ليس من المرجح أن تعرقل إيران شحنات النفط عبر مضيق هرمز في الخليج في أي صراع مع الغرب بشأن طموحاتها النووية لكن الخطر يظل قائماً تعززه تصريحاتها النارية. يقول خبراء بحريون وأمنيون إن أي تدخل عسكري في المضيق الاستراتيجي الواقع عند مدخل الخليج قد يضاعف أسعار النفط خلال أيام ويوجه ضربة إلى الاقتصاد العالمي. وأي هجمات على الملاحة التجارية في الممر المائي الدولي الذي تتقاسم إيران سواحله سيعطل صادرات النفط من أكبر منتجي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ويضرب الاقتصادات المنتعشة لدول الخليج. والممر المائي الذي يبلغ عرضه 55 كم عند أضيق نقطة فيه هو معبر 33 %ة من صادرات النفط العالمية المحمولة بحراً بحسب وحدة معلومات الشحن البحري التابعة إلى شركة لويدز اعتماداً على أرقام العام 2006. وتدفق النفط الذي يتأرجح مع انتاج «أوبك» يقترب من 40 % عند ما يشمل منتجات نفطية ويحتسب كنسبة مئوية من تجارة النفط العالمية. وقال خبراء دفاع وتجارة وبحرية اجتمعوا في لندن منذ أيام في مؤتمر للمعهد الملكي للخدمات المتحدة بشأن أمن المضيق إن أية محاولة إعاقة لتدفق النفط عبر الممر ستكون لها ارتدادات في جميع أنحاء العالم. وقال مدير المعهد مايكل كلارك أمام المؤتمر: «مجرد احتمال وجود تهديد بالمضيق له تأثير نفسي كبير... بل ومجرد التلميح بحدوث تقييد يشعل أسعار النفط». ومن شأن إغلاق الممر أمام الملاحة التجارية أو شن هجمات على ناقلات نفط مارة فيه أن يزيد من ارتفاع أسعار النفط التي تتجاوز حاليّاً 90 $اً للبرميل وتقترب من أعلى معدلاتها. ويعتقد خبراء نفط كثيرون أن الأسعار في مثل هذه الحالة يمكن أن تتضاعف بسهولة إلى أن يعاد فتح الممر. وتقول مؤسسة ستاندرد آند بورز لتقييم المخاطر والائتمان إن الاسعار قد تقفز إلى 250$ للبرميل نتيجة أي إغلاق. لكن محللين يقولون إن احتمال أن تحاول إيران إغلاق الممر ضعيف. وحتى الجيش الأميركي يقول إن فرصة حدوث ذلك ضئيلة. وقال الخبير في الحدود الدولية في كلية كينجز في لندن ريتشارد شوفيلد: «إيران هي أكثر دولة تعتمد على الممر لتصدير منتجاتها من الهيدروكربونات، لذلك فإن المنطق يغيب بشكل صارخ في هذا الصدد». وهددت إيران صراحة بإغلاق الممر من قبل خلال الحرب العراقية الايرانية من 1980 إلى 1988 عندما بدأ الغرب وخصوصاً الولاياتالمتحدة في مساندة العراق. ويقول خبراء إنه خلال الحرب هاجم كل من العراق وإيران الملاحة التجارية في الخليج بما في ذلك سفن تابعة إلى دول محايدة. ويقول خبراء إن الحرب التي كنيت «بحرب الناقلات» تعيد إلى الأذهان ما يمكن أن يحدث. مارك هانكي من وحدة معلومات لويدز، قال: «هوجمت أكثر من 500 سفينة وقتل أكثر من 400 مدني وانخفضت الصادرات الايرانية بنسبة 50 %». وتأثير أي نزاع عسكري في الممر أو قريباً منه على اقتصادات الخليج سيكون كارثيا بينما ستكون إمدادات النفط إلى اليابان وكوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة الأكثر تضرراً. وطبقاً لوحدة معلومات لويدز فإن الاغلاق سيضر بما يقرب من 88 % من صادرات النفط الخام السعودية المحمولة بحراً وكل الامدادات القادمة من الامارات العربية المتحدة والكويت وقطر وكل الصادرات العراقية تقريباً و90 % من شحنات النفط الايرانية. وستكون اليابان التي تحصل على 26 % من النفط الخام عن طريق الممر هي الأكثر تضررا بحسب وحدة معلومات لويدز إذ تغطي الشحنات 85 %من احتياجاتها النفطية. وأكد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد علانية أن إيران لن تستخدم النفط سلاحاً إذا هوجمت من جانب الولاياتالمتحدة في ضربة استباقية بسبب برنامجها النووي. لكن محللين يقولون إن التصريحات الايرانية غالباً مَّا تكون متناقضة مطلقين أجراس الانذار في واشنطن ومثيرين توتر دول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها المنتعشة على التجارة عبر المضيق. يقول مدير الأمن ومكافحة الإرهاب في مركز أبحاث الخليج، ومقره دبي، مصطفى العاني إن فيالق الحرس الثوري الايراني ومسئولين عسكريين أشاروا أكثر من 20 مرة إلى إغلاق الممر الاستراتيجي إذا هوجمت إيران. وفي أواخر أكتوبرقال قائد بحري إيراني كبير إن «طالبي الشهادة» من ميليشيا الباسيج يمكن أن يستهدفوا شحنات نفط في الممر وفي مياه الخليح الأوسع. وتعهدت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية ومقرها البحرين بإبقاء الممر المائي مفتوحاً مهما يكن الثمن. وهي تسير مجموعات ضاربة من حاملات الطائرات من وإلى الخليج وتجري تدريبات على أعتاب إيران. وفي ديسمبر وصف قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية نائب الأميرال كيفين كوزغريف إشارات إيران بشأن الخليج غير مسئولة ومرعبة. وقال: «أستقيظ من نومي وأنا أفكر في إيران وأذهب إلى النوم وأنا أفكر في إيران».