توثق المصورة الصحفية الأميركية "كايت بروكس" بعدسة كاميرتها أحداثاً غيّرت وجه دول ومصير شعوب، من أفغانستان إلى العراق ولبنان والسعودية وباكستان مروراً بروسيا. واختارت من أرشيفها مجموعة من الصور خلف كل واحدة منها قصة وفي جعبة صاحبتها رواية تخبرها عن مغامرة أو تحد للخطر، وأحياناً كثيرة مواجهة مع الموت، لتعرضها في صالة «جام جار» للفنون في دبي حتى 23 فبراير المقبل. معرض بروكس التي استحقت عدداً كبيراً من جوائز التقدير حول العالم، يعتبر الأول لها في دبي والمنطقة، فقد سبق وأن عرضت مجموعة من صورها في معارض أقيمت في نيويورك ولندن وروسيا وكرواتيا وغيرها من الدول. وتتميز صور كايت بلمسة إنسانية فيها الكثير من الوحدة والانضواء تنقل من خلالهما المشاعر الإنسانية، وتروي القصص والأحداث بعين تستفيد من المساحة ولأفق وقوة اللون. تقول: الصحافي إنسان قد يبكي تأثراً وقد ينفعل تأثراً، لقد بكيت في الكثير من الأحيان وهذا طبيعي. لا تعرف كايت عدد الصور التي تحفظ في أرشيفها، ولا تجد من بينها ما تستطيع وصفها بالمفضلة أنها بكل بساطة تشعر أنها مرتبطة بكل صورة. درست كايت اللغة الروسية في الجامعة إلى جانب التصوير الصحافي، قبل أن تنطلق في العشرين من عمرها إلى الاتحاد السوفييتي السابق لتسجل انطلاقة مرحلة جديدة. وبرز اسمها عندما التقطت مجموعة من الصور لأطفال في دار للأيتام تظهر الحالة المأساوية، التي يعيشون نشرت في عدد من المجلات حول العالم بعد أن تبنتها منظمة «هيومان رايتس ووتش». تقول في حديث ل «البيان» إنها لم تواجه أي عوائق في نشر صورها: «كنت أتصل برئيس تحرير أو محرر أو وكالات أخبار أو صور وأعرض ما لدي». وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، انتقلت إلى باكستان حيث اختارت الاستقرار لتكون قريبة من أفغانستان مركز الأحداث المقبلة. تصف كايت اقامتها في باكستان بالمريحة والطيبة، أما عن أفغانستان التي دخلتها بعد سقوط نظام طالبان، فتقول: «كانت مزعجة.. لم نحصل على ماء ساخن للاستحمام أو الإقامة في فندق تتوفر فيه الخدمات الدنيا، وهذا طبيعي في بلد يعيش حرباً ضروساً منذ ثلاثين سنة، ويعد واحداً من أفقر دول العالم». في المقابل تعبر كايت عن إعجابها بالأمل الذي يسكن نفوس الأفغان وطبيعتهم المضيافة «أفغانستان بلد جميل وخطر جداً، التقطت فيه الكثير من الصور التي تجسد حال الفقر فيه والقهر والحرمان، صوراً لزراعة الأفيون». وتشير إلى اثنتين من الصور الموجودة في المعرض، واحدة تظهر جندياً أفغانياً مبتور الساق يقف إلى جانب دبابة في مهمة حربية، وأخرى لامرأة أفغانية كانت مغنية سابقة، وصورة طفل متوفى تحت ملاءة شفافة. وتصف كايت تجربتها في العراق بالخطرة والصعبة، إذ نجت فيها من الموت مرات عدة، وشاهدت موت وعذاب أطفال ونساء ورجال أبرياء. تقول رداً على سؤال حول تحول المصور إلى مسعف في بعض المواقف: «نتورط أحيانا كثيراً في الأحداث، ساعدت الكثير من الأشخاص الذين صورت، في أحد المستشفيات التي كانت مكتظة بالجرحى والقتلى بعد انفجار قوي، أمسكت بيد طبيب وأصررت عليه النظر إلى طفل كان ينازع وحيداً. أذكر أن احد الزملاء ساعد في انتشال جثث ونقل آخرين في انفجار كربلاء، الذي أودى بحياة أكثر من 100 عراقي». تعتقد كايت أن المصور الصحافي «لا يستطيع ادعاء الحياد وان لا رأي له فيما يجري من أحداث من دون أن يعني ذلك التخلي عن الموضوعية في المعالجة ولو في الصورة. في الحروب المذنبون كثر والأبرياء الذين يدفعون الثمن أكثر». وعن تجربتها كامرأة في الميدان تقول: «هناك حقيقة لا يمكن نكرانها هذه مهنة شاقة للمرأة، لا تنعم فيها بالاستقرار والأمان والعلاقات، قد لا تكون قادرة على الزواج والإنجاب، فالأمر يتطلب جرأة وإرادة». تروي كايت في ختام حديثها أنها أثناء تدربها في مكاتب «ناشيونال جيوغرافيكس» وكانت في السابعة عشرة من عمرها، سألها محرر يختار صوراً لمقاله: «كيف تظنين تمكن المصور من التقاط هذه الصورة؟» مشيراً إلى صورة لمراسم دفن في المكسيك. الجواب كان بسيطاً: عبر كسب ثقة الناس. احترام التقاليد والقوانين:- تتنقل كايت باستمرار بين دول الشرق الأوسط، حيث تعمل وتبادر من تلقاء نفسها وقبل طرح السؤال عليها بالقول: «كامرأة تعمل مصورة صحافية في بلاد إسلامية، أعامل كالرجل لجهة الحقوق، ربما لأنني أجنبية.. لا ادري. أحترم عادات وقوانين كل دولة أزورها». تجربة لبنانية:- استقرت كايت قبل 3 سنوات في لبنان حيث صورت الحرب الإسرائيلية ضده في يوليو 2006. وتصف تجربتها اللبنانية بالمختلفة، لأنها لم تكن تقبع تحت قصف وإنما تشاهده عن بعد، وتستغل وقف النار أو أوقات الهدوء لتتنقل بين الدمار والأبنية المتهاوية على سكانها بحثاً عن صورة.