في مقابلة مع صحيفة ديرشبيجل الالمانية ، تحدث "يوفال ديسكين Yuval Diskin " المدير السابق لجهاز الامن الداخلي "الشين بيت" فى إسرائيل ، حول الصراع الحالي فى غزة ، وما يجب القيام به لتحقيق السلام بين الفلسطينين و الاسرائيليين ، لكنه تحفظ على امكانية حدوث هذا نظرا لعدم وجود قيادة بارزة فى اسرائيل و فلسطين يمكنها ان تخطو هذه الخطوة الجريئة و تدفع الثمن المطلوب . و خلال الحوار اعترف رئيس "الشين بيت" السابق ، بان حادث مقنل المراهقين الاسرائيليين الثلاثة لا يبدو من تدبير حماس و ان نتانياهو و حكومته اخطأوا فى التعامل مع هذه الازمة .. و ننقل عبر هذه السطور ماورد بالتفصيل فى المقابلة الصحفية : دير شبيجل: سيد ديسكين، بعد 10 أيام من الضربات الجوية، شن الجيش الاسرائيلي غزوا بريا داخل قطاع غزة الاسبوع الماضي.. لماذا الآن؟ وما هو الهدف من العملية ؟ يوفال ديسكين : ان اسرائيل ليس لديها أي خيار آخر سوى زيادة الضغط، وهو ما يفسر نشر قوات برية. وقد فشلت كل محاولات التفاوض حتى الآن. الجيش يحاول الآن تدمير الأنفاق بين اسرائيل وقطاع غزة عبر نوع مصغر من الغزو البرى ، كذلك فان الغزو يُمكن الحكومة من اظهار انها فاعلة امام ناخبيها الذين طالبوا على نحو متزايد بضرورة تنفيذ الغزو. ويأمل الجيش ان يؤدى الغزو لإجبار حماس إلى وقف إطلاق النار والمواقف العدوانية. ونحن لا نعمل في المناطق السكنية؛ نحن فقط ندمير مداخل النفق. ولكن هذا بالطبع لن يغير كثيرا من الوضع الكارثى ، حيث تقوم حماس بتخزين الصواريخ في المناطق السكنية واطلاق النار من هناك . دير شبيجل: أنت تقول أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تعرضت لضغوط للقيام بهذه العملية العسكرية ؟!! يوفال ديسكين : نعم .. والخبر السار بالنسبة لإسرائيل ، هو حقيقة أن نتنياهو، ووزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس أركان الجيش بيني غانتز ليسوا مغامرين ، و لا أحد منهم يريد حقا و لا اى منهم متحمسا لاعادة احتلال قطاع غزة. إسرائيل لم تخطط هذه العملية على الإطلاق. لقد تم جر إسرائيل الى هذه الأزمة ونأمل فقط أن لا تتجاوز هذا الغزو المحدود، ونحن لن نريد ان نضطر للتوسع الى المناطق المأهولة بالسكان . دير شبيجل: ماذا يحدث بعد ذلك ؟ يوفال ديسكين : إسرائيل هي الآن أداة في يد حماس وليس العكس. حماس لا يهمها إذا كان سكانها يعانون تحت الهجمات أم لا، وذلك لأن السكان يعانون على أي حال. حماس لا نكترث بخسائرها ايضا . انهم يريدون تحقيق شيء من شأنه أن يغير الوضع في غزة. وهذا هو وضع معقد حقا لإسرائيل. وسوف يستغرق منها الامرمابين سنة و سنتين للسيطرة على قطاع غزة والتخلص من الأنفاق ومستودعات ومخابئ الأسلحة والذخيرة خطوة بخطوة. و هذا يستغرق وقتا طويلا، ولكن من وجهة النظر العسكرية، هذا ممكن ، ولكن بعد ذلك سيكون لدينا 2 مليون شخص، معظمهم من اللاجئين، تحت سيطرتنا وسنواجه انتقادات من المجتمع الدولي دير شبيجل: ما مدى قوة حماس؟ و الى متى يمكن أن تستمر لاطلاق صواريخ ؟ يوفال ديسكين : للاسف، أننا فشلنا في الماضي فى توجيه ضربة موهنة ضد حماس. خلال عملية" الرصاص المصبوب" بقيادة الولاياتالمتحدة، في شتاء 2008-2009، كنا قريبين من تحقيق هذا في الأيام الأخيرة من العملية، وكانت حماس قريبة جدا من الانهيار؛ و كثيرون منهم اضطر لحلق لحاهم . الآن، لقد تغير الوضع لصالح الإسلاميين ،فقد عمقوا الأنفاق؛ و اصبحت أكثر تعقيدا وتمتد لعشرات من الكيلومترات الطويلة و نجحوا في إخفاء الصواريخ والاماكن التى يطلقون منها هذه الصواريخ.. و اصبح لديهم القدرة تقريبا لاطلاق الصواريخ فى أي وقت يريدون، وكما ترون . دير شبيجل: اليست إسرائيل هى بالاساس من قادت الفلسطينيين إلى أحضان حماس ؟ يوفال ديسكين :نعم يبدو الامر بهذه الطريقة، فالشعب الفلسطينى في قطاع غزة ليس لديه شيئا ليخسره الآن، تماما مثل حماس.. وهذه هي المشكلة ، فحينما كان محمد مرسي وهو من الإخوان المسلمين في السلطة في مصر، كانت الأمور تسير بشكل رائع لحماس، ولكن بعد ذلك تولى الجيش المصري السلطة وخلال بضعة أيام، دمر النظام الجديد اقتصاد الأنفاق بين غزة وشبه جزيرة سيناء، التي كانت حاسمة بالنسبة لحماس.. ومنذ ذلك الحين، حماس تحت ضغط هائل؛ فإنها لا يمكنها حتى دفع رواتب موظفيها العموميين . دير شبيجل: لقد فشلت جميع محاولات الوساطة. . ما الذي يمكن أن يوقف هذه الحرب ؟ يوفال ديسكين :رأينا مع ماحدث مع احدث محاولة من مصر لوقف إطلاق النار ، و هذا لأن مصر التي هي الوسيط الطبيعي في قطاع غزة، ليست هي نفسها مصر كما كانت من قبل.. بل على العكس من ذلك، فإن المصريين يستخدمون أهميتهم كوسيط مفاوض لإذلال حماس.. لذا فانه اصبح لا يمكن الان ان نقول لحماس : "اولا، عليكم وقف كل شىء كاملا ، ثم سنتحدث بعد 48 ساعة أخرى" . دير شبيجل: وماذا عن محاولة اسرائيل التحدث مباشرة مع حماس ؟! يوفال ديسكين :حقا ان هذا لن يكون ممكنا، فقط المصريون هم من يمكنهم التوسط بمصداقية، لكن سيستلزم لهم ان يكون لديهم عرضا أكثر سخاء ليقدموه على الطاولة: كافتتاح المعبر الحدودي من رفح إلى مصر، على سبيل المثال. ويجب على إسرائيل أن تقدم تنازلات وان تسمح بمزيد من حرية الحركة. دير شبيجل: هل لهذه الأسباب أثارت حماس التصعيد الحالي ؟ يوفال ديسكين : ان حماس كانت لا تريد هذه الحرب ايضا في البداية. ولكن كما هي الأمور في الشرق الأوسط في كثير من الأحيان، حدثت الامور بشكل مختلف و بدات الاحداث مع خطف ثلاثة مراهقين إسرائيليين في الضفة الغربية. و مما قرأت وعما أعرفه عن كيفية عمل حماس، أعتقد أن المكتب السياسي لحماس اُخذ على حين غرة. ويبدو ان هذا الحادث كما لو كان غير منسقا أو تم عبر ادارة المكتب السياسى. دير شبيجل: ورغم ذلك ادعى نتنياهو ان حماس هى من تقف وراء هذا الاختطاف و القتل ، ،واستخدامه كمبرر لتدابير قاسية ضد حماس في الضفة الغربية، والتدابير التي استهدفت أيضا الحكومة المشتركة لحماس وفتح !!! ديسكين: بعد اختطاف المراهقين، فهمت حماس على الفور ان لديها مشكلة ، فى الوقت الذى وسع فيه الجيش الاسرائيلى عملياته في الضفة الغربية ، و الراديكالين في قطاع غزة ردوا بإطلاق الصواريخ على إسرائيل ، فقام سلاح الجو بشن غارات على قطاع غزة. وحماس لم تحاول وقف إطلاق الصواريخ كما كان الحال في الماضي. . ثم زادت الطين بلة بعد ذلك مع خطف وقتل صبي فلسطيني في القدس وهذا أعطاهم المزيد من الشرعية لمهاجمة إسرائيل . دير شبيجل: كيف كان ينبغي أن يكون رد فعل الحكومة بدلا مما حدث؟ يوفال ديسكين :كان خطأ من جانب نتنياهو مهاجمة وحدة الحكومة بين حماس وفتح بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكان يجب على إسرائيل ان تكون أكثر تطورا في الطريقة التي تظهر بها رد فعلها . وكان يجب تاييد الفلسطينيين لأننا نريد أن نصنع السلام مع الجميع، وليس فقط مع الثلثين أو نصف الفلسطينيين. وسيكون توقيع اتفاق مع حكومة الوحدة أكثر تطورا من الادعاء بالقول ان الرئيس محمود عباس إرهابي. ولكن ايضا كان يجب على حكومة الوحدة أن نقبل كل شروط اللجنة الرباعية للشرق الأوسط ، و الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والاعتراف بكل الاتفاقات السابقة بين اسرائيل والفلسطينيين. دير شبيجل: ماذا عن احتمال حدوث انتفاضة ثالثة وقد ذكر هذا مرارا وتكرارا في الأيام الأخيرة، نتيجة تصاعد أعمال العنف الجارية في قطاع غزة ؟! ديسكين. : لا أحد يستطيع التنبؤ بانلاع انتفاضة لأنها ليست شيئا مخططا . ولكن أود أن احذر من الاعتقاد بأن الفلسطينيين سلميين نتيجه ارهاق الاحتلال لهم ، فهم لن يقبلوا أبدا الوضع الراهن للاحتلال الإسرائيلي. وعندما يفقد الناس الأمل في تحسين وضعهم، سيظهر التطرف وهذه هي طبيعة البشر. و قطاع غزة هو أفضل مثال على ذلك ، كل الظروف هناك تؤدى للانفجار. دير شبيجل: منذ وقت ليس ببعيد، فشلت المفاوضات الأخيرة - لماذا مرة أخرى؟ ديسكين: نعم، وانه ليس من عجب فى هذا ،فلدينا مشكلة اليوم لم تكن لدينا في عام 1993 عندما تم التفاوض على اتفاق أوسلو الأول.. في ذلك الوقت كان لدينا قادة حقيقيين، لكن الان لا يوجد ، وكان اسحق رابين واحد منهم ، فقد كان يعلم أنه سيدفع ثمن، لكنه قرر المضي قدما في المفاوضات مع الفلسطينيين. كان لدينا أيضا في الجانب الفلسطيني ياسر عرفات و هو قائد رائد .. وسيكون من الصعب جدا اقامة السلام مع عباس، ولكن ليس لأنه لا يريد ذلك . دير شبيجل: لماذا ديسكين: ان عباس الذي أعرفه جيدا، ليس زعيما حقيقيا، وليس هو من يمكنه ان يحقق السلام