اليوم.. تشريعية الشيوخ تستكمل مناقشة تطبيق القانون المدني على عقود الإيجار    مصر لديها أكبر عدد للواعظات فى العالم بواقع 691 واعظة .. الوعظ النسائى قصص وحكايات ترويها واعظات الأوقاف    تداول أسئلة امتحانات النقل بالجيزة على جروبات الغش.. والتعليم تحقق    أسعار الأسماك اليوم في سوق المنيب.. البوري ب85 جنيها    مدبولي: تمكنا من تعديل القانون الخاص بالأموال النقدية    وزير الإسكان العماني يتفقد مشروعات العلمين الجديدة بصحبة الجزار (صور)    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 12-5-2024 في محافظة قنا    المالية: تبكير مواعيد صرف مرتبات يونيه للعاملين بالدولة    وزير الإسكان: 15.8 ألف حجز مبدئى لوحدات المرحلة العاشرة من «بيت الوطن»    المزايدة على مصر هدفها تقويض المشروع الوطنى.. المفاوض المصرى يعمل لصالح الشعب الفلسطينى.. ويهدف لاستقرار المنطقة    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    الطريق الثالث.. استدعاء (الضرورة) للأستاذ من رفوف الكتب إلى ساحة الحرب فى غزة (1) هيكل: لا سياسة بلا خريطة.. ولا سلام بالتهافت    ينشرن الرعب فى أوساط القوات الروسية القناصات الأوكرانيات.. الأكثر فتكًا فى التاريخ!    فيضانات البرازيل تسبب دمارا وخسائر في الأرواح.. نزوح 340 ألف شخص (فيديو)    الثقافة المرفوضة    حارس باريس سان جيرمان يعلن الرحيل رسميًا    مدحت عبد الهادي ينصح مدرب الزمالك بهذا التشكيل أمام نهضة بركان    حالة الطقس اليوم الأحد 12-5-2024 في محافظة قنا    جدول مواعيد القطار الأسرع في مصر والقطارات المكيفة على خط «القاهرة - أسوان»    سلطان طائفة البهرة: أقدر مساعي أجهزة الدولة المصرية لإنارة بيوت الله    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 12 مايو 2024: مشاكل ل«الثور» ومكاسب مالية ل«الحوت»    بعد نجاحه الفنى والجماهيرى فى أول أيام عرضه: السرب.. ملحمة نحتاج منها المزيد    الاحتلال يحاصر النازحين بمراكز الإيواء التابعة للأونروا فى مخيم جباليا    فيلم Kingdom of the Planet of the Apes يتجاوز 22 مليون دولار في أول أيام عرضه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 12-5-2024    خريطة دينية للارتقاء بحياة المواطن التربية على حب الغير أول مبادئ إعداد الأسرة اجتماعيا "2"    توقيع بروتوكول تعاون بين محافظة القليوبية وجامعة بنها    «المالية»: تبكير مواعيد مرتبات صرف يونيه للعاملين بالدولة بمناسبة إغلاق السنة المالية وعيد الأضحى    السيطرة على حريق نشب فى عشش بمنطقة البساتين    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    حبس نجار مسلح وترزي 3 سنوات بطوخ بتهمة سرقة كابلات الكهرباء    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    ترتيب الدوري السعودي الإلكتروني للعبة ببجي موبايل    اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    السيسي: آل البيت وجدوا الأمن والأمان في مصر    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    الأونروا: نزوح قرابة 300 ألف شخص من رفح خلال أسبوع    المجلس الاقتصادى والاجتماعى يواصل التحضير للقمة العربية بالانعقاد اليوم على المستوى الوزارى.. خطة الاستجابة الطارئة للعدوان على غزة تحظى بزخم كبير.. ومندوب فلسطين يكشف تفاصيلها.. واهتمام بالغ بالتحول الرقمى    مصرع ربة منزل وابنتها في حادث انقلاب موتوسيكل داخل ترعة بأطفيح    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    مصرع شاب في حادث تصادم بطريق شبرا بنها – الحر في القليوبية    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    أخبار مصر: رد إسلام بحيري على محمد حسان وعلاء مبارك، نجاة فتاة بأعجوبة من حريق بالأميرية، قصة موقع يطارد مصرية بسبب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 12 مايو    مش هروحه تاني، باسم سمرة يروي قصة طريفة حدثت له بمهرجان شهير بالسويد (فيديو)    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمّار علي حسن: حكايات من صمود الفلسطينيين
نشر في أخبار مصر يوم 11 - 07 - 2014

مع العدوان الإسرائيلي الجديد على الشعب الفلسطيني، المحتلة أرضه والمهضوم حقه، نستعيد ذكرى انتفاضاته العظيمة في 1936 و1987 "انتفاضة الحجارة" و2000 "انتفاضة الأقصى"، وبينها أشكال عديدة من المقاومة بالكلمة والحجر والرصاصة وصولاً إلى الصواريخ.
ولكنني طالما أستعيد قصة تلك المرأة التي حكى عنها إميل حبيبي في روايته الرائعة "سداسية الأيام الستة" التي أطلق عليها لقب "أم الروبابيكيا". فهذه السيدة لم تنزح مع الذين تركوا دورهم بعد حرب 1948، ومن بينهم زوجها وأولادها، وبقيت مع والدتها القعيدة، وبعد أن كانت في نظر الجميع "ملكة الوادي المتوجة" أصبحت "أم الروبابيكيا" لأنها تاجرت في الأثاث الذي نهبه الإسرائيليون من بيوت الفلسطينيين، فتبرأ منها زوجها، وراح من يعرفونها يصفونها بأنها "عريقة في النهب"، ونسى الجميع أنها طالما وقفت إلى جانب المعتقلين في محنتهم.
وغاب عن البعض أن ما تفعله هذه المرأة يحمل جانباً إيجابياً لا يمكن إنكاره، يتمثل في الحفاظ على جزء من الذاكرة الشعبية والهوية الفلسطينية، وهو ما يوضحه الراوي حين يقول: احتفظت بذكريات الوطن التي كانت تطلق عليها اسم "النوزي"، وتفسر "أم الروبابيكيا" نفسها معنى هذا بقولها: "لدي خرقات من أنوار الصبا، رسائل الحب الأول، لدي قصائد خبأها فتيان بين أوراق كتب مدرسية، لدي أساور وأقراط وغويشات.. لدي يوميات بخطوط دقيقة حيية وبخطوط عريضة واثقة".
وهذه الأشياء والأوراق يتعدى وجودها وفائدتها مسألة أنها سلع، تباع وتشترى، إلى كونها تاريخاً جمعياً، أو نسيجاً متشابكاً من ذكريات لأشخاص عديدين، يرتبطون نفسياً بأشيائهم القديمة، ويعتبرونها جزءاً من هويتهم الوطنية.
كما أستعيد أحداث رواية غسان كنفاني، وهي رواية واقعية، كما يؤكد مؤلفها، تقدم صورة مشرفة لكفاح المرأة الفلسطينية البسيطة التي تذود عن وطنها بكل نفيس وغالٍ وتلد للأرض رجالاً يقبضون على حقوقهم ويستعدون للموت في سبيل نيلها. وفي تقديمه لروايته يقول كنفاني في وصف تلك المرأة: "أم سعد امرأة حقيقية أعرفها جيداً، وما زلت أراها دائماً، وأحادثها، وأتعلم منها، وتربطني بها قرابة.. لقد علمتني "أم سعد" كثيراً وأكاد أقول كل حرف جاء في هذه السطور التالية إنما هو مقتنص من بين شفتيها، اللتين ظلتا فلسطينيتين رغم كل شيء، ومن كفيها الصلبتين، اللتين ظلتا، رغم كل شيء، تنتظران السلاح عشرين سنة".
ويرسم الراوي ملامح شخصية أم سعد قائلاً: "سيدة في الأربعين، كما يبدو لي، قوية كما لا يستطيع الصخر، صبورة كما لا يطيق الصبر تعيش عمرها عشر مرات في التعب والعمل كي تنتزع لقمتها النظيفة، ولقم أولادها".
و"أم سعد" امرأة فلسطينية صامدة، تعود إلى بلدتها بعد هزيمة يونيو، لتشجع ابنها على الالتحاق بالفدائيين، ولا يروق لها أن تظل جالسة في المخيم، تأكل وتشرب، ولا تفعل شيئاً من أجل فلسطين. وهذه الرواية واحدة من ثلاث روايات لكنفاني، الأولى هي "رجال في الشمس" والثانية هي "ما تبقى لكم" تشكل مجتمعة موقفه من القضية الفلسطينية، وتكشف عن مكنون حبه للوطن الذي ينتمي إليه، والذي حمل معنى الحب له حتى الموت في سبيله.
ولكن "أم سعد" إلى جانب ذلك تنصر للمرأة الفلسطينية التي تقف إلى جانب الرجل في كفاح الجميع ضد الاحتلال، وفي حلمهم بانتزاع الوطن المغتصب، وترجمة هذا الحلم إلى واقع حقيقي، من خلال أكثر من طريق للمقاومة، والتمسك بالهوية، والوقوف خلف من يفتدون بلادهم بأرواحهم.
ومن جوانب صمود "أم سعد" أنها كانت تعتبر أن الحبس لا يعني بالضرورة وجود قضبان وأسوار، وإنما يكفي أن يشعر الإنسان بأنه ليس حراً، أو أن وطنه مغتصب، ولذا فإن معيشة الفلسطيني في المخيم، "الذي أصبح سيد الموقف مع تعاظم الثورة الفلسطينية، وقلبها للأبنية الاجتماعية"، هي نوع من الحبس، خاصة إذا تقاعس من يقطنون المخيم عن نصرة بلادهم، أو نسوا قضيتهم في اللهاث وراء تفاصيل معاناتهم اليومية. وها هي "أم سعد"، التي وقع ابنها الفدائي في يد قوات الاحتلال الإسرائيلي فأودعته السجن، تقول في سياق حديثها مع الراوي: "أتحسب أننا لا نعيش في الحبس، ماذا نفعل في المخيم غير التمشي داخل ذلك الحبس العجيب؟ الحبوس أنواع يا ابن العم! أنواع! المخيم حبس، وبيتك حبس، والجريدة حبس، والراديو حبس، والباص والشارع وعيون الناس.. أعمارنا حبس.. تتكلم أنت على الحبوس، طول عمرك محبوس.. أنت توهم نفسك يا ابن العم بأن قضبان الحبس الذي تعيش فيه مزهريات؟ حبس، حبس، حبس، .. أنت نفسك حبس، فلماذا تعتقدون أن سعد هو المحبوس". ويعنى ذلك أن أم سعد تؤمن بأن المناضل من أجل تحرير بلاده حر حتى لو كان يقبع في غياهب السجن.
لا تكف نساء فلسطين عن المقاومة بكلماتهن وسواعدهن، فما بالنا برجالها الذين كان القائد التاريخي الكبير ياسر عرفات يصفهم بأنهم "شعب الجبارين".
نقلا عن جريدة الإتحاد الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.