جاء خطاب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين اليوم الخميس أمام الجمعية الاتحادية- الجلسة المشتركة لمجلسي البرلمان الروسي- ليبرز عزم موسكو على استعادة قوة وجودها على الواجهة الدولية كقوة عظمى مجدداً، و ذلك على الرغم من كلمات خطابه التى حرص على ان تؤكد أن بلاده لا تسعى لأداء دور القوة العظمى قائلا : "لا نطمح للحصول على لقب القوة العظمى.. الذي يؤخذ على أنه تطلع للهيمنة عالميا وإقليميا". لكن رسائله التى تضمنها الخطاب عكست غير ذلك ، حيث بعث بوتين برسالة واضحة بان بلاده لن تسمح لأي دولة بأن تتفوق عليها من الناحية العسكرية ، و شدد على ان بعض الدول تعمل على تطوير أنواع جديدة من الأسلحة قد تقلب التوازن الاستراتيجي العالمي، ولكن روسيا تعرف كيفية مواجهتها. وقال الرئيس الروسى ان موسكو تراقب عن كثب تطوير أنواع جديدة من الأسلحة من جانب الدول الأخرى، بما في ذلك العائد الأسلحة النووية التكتيكية الصغيرة ،والصواريخ الاستراتيجية االتقليدية ، وأسلحة عالية الدقة تفوق سرعتها سرعة الصوت.. و ذلك فى اشارة للقلق الروسى بشان منظومة الضربة الصاعقة العالمية، التي تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بصياغتها في الوقت الراهن ، و هو ما يتفق مع ما نشرته صحيفة "كوميرسانت" الروسية اليوم الخميس ، حول توقعاتها بوجود عامل توتر جديد سيطغى على ملف العلاقات الروسية الأمريكية خلال الفترة القادمة نتيجة المنظومة العسكرية الامريكية الجديدة. الصحيفة قالت ان موسكو تبدي قلقا كبيرا من نشر هذه المنظومة ووضعها قيد الخدمة القتالية في القوات المسلحة الأمريكي ، خاصة و ان ما كشف عن هذه المنظومة يجعلها قادرة بدقة عالية جدا على إصابة أهدف محددة في نقاط بعيدة و متفرقة في العالم بعد أقل من ساعة فقط من اتخاذ القرار فى البيت الابيض بشأن ذلك. وأشارت "كوميرسانت" إلى أن الرئيس الامريكي باراك أوباما قد تطرق بشكل عابر إلى فكرة الضربة العالمية الصاعقة في رسالته، التي بعث بها إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أبريل الماضي. بوتين ايضا اشار فى خطابه لمخاطر الدرع الصاروخى الامريكى AMD الذى تسعى واشنطن لنشره في أوروبا ، قال بوتن " نحن ندرك بوضوح أن النظام الصاروخى الذى يطلق عليه دفاعي فقط، انما هو في الحقيقة جزء كبير من استراتيجية هجومية محتملة" ". و اشار بوتين الى ان هذا الدرع الصاروخى المزود بالوسائل التكنولوجية يمكن ان يحقق ما يسمى "بضربة قطع الرأس" و هجوم مفاجئ ضخم على عناصر البنية التحتية الرئيسية للأمة، بما في ذلك مواقع الصواريخ الاستراتيجية ، ومحاور الاتصال أو المباني الحكومية، وهى اهداف من الناحية النظرية تكفي لتجنب ضرر ضربة نووية انتقامية واسعة النطاق. و حذر بوتين قائلا بانه إذا ما تحققت كل تلك الخطط، فإن هذا قد يتسبب فى تأثير سلبي للغاية على الاستقرار الإقليمي والعالمي .. و هدد بوتن بان تراكم النظم الاستراتيجية التقليدية جنبا إلى جنب مع زيادة قدرات الدرع الصاروخى قد يلغي جميع الاتفاقات السابقة بشأن تحديد وخفض الأسلحة النووية الاستراتيجية وترجيح كفة التوازن الاستراتيجي للقوة . و ذلك فى اشارة الى معاهدة ستارت الجديدة، ومعاهدة تخفيض الأسلحة النووية الموقعة عام 2010 بين روسيا والولايات المتحدة، والتي يعتبرها الرئيس الامريكى باراك اوباما واحدة من الانتصارات الكبرى في سياسته الخارجية خلال فترة حكمه الأولى. وهى المعاهدة التى وقعت فى ظل الصراع المتنامى بين موسكو و واشنطن حول الجزء الأوروبي من نظام AMD. وبدلا من تسوية القضية، وافقا الجانبان على توقيع الاتفاقية على ان تتم مناقشة ازمة الدرع المضاد للصواريخ في وقت لاحق.. و يبدو انه نتيجه لعدم التوصل لحل وسط بشان الدرع الصاروخى ، اتخذت روسيا قرارا منفردا و من فترة ليست بالقصيرة ، باعلان سباقا للتسلح حتى لو كان من جانب واحد فى استراتيجية طويلة الامد لتطوير منظومة اسلحة الجيش الروسى .. و كانت الحكومة الروسية قد خصصت لبرنامج التحديث العسكري موازنة تقدر بنحو 700 مليار دولار لإنفاقها بحلول عام 2020. وخلال خطابه الاتحادى ، حرص بوتين على طمئنة اعضاء المجلس الاتحادى بان روسيا قادرة على الرد على كل التحديات، سواء السياسية والتكنولوجية. و لديها كل الإمكانات اللازمة لذلك مشيرا الى ان الجيش الروسي قد وضع الكثير من الموارد لتطوير صواريخ استراتيجية نووية جديدة فضلا عن نظم إطلاقها، بما في ذلك الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية والقاذفات الاستراتيجية.. واعلن الرئيس الروسي أنه وضع أيضا خططا لإنشاء نظام فضائي متكامل للاستطلاع العالمي و الاستهداف فى وقت التزامن الحقيقى، والذي من شأنه أن يحسن قدرة روسيا على استخدام ترسانتها النووية عبر منظومة حديثة من الاقمار الصناعية العسكرية المتطورة . كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية، خلال اجتماعه مع أركان وزارة الدفاع اول امس ، قد اعلن ان القوات المسلحة ستقوم بتحديث اكثر من 30% من اسلحتها خلال عام 2014 على ان تضم أكثر من 40 صاروخا بالستيا جديدا بعيد المدى ، وأكثر من 210 طائرة ومروحية وأكثر من 250 آلية مدرعة فضلا عن غواصتان جديدتان مخصصتان لإطلاق الصواريخ ، كما تنضم 6 أقمار صناعية جديدة إلى مجموعة الأقمار الصناعية العسكرية.... و كانت نسبة تحديث القوات المسلحة الروسية قد ازدادت العام الجاري إلى حد كبير، حيث بلغت تلك النسبة في القوات النووية الاستراتيجية 45%، وفي القوات البرية 21%، وفي سلاح الجو 42%، وفي سلاح البحرية 52%، وفي قوات الدفاع الجوي والفضائي 62%.