يشهد الدينار التونسى انخفاض كبيرا فى قيمته امام عملتى الدولار الامريكية و اليورو الاوربيةمنذ بداية شهر يوليو الجارى و ، و قد وصلت قيمة الدينار مستويات غير مسبوقة مسجلا هبوطا بلغ 12.3 % امام الدولار في سابقة تاريخية خطيرة تكشف حجم الصعوبات والمشاكل التي يتخبط فيها الاقتصاد الوطني التونسى. وقد بلغت قيمة الدولار الأمريكي الخميس ما يعادل 1.7204 دينارا تونسيا فيما صعد اليورو الواحد إلى 2.3174 بالعملة التونسية ، و ابرز ما تدل عليه هذه الارقام ان الاقتصاد التونسى فى مازق شديد .. و تعد حالة الاحتضار التى يشهدها القطاع السياحي وانهيار ارقام وعائدات صناعة السياحة من الأسباب الرئيسية لهذا التراجع الاقتصادى، فضلا عن تدني أرقام التحويلات المالية للجالية التونسية المقيمة في الخارج ، وعدم تطور الصادرات و ضعف قيمتها ، وهو ما خلق ضغطا على ميزان المدفوعات وهو ما أدى في المحصلة النهائية إلى انهيار قيمة الدينار بتلك الصرة. ومن الصورة الكبرى للاقتصاد التونسى ، نجده انه يعانى بشده نتيجه لتراكم مشاكل اكثر من 3 سنوات من الثورة ، والتي تتجلى خصوصا في اختلال التوازنات المالية للدولة حيث من المتوقع ان يصل عجز الميزانية إلى 10% بينما تسعى الحكومة التونسية الى تخفيض هذا العجز الى 6% ، فى الوقت الذى وصال فيه عجز الميزان التجاري الى نحو 1200 مليار دينار شهريا . وقد حذّر الكثير من الخبراء من أنّ هذا التراجع في قيمة العملة التونسية مقابل الدولار واليورو ، سيكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الوطني بالنظر إلى أنّه سيولد تأثيرات تضخمية خاصة مع ارتفاع فاتورة الواردات و قيمتها التي تدفع بالعملة الصعبة ، كذلك سيكون له اكبر الاثر على تضخم فاتورة الديون وتصاعد قيمة فوائد خدمة الدين . و مع تضخم الاسعار سيتقل الانتاجية ، فالتضخم يقلل القدرة الشرائية و سيكون له تاثير على التنافسية بين المؤسسات التونسية التي تقوم بتوريد تجهيزات ومواد أولية بالدينار ممّا سيؤدى حسب التوقعات لتراجع الانتاج والانتاجية و بالتالى معدلات التصدير إلى الخارج الجالب للعملة الصعبة. هذا وقد قامت الحكومة التونسية بخفض ميزانية الدولة للسنة المالية الحالية من خلال مشروع قانون تكميلي متوقع أن يتم التصديق عليها في الأسابيع القادمة من قبل الجمعية التأسيسية التونسية ، حيث تم خفض الموازنة بنحو 350 مليون دينار تونسي (319 مليون دولار)، ليصبح اجمالى الموازنة نحو 27.775 مليار دينار (17.259 مليار دولار ) بدلا من 28.125 مليار دينار (17.578 مليار دولار) يأتي هذا في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة التونسية السيطرة على الإنفاق العام في محاولة لخفض عجز الميزانية المتوقع أن يصل إلى نحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام، و تامل الحكومة أيضا في استخدام أموال إضافية لخلق المزيد من فرص العمل وخفض مستويات البطالة في البلاد من 15.9 في المئة المسجلة في 2013 الى 15.2 في المئة بحلول نهاية العام. و في يونيو الماضى أعلنت الحكومة عن خطط لرفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 6 في المئة في محاولة لمنع اندلاع الاضطرابات العامة التي أعقبت محاولات سابقة لخفض الإنفاق العام، عندما رفعت الحكومة أسعار الوقود في عام 2013. . . و هو امر سيتكرر ايضا هذا العام حيث من المقرر ان يضم مشروع الموازنة مزيدا من خفض الدعم على الوقود ، حيث من المقرر ان يتم رفع أسعار البنزين الخالي من الرصاص بنسبة 6.3 في المئة، من 1.57 دينار (0.93 دولار) للتر الواحد إلى 1.67 دينار (0.99 دولار). بينما تريد رفع سعر الديزل الى 1.25 دينار (0.74 دولار) للتر الواحد من 1.17 دينار (0.69 دولار)، في حين سترتفع أسعار وقود الديزل منخفض الكبريت لتصل إلى 1.50 دينار (0.89 دولار) من 1.40 دينار (0.83 دولار) . و يقول حسين عباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) أن خفض الدعم "يتعارض مع التزامات ومبادئ الحوار الاقتصادي، الأمر الذي يتطلب التوافق والتنسيق، وليس اتخاذ قرارات من جانب واحد" وقال عباسي ان القرار سيكون له تأثير على تكلفة المنتجات الزراعية والصيد، فضلا عن النقل بشكل عام، وحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن أي عواقب سلبية ناجمة عن هذا القرار ، خاصة بالنسبة لوقود الديزل الذى يزيد الطلب عليه بين المزارعين وأصحاب قوارب الصيد في تونس، وكذلك قطاع النقل العام. وفي الوقت نفسه، قال محافظ البنك المركزي التونسي" الشاذلي العياري" انه يتوقع ان الاقتصاد التونسي سينمو بنسبة 2.8 في المئة بحلول نهاية العام، و هو معدل منخفض بالنسبة لتوقعات سابقة كانت ترى ان النمو سيكون فى حدود 4 في المئة. وقال العياري انه كان متوفعا تحقيق نسبة تصل إلى 3 في المئة اذا ما استفاق و نشط قطاع السياحة المهم في البلاد كذلك نشطت صادرات الفوسفات ، و هما اثنين من أهم مصادرالدخل للعملة الصعبة فى تونس، ومع ذلك، لا يمكن ضمان هذا نتيجه " ارتباط الاقتصاد التونسي بالأسواق الدولية واعتماد التصدير على فتح الأسواق الدولية". كان البنك الدولي قد نشر فى يونيو الماضى توقعاته للنمو في دول شمال أفريقيا للفترة بين 2014-2016 و توقع ان يحقق الاقتصاد التونسى نموا يصل إلى 2.7 في المئة بدلا من نسبه 2.5 في المئة وفقا لتوقعات البنك في يناير الماضى .