لمعرفة كيف تغير الهجرة العالم، انظر الي وضع ويسترن يونيون، جزء من التاريخ الاميركي، أفلست لبيعها التلغرافات في بداية عصر الانترنت ولكنها الان تحقق ربحا يصل الى مليار دولار يوميا لمساعدة المهاجرين الفقراء على ارسال تحويلاتهم عبر العالم. ويعتبر المهاجرون قضية مركزية بالنسبة لويسترن يونيون، بحيث ان التكهنات المتعلقة بتحركات الحدود يمكن ان ترفع قيمة اسهم الشركة. ويفحص الباحثون التابعون لها مكتب الاحصاد الاميركي لمتابعة مواقع المهاجرين. وتعلن الشركة التي كانت مرتبطة بشفرة موريس في مطبوعات وتدير حملات ترويج لعطلات في اماكن مجهولة مثل فاغوا وفيدجي. ويشير مديروها الى المهاجرين باعتبارهم «أبطالا». وحاولت ذات مرة اسقاط عضو كونغرس بسبب حملته لفرض قوانين هجرة اكثر تشددا. وقالت كريستينا غولد المديرة التنفيذية لويسترن يونيون «الهجرة العالمية هي حجر الزاوية لنمونا». ويوجد للشركة عدد مواقع اكبر خمس مرات من ماكدونالد وستاربكس وبرغر كينغ وول مارت معا. وهي لا تلفت نظر الرأي العام ونادرا ما تتعرض للدراسة، الا انها تمثل البنية التحتية للهجرة العالمية، وهي قوة تعيد تشكيل الاقتصادات والسياسات والثقافات عبر العالم. وفي العام الماضي بعث المهاجرون من الدول الفقيرة الى بلادهم 300 مليار دولار، وهو ما يزيد ثلاث مرات على المساعدات الخارجية العالمية. وسيطرة ويسترن يونيون على هذا القطاع منحتها العديد من الادوار الجديد: قوة في اقتصاديات التنمية، ولاعب في المناقشات المتعلقة بالهجرة الاميركية وهدف لهجمات كثيرة. ويمنح قدرتها على الوصول لأي مكان ملايين من المهاجرين وسيلة امنة لتحويل الاموال. ولكن النقاد يشتكون دائما من رسومها، التي يمكن ان تصل من 4 في المائة حتى عشرين في المائة. وقدرة الشركة على الترويج للقوانين المؤيدة للمهاجرين ادت الى اثارة ضيق للعديد من الاشخاص الذين قالوا انها تحقق ربحا بل وتروج للهجرة غير المشروعة. وتتابع ويسترن يونيون تحركات المهاجرين متابعة دقيقة لدرجة انها اجرت اتصالات بمهاجرين غير شرعيين فور الافراج عنهم من مراكز الاعتقال. ويقدم عملاؤها في بنما للزبائن مساعدات قانونية لمنع ترحيلهم الى بلادهم. وبعدما نجحت في التوصل الى تسوية بخصوص قضية بأنها تخفي نسبة كبيرة من الرسوم، بدأت ويسرن يونيو قبل سنوات بتحسين صورتها، وتقديم نفسها على أنها صديقة المهاجرين. وانفقت اكثر من مليار دولار على التسويق في السنوات الاربع الماضية، وخفضت اسعار بعض الاسواق ودخلت الحياة السياسية الاميركية وتبرعت لجماعات حقوق المهاجرين ودافعت عن منح المهاجرين غير الشرعيين حقوقا قانونية. ويمكن ملاحظة متابعة ملاحقة ويسترن يونيون للمهاجرين في مكتب حكومي في مانيلا، حيث ينتظر نصف مليون فلبيني سنويا انتهاء معاملاتهم قبل مغادرة البلاد للعمل في الخارج. وكل شيء في الغرفة يحمل شعار ويسترن يونيون: خلفية مقاعد المكتب والمكاتب والكافيتريا. بلا ان الحوائط مرسومة باللون الاصفر وهو لون الشركة. وتتطلب الفلبين من كل مهاجر حضور ندوة قبل المغادرة. وتمول ويسترن يونيون مصاريف تدريب المهاجرين على كيفية ارسال الاموال. ويرفض ارنالد فينسنت مندوزا، وهو مشرف على مطعم في السعودية، مناقشات زوجته بأن رسوم الشركة العالية تضر بالفقراء. فبالرغم من ان المصارف ارخص، فإن عملية التحويل قد تستغرق اسبوعا قبل وصولها، كما ذكر، بينما ترسل ويسترن يونيون المبلغ مباشرة. شركة تلغراف عملاقة سعى مؤسسو ويسترن يونيون في عام 1851 على بناء اول شركة تلغراف عملاقة. وبعدها بعشر سنوات، تمكنوا من ربط الساحلين الشرقي والغربي، وهو امر يحتفى به في الروايات وفي فيلم سينمائي بعنوان «ويسترن يونيون». ومع انتشار الفاكس والبريد الجوي أفلست الشركة عام 1992. وبعدها بعامين ظهرت الشركة مرة اخرى للتركيز على تحويل المال واشترتها في عام 1995 شركة فيرست داتا. وازدهرت بعد ذلك. فمع تزايد الهجرة اصبحت عمليات تحويل العملة الدولية تنمو بنسبة 20 في المائة سنويا. وأشارت مذكرة داخلية الى ان ويسترن يونيون تهتم بالجانب المالي وطالبت بتحسين الصورة. والهدف كما اشارت خطة، هو الحصول على نصيب التفكير ونصيب من القلب للحفاظ على نصيب من المحافظة». وبعدما ركزت في الماضي على الكفاءة: اسرع وسيلة لتحويل الاموال. تركز الان على الاخلاص الذي يمثله المال. فواحد من الملصقات يظهر ممرضة فلبينية في لندن مع ابنتها في الفلبين ترتدي ملابس التخرج مشيرة الى الدور الذي تلعبه ويسترن يونيون. وترعى الشركة مئات من المهرجانات العرقية والحفلات والمناسبات الرياضية من مباريات الكريكت للهنود في دبي الى مسابقات اكياس الارز للجامايكيين في كوينز. وفي العام الماضي دفعت الشركة لنجم غناء فلبيني جيم بارديس لكي يسجل اغنية تحث المهاجرين على ارسال اموال للخارج كما دفعت مبلغا من المال لمنتجين سينمائيين هنود في بوليوود لمشهد حول رسالة من ويسترن يونيون ساعدت على انقاذ البطلة. وتتفاخر ويسترن يونيون بوجود 320 الف موقع لها في جميع انحاء العالم. والعديد من العملاء، منظمات كبيرة مثل شبكة البريد الصينية او سلاسل محلات البقالة. (60 في المائة من عملية التحويل الشخصية لويسترن يونيون تتم خارج الولاياتالمتحدة.) الا ان الشركات تتنافس من مبنى لمبنى بحثا عن الشخصيات المحلية التي تحظى بثقة. ومن بين هؤلاء مايكل لي الذي يملك محلا للمنتجات الالكترونية في الحي الصيني في نيويورك. وهو يشارك المبنى مع شركة اخرى. وذكرت له ويسترن يونيون انه من المتوقع ان يحقق عدة مئات من التحويلات سنويا. ويجرى الان في محله مائة الف تحويلة سنويا، ولي الذي يحصل على عمولة تصل الى 2.5 دولار على كل تحويلة متحمس لدرجة انه اقنع صاحب المبنى بدهن العمارة باللون الاصفر وقد ساهمت الشركة بمبلغ 16 الف دولار في ذلك. والعديد من عملائه من المهاجرين غير الشرعيين. وقال لي، وقد كان نفسه مهاجرا غير شرعي، ان نشاطه انخفض بنسبة 40 في المائة في الربيع الماضي بعد سلسلة من الحملات ضد المهاجرين غير الشرعيين». ويبين استطلاع اجراه في العام الماضي مصرف التنمية لأميركا ان المهاجرين غير الشرعيين يمثلون 41 في المائة من الاميركيين في اميركا اللاتينية في الولاياتالمتحدة الذين يستخدمون شركات التحويل. وقالت ويسترن يونيون انها لا تعرف نسبة المهاجرين غير الشرعيين في عملائها، ولكن في بعض الاوقات اتصلت بهم مباشرة. المهاجرون والسياسة وجهات نظر ويسترن يونيون حول الهجرة ادت الى نزاع مع توم تانكريدو عضو مجلس النواب الاميركي عن الحزب الجمهوري الذي يمثل ضاحية دنفر حيث يوجد مقر الشركة، فقبل ثلاث سنوات عندما كان من كبار منتقدي الهجرة غير الشرعية، اقترح فرض ضريبة على الاموال التي يبعث بها المهاجرون، وشكلت شركة «فيرست داتا» التي اشترت ويسرن يونيون لجنة سياسية لطرده من الكونغرس. وعندما فاز مرة اخرى هاجم ويسترن يونيون لترويجها دليلا بالاسبانية قال انه يروج للمهاجرين غير الشرعيين. وقال تانكريدو المرشح للرئاسة، ان نشاطات الشركة تحتل «منطقة رمادية بين التسويق المتحمس وبين مساعدة المهاجرين غير الشرعيين». وترعى الشركة ندوات علنية للترويج لفكرة تصحيح اوضاع المهاجرين غير الشرعيين وتبرعت بمبلغ مائة الف دولار لجماعة وقفت بطريقة غير ناجحة ضد ما يعرف بالاقتراح رقم 200 في اريزونا، الذي يتطلب اثباتات حق المواطنة للناس الذين يسعون الى التصويت او الحصول على مخصصات الضمان الجماعي. وواحد من نقاد الشركة الذي امتدح الشركة الان هو دونالد تيري المسؤول في مصرف التنمية لأميركا. فقد قضى سنوات يحاول اقناع مزيد من المهاجرين استخدام المصارف بحيث يمكنهم تحديد التاريخ المصرفي للشخص وحق الحصول على قروض. الا ان المصارف لم ترحب بالمهاجرين، كما قال. بينما ويسترن يونيون وغيرها من شركات تحويل الاموال لديها مواقع وساعات عمل افضل وعملاء يعرفون لغة الزبائن وثقافته. واوضح «يمكنك القول انهم يسرقون الناس، او يمكنك القول انهم يقدمون خدمة للفقراء الذين هم في حاجة ملحة للمال وعلى استعداد للدفع مقابل الحصول عليه. ولكن أي شركة استهلاكية في العالم ترغب في الحصول على ولاء من زبائنها مثل ذلك الذي تتمتع بها ويسترن يونيون».