة أقل عبر بوابة "خدمة الحجاج". أمام البوابة الخلفية لوزارة القوي العاملة والهجرة يتزاحم المئات من المواطنين من أجل تقديم طلب العمل ضمن بعثة الحج لهذا العام من العمالة العادية والسائقين... ولا يقبل الموظف الذي يتلقي الطلبات أوراق الراغبين في السفر الا عندما يكون مرفقاً بها توصية من أحد نواب مجلسي الشعب والشوري حيث لا يحق لأي نائب سوي الحصول علي فرصتين فقط من خدمات الحجاج. وسط ذلك الزحام يصطاد سماسرة التأشيرات ضحاياهم من المواطنين الذين يرغبون في أداء المناسك عن طريق الباب الخلفي لدخول الأراضي الحجازية حيث وصل سعر التأشيرة الواحدة إلي خمسة آلاف جنيه. المواطنون من جانبهم يؤكدون أنهم لا يمكنهم تدبير تكاليف حج القرعة أو الحج السياحي ويتمنون أداء المناسك لذلك فهم يلجأون إلي تلك الحيلة التي توفر عليهم تلك التكاليف بل إنهم يتقاضون راتباً يصل إلي 2500 ريال تساهم في تكاليف الحج.. وشددوا علي انهم وراء أعضاء مجلسي الشعب والشوري طوال العام حتي يمكنهم الحصول علي تزكيتهم في الترشيح للسفر. يؤكد أعضاء مجلسي الشعب والشوري أنهم لا يملكون سوي فرصتين فقط للسفر في مهمة خدمة حجاج أحدهما عامل والأخري سائق وكثيراً ما يكون لديهم طلبات بالعشرات من المواطنين الراغبين في أداء المناسك عن طريق تلك الفرصة.. ومن جانبهم يؤكد رجال الدين علي أن الحج فرض علي المستطيع ومن يسعي إليه بتدليس أو رشوة فحجه غير مقبول ولكن الخدمات المعاونة الذين يسافرون بشكل لا يخالف القانون أو الشرع فحجهم مقبول بشرط عدم تقاعسهم عن القيام بأعمالهم التي كلفوا بها علي أكمل وجه.. تبحث السعودية حاليا استحداث نظام تأشيرات دخول لها باسم العمل المؤقت والعمل الموسمي والتي من المنتظر أن يكون رسمها ألف ريال ومدتها ستة شهور فقط غير قابلة للتجديد بعد موسم الحج.. ويقدم العامل إقراراً كتابيا بأنه حضر للعمل وليس للحج حيث يحصل علي تأشيرة "غير صالح للحج". في البداية يقول سالم حلمي سائق من المطرية إنه يسعي للسفر عن طريق خدمة الحجاج لأداء مناسك الحج منذ ثلاث سنوات.. وهناك من يدعي قدرته علي توفير تأشيرة لنا هذا العام بمقابل سبعة آلاف جنيه ولكنه يخشي ما حدث معه العام الماضي عندما قام بدفع ألف جنيه لأحد السماسرة الذي وعده بالسفر ولكنه في نهاية المطاف لم يسافر بعدما تحجج السمسار بأن السعودية أوقفت التأشيرات.. ويؤكد علي انه فشل للوصول لعضو مجلس الشعب عن الدائرة لتزكية طلبه في وزارة القوي العاملة. ويري عبدالحافظ سيد بأن تكاليف الحج الباهظة التي لا يقدر عليها سوي الاغنياء فقط هي التي تدفعهم للبحث عن وسيلة أخري لأداء المناسك لأنه بلغ 60 عاماً من العمر ولا يمكنه تدبير 32 ألف جنيه تكاليف حج الحكومة فضلا عن مصاريفه والسفر بتأشيرة خدمة الحجاج هي الحل ولكنه فوجئ بأنهم يشترطون سناً صغيرة ولا يقبلون هذه السن الكبيرة.. ويتمني أن يقدره الله علي أداء الفريضة لأن قلبه معلق ببيت الله.. ويقول الحاج هاني محمد الطباخ من محافظة القليوبية حلاق بأنه يسعي للسفر مرة أخري للحج عن طريق خدمة الحجاج لأنه سافر منذ ثلاثة أعوام ولم تكلفه كثيراً لأنه حصل علي ألف ريال خلال شهرين فقط فضلا عن مصاريفه الشخصية.. ويحاول هذا العام السفر بعدما حصل علي تزكية أحد أعضاء مجلس الشعب.. ولكنه يخشي من رفض طلبه لأن المئات من المواطنين يتزاحمون علي التقديم وجميعهم معهم تأشيرات وتزكيات من نواب شعب أو شوري. ويشير عماد قدري من محافظة الغربية إلي أنه اضطر إلي تغيير مهنته في جواز السفر إلي عامل حتي يتمكن من تقديم أوراقه في وزارة القوي العاملة علي الرغم أنه يعمل لحاماً. ويقول عرض علينا أحد السماسرة أمام الوزارة دفع خمسة آلاف جنيه من أجل الحصول علي تأشيرة خدمة الحجاج ومع انني رفضت عرضه إلا أنه تمكن من خداع بعض المواطنين الذين يحلمون بأداء المناسك بمبلغ صغير. ويطالب البدري يوسف المحمدي من محافظة الدقهلية بضرورة دعم الحج للفقراء حتي لا يتحول الحج للأغنياء فقط فكيف يمكن للأسرة المتوسطة تدبير نفقات حج تصل في كثير من الاحيان إلي أكثر من 50 ألف جنيه.ويشير إلي أن هناك تكاليف للحج وصلت لأكثر من مائة ألف جنيه ومع أن الحج للمستطيع ولكن الكثير من المواطنين يخافون من كبر سنهم قبل أداء الفريضة لذلك يلجأون إلي تلك الطريقة.. والكثير من المشايخ حلل الحج مع العمل. يقول الحاج سيد الزمر بأن المسلمين الفقراء يبحثون في طرق أقل تكلفة من الحج بالقرعة أو السياحي وسابقاً كانوا يتخلفون في الأراضي الحجازية بعد عمرة رمضان هرباً من أعين الشرطة السعودية ولكن حاليا بعد التشديد علي البقاء في الأراضي السعودية يحاول المصريون الفقراء السفر لخدمة الحجاج واداء المناسك مجاناً ويؤكد بأنه سوف يقدم أوراقه ولن يذهب للسعودية بعد دفع رشوة لسماسرة التأشيرات لأن ذلك كما يقول الحاج سيد الذي حج مرة قبل ذلك عندما كان يعمل بالسعودية منذ عشر سنوات. يقول عبدالرشيد أحمد من بني سويف إنه يتمكن من الحصول علي تزكية أحد أعضاء مجلس الشعب علي طلبه للسفر في خدمة الحجاج ولكنه علم بأن هذا النائب زكي أكثر من طلبين وكما أعلم ليس له سوي طلب سائق وطلب عمال.. وأحاول معرفة رأي رجال الدين في شرعية دفع مقابل لتأشيرة خدمة الحجاج التي يعرضها علينا سماسرة التأشيرات الذين يحاولون اصطياد المواطنين من أمام باب وزارة القوي العاملة. ويقول أحمد مختار طبيب إنه قدم في وزارة الصحة للسفر ضمن البعثة الطبية المرافقة لبعثة الحج ليس طمعاً في أي عائد مادي ولكن من أجل أداء المناسك لأن تكاليف الحج أصبحت باهظة للغاية ومع أنه لم يحالفه الحظ هذا العام إلا أنه سيحاول العام القادم مرة أخري حتي يكتبها له الله لأن هذه هي الوسيلة المتاحة حاليا لأداء الفريضة وهو يرغب في ذلك وهو صغير حتي يمكنه إقامة الشعائر وهو بكامل صحته. ويقول د. فتحي زيدان مدير مستشفي الزقازيق العام إن الكثير من الأطباء يسعون إلي التقديم في البعثة الطبية المرافقة لبعثة الحج المصرية وذلك من أجل أداء المناسك مجانا.. ومع أن ذلك جائز شرعاً إلا أنه أحجم عن التقديم حتي يعطي الفرصة للآخرين من الاطباء الذين يرغبون في ذلك لأنه شخصيا يرفض تلك الطريقة في تأدية المناسك التي تحتاج أن يكد ويتعب المسلم حتي يتمكن من توفير نفقات حجه ليكون ذلك خالصا لوجه الله تعالي. ومن جانبهم أكد اعضاء مجلسي الشعب والشوري علي أنهم يراعون معايير الحاجة إلي تلك الفرص من قبل المواطنين الذين يرغبون في السفر لخدمة الحجاج لأن العشرات من المواطنين يتقدمون اليهم من أجل التزكية لهم أمام وزارة القوي العاملة.. أحمد العماوي.. وزير القوي العاملة السابق ووكيل مجلس الشوري يؤكد علي أن الكثير من المواطنين يتجاهل الحقيقة التي تؤكد أن سماسرة التأشيرات معظمهم نصابون ومع ذلك وللأسف يرضخون لطلباتهم من أجل الحصول علي تأشيرات السفر لخدمة الحجاج حتي يؤدوا مناسك الحج مع أعمالهم متجاهلين أن هذه الفريضة واجبة علي القادر فقط وتسقط عليه طالما لا يستطيع توفير الاموال التي تساعده علي أدائها بشكل محترم ومن حلال.. ويتساءل كيف يمكن لمسلم أن يسعي من خلال طرق غير شرعية لا يرضي عنها الله لأداء فريضة لله.. ويؤكد علي أن الزحام أمام وزارة القوي العاملة يؤكد بأن هناك جهلاً كبير بتعاليم الإسلام لأن الإسلام أيسر من تلك الحيل والوقوع في براثن النصابين الذين يبيعون الاستمارات التي يقدمها المواطنون للوزارة ويسعون إلي ايقاع بعض الضحايا في شباكهم ولا ينفع الندم بعد ذلك. يقول رجل الأعمال محمد أبوالعينين عضو مجلس الشعب عن دائرة الجيزة إنه يراعي جيداً عملية اختيار نصيبه من مستحقي الحج بحيث يكون من كبار السن والمعاقين الفقراء والأمهات المثاليات.. والسفر للحج عن طريق خدمة الحجاج ودفع مبالغ لسماسرة التأشيرات لا يسعي اليه إلا بعض المواطنين الذين يجهلون سماحة الاسلام الذي لا يفرض عليهم تلك الفريضة التي لا تجب إلا للمستطيع. يؤكد طاهر المصري عضو مجلس الشوري عن دائرة أبوحمص وكفر الدوار أن ارتفاع أسعار الحج لأكثر من مائة ألف جنيه هي السبب الرئيسي وراء تلك الظاهرة ومع أن لكل عضو فرصتين فقط أحدهما سائق والآخر عامل وقام بعمل قرعة بين الذين قدموا له أوراقهم حتي لا يظلم أحداً إلا أنه يري أن رجال الدين والاعلام عليهم دور كبير لنصح هؤلاًء الذين يقعون في براثن النصابين وسماسرة التأشيرات ومكاتب السياحة التي تتاجر بمشاعر البسطاء ويؤكد عبدالحميد شعلان عضو مجلس الشعب عن دائرة الوايلي بأن استحدث نظام القرعة العلنية لاختيار المواطنين الذين يرغبون سواء في الوظائف أو الحج أو الذهاب لخدمة الحجاج حيث يحضرها جميع المواطنين بشكل علني لأن أحدهم هو الذي يقوم بسحب الاستمارات حتي لا يكون هناك مجالا للمحسوبية.. وقال.. يجب علي القادرين ورجال الأعمال مساعدة بعض الغلابة كبار السن في القيام بفريضة الحج لأن هناك من تهفو قلوبهم للزيارة ولا يستطيعون ذلك لأن ذلك واجب علي الاغنياء تجاه الفقراء.. ويؤكد رجال الدين علي أن الحج فريضة علي المستطيع فقط فيقول عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف.. الحج هو الركن الخامس من اركان الإسلام ومن رحمة الله عز وجل أن فرضه علي المستطيع فقط استطاعة مادية واستطاعة بدنية فالذي لا يملك المادة فان الحج ليس واجباً في حقه بمعني ان الله لا يحاسبه علي عدم أدائه هذه الفريضة والمريض ان كان يملك المادة يجوز له أن ينيب غيره بشرط ان يكون قد حج عن نفسه أولاً والإنسان إذا خرج إلي الأراضي الحجازية للعمل أو التجارة وأدي فريضة الحج فهي مقبولة لقوله تعالي "فليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام" والفضل هنا كما يقول رئيس لجنة الفتوي هنا هو التجارة أما الذي يقوم بدفع رشوة للحصول علي غير حقه فأقول له الله غني عن ذلك تماماً فالنبي صلي الله عليه وسلم يقول "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" فإذا قدم الإنسان لخدمة الحجاج وهذا عمل يستحق عليه أجراً ووفق وسافر فنقول له القبول ان شاء الله. ويري الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن الحج عن طريق الذهاب إلي الأراضي المقدسة لخدمة الحجاج كسائق أو حلاق أو خلافه فإن حجه مبرور ومقبول ولكن إذا دخل أي ذنب أو معصية في عملية الحج فإن الله غني عن العالمين.