التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء عددا من المسؤولين العمانيين في مسقط خلال زيارة تستمر يومين إلى سلطنة عمان التي تعتبر الأقرب إلى طهران من بين دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة لتحسين العلاقات مع الجيران الخليجيين على ان تشمل المحادثات ملفات سياسية واقتصادية بما في ذلك في قطاع الغاز. وروحاني هو ثاني رئيس للجمهورية الإسلامية يزور عمان بعد زيارة محمود أحمدي نجاد في 2007، وقد وصل إلى المطار السلطاني الخاص حيث استقبله نائب رئيس مجلس الوزراء فهد بن محمود ال سعيد، ووزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بحسبما أفادت وكالة الأنباء العمانية. وتوجه روحاني إلى قصر العلم حيث التقى السلطان قابوس الذي سبق ان زار طهران في "اب" أغسطس الماضي وكان أول رئيس دولة يزور إيران بعد تولي روحاني منصبه. واجرى روحاني والسلطان قابوس لقاء مغلقا اقتصر عليهما فقط، بحسبما أفادت الوكالة الرسمية. وذكرت وكالة الأنباء العمانية ان هذه الزيارة "تأتي حرصا من قيادتي البلدين على الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي بينهما إلى ما يحقق المزيد من تطلعات الشعبين العمانيوالإيراني الصديقين ويعود عليهما بالخير والنفع في كافة المجالات". وقالت الوكالة ان الزعيمين ناقشا قضايا تتعلق بالتعاون الثنائي وبناء علاقات جيدة. والتقى روحاني كذلك بمفتي عام سلطنة عمان أحمد الخليلي، ومن المقرر ان يلتقي بعدد من رجال الأعمال الخميس. ويزور روحاني سلطنة عمان في ظل استمرار توتر العلاقات بين إيران الشيعية ودول الخليج السنية خصوصا بسبب الدعم الكبير الذي تقدمه طهران للنظام السوري وتنامي الصراعات الطائفية السنية الشيعية في المنطقة، فيما تدعم معظم دول الخليج المعارضة السورية. لكن علاقة طهران مع مسقط ظلت جيدة عبر العقود الماضية. وعبر روحاني منذ انتخابه في 2013 مرارا عن رغبته في تحسين العلاقة مع دول الخليج لاسيما مع السعودية، ما وضع تحت الضوء الدور الذي يمكن ان تلعبه مسقط في هذا الإطار. وفي مقابلة مع صحيفة عمان، قال وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي انه "لا شك ان السلطنة تقدر هذه الزيارة التي تدلل على عمق وقوة الثقة التي تربط البلدين الجارين اللذين بينهم قناعات مشتركة بأن الأولوية الكبرى هي العمل من أجل تحقيق الاستقرار السلمي في المنطقة الذي يشعر به الجميع بأنه استقرار حقيقي". وقبل مغادرته طهران إلى مسقط، قال روحاني في تصريحات نقلتها الصحافة الإيرانية "ان لهذه الزيارة أهمية كبيرة في التقريب بين إيران والدول الإسلامية، لاسيما مع الدول الجارة لإيران" مؤكدا ان "دول جنوب الخليج الفارسي وبحر عمان لها أهمية كبيرة بسبب مضيق هرمز". وتسيطر إيران وسلطنة عمان على ضفتي هذا المضيق الاستراتيجي الذي تمر عبره نسبة 40% من النفط المنقول بحرا في العالم. وأضاف روحاني "نريد خلال هذه الزيارة ان نبدأ بتطبيق الاتفاقات في المجالات التجارية والاقتصادية، وخصوصا في المجالات النفطية والغازية، وانما أيضا في المجالات المالية والمصرفية والثقافية". وصرح سفير إيران في مسقط علي أكبر سيبويه ان سلطنة عمانوإيران تسعيان إلى توسيع حجم التجارة بينهما والتي بلغت العام الماضي مليار دولار، إضافة إلى الاستثمارات الثنائية التي من المتوقع ان تصل إلى 10 مليارات دولار بنهاية عالم. وصرح وزير النفط العماني محمد بن حمد الرمحي ان الجانبين وقعا "اتفاقا مبدئيا" لبناء خط أنابيب تحت البحر لنقل الغاز من إيران إلى عمان. ولعبت سلطنة عمان منذ سنوات دورا في التواصل والتقريب بين إيران والولايات المتحدة بحكم علاقاتها الجيدة مع الطرفين، بما في ذلك في الملف النووي. وقد أكد الوزير العماني للشؤون الخارجية ذلك في المقابلة مع صحيفة عمان. وقال بن علوي "نعم للسلطنة دور في عملية التقارب الغربي الإيراني كما ذكرت بعض وسائل الإعلام... وكان هدفنا من ذلك أن لا تقع مواجهة كبرى بين إيران والدول الغربية لأنها ستكون كارثية على المنطقة، وقد تواصل الدور مع الغربيين والإيرانيين على مر السنوات الماضية". وهي أول زيارة "ثنائية" يقوم بها روحاني إلى خارج إيران، إذ سبق ان زار نيويورك وبشكيك ودافوس للمشاركة في لقاءات دولية متعددة. وتسعى الدول الكبرى وإيران للتوصل إلى حل نهائي للملف النووي الإيراني بعد تحقيق اختراق في جنيف في "تشرين الثاني" نوفمبر. وإلى جانب الخلافات السياسية، أعربت دول الخليج عن قلقها مرارا حول محطة بوشهر النووية في إيران ومخاطر التلوث الاشعاعي في حال وقوع حادث أو زلزال قوي، بسبب موقع البلاد الجغرافي في منطقة تكثر فيها الهزات الأرضية. كما تؤكد الامارات سيادتها على ثلاث جزر تسيطر عليها إيران في الخليج منذ انسحاب البريطانيين في بداية سبعينيات القرن الماضي، هي أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى.